أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - كواليس: الغموض في المسرح














المزيد.....

كواليس: الغموض في المسرح


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 6967 - 2021 / 7 / 23 - 13:50
المحور: الادب والفن
    


البساطة والاختزال والوضوح من مبادئ الإبداع في الفن- والفن المسرحي بالذات، فالتعقيد يربك ويشوش ويتوه، والاختزال يزيل التفاصيل المؤثرة وغير المهمة ، ومحيطه ومحفزه الخيال ، الوضوح يوصل الى الهدف ويدعو الى تركيز الانتباه ولكن الوضوح لا يعني النضح أو الكشف المباشر، وعندما ركزت السيميوطيا على الدال والمدلول فانها دخلت من باب الوضوح.
أولئك الذين دعوا إلى الغموض في الشكل الفني إنما قلة لم تهيمن على الساحة الفنية- المسرحية بقدر هيمنة أصحاب الوضوح، واعداء الغموض، الغموض يمنع التأمل والتأويل، والتأويل من دواعي التمتع بالعمل الإبداعي، وبقدر ما يعطل الوضوح المفضوح عملية التأويل بقدر ما يعطلها التهويم والغموض.
الثرثرة في العمل الفني تخرب البساطة والاختزال والوضوح والثرثرة تدعو الى الملل والى التكرار والى الجمود والى الموت والعمل الإبداعي يرفضها كلها لأنه قرين بالتجديد والتنويع والابتكار.
ولا أريد أن أقع في فخ الثرثرة وأدخل في الموضوع مباشرة، شاهدت قبل أيام عرضين مسرحيين الأول لكاتبة ومخرجة متمرسة، والثاني لكاتب ناشئ ومتجدد ومخرج ناشئ ومتجدد، وفي كلا العرضين بقدر ما وجدت من جوانب ايجابية إبداعية بقدر ما وجدت فيهما من الجوانب السلبية التي تخرب الإبداع وأولى تلك السلبيات هي الثرثرة، في العرض الأول بدت الثرثرة في تكرار الصراخ لدى الممثلات علماً أن صالة المتفرجين صغيرة ولا تدعو الى الصراخ بل الى تشديد المشاعر، وبدت الثرثرة أيضاً في استخدام ممثلتين بارعتين لقطع القماش الملون حيث تكرر تعاملهما السطحي معها ، إذ خلا من أية دلالات-علامات والمسرح شبكة علامات، وبدت الثرثرة كذلك في استخدام قطع قماش ملونة علقت في فضاء المسرح ومن غير دلالة ما وكذلك في الشباك المكسور الذي علق على الجدار الخلفي للمسرح وباللون الأبيض الذي سحب انتباه الجمهور عن أداء الممثلات في كثير من الأحيان وكنت أتساءل لو رفعت المخرجة ذلك الديكور هل سيؤثر ذلك الرفع على العرض؟
وأتساءل أيضاً لو رفع ذلك الديكور ألم يكن ذلك أفضل لجر انتباه المتفرجين الى الممثلات المبدعات؟
في العرض الثاني كانت الثرثرة قتالة ابتداءً من ثرثرة النص الذي كان المؤلف فيه يقفز من موضوعة الى أخرى من غير تبرير ومن غير بلاغة، فمن الآيات القرآنية الكريمة التي طفح بها الكيل الذي حملته إحدى الممثلات المتفانيات الى الكلام اليومي الذي يتداوله عامة الناس في الشارع وفي المقهى وفي البيت، الى شعارت سياسية قصد منها استجداء عواطف السذّج الى الجمل البذيئة الخالية من الحشمة والتي غالباً ما يستخدمها العاملون في المسرح التجاري.
وكلها أثارت التصفيق المتكرر من بعض الحاضرين من الجمهور الذي اقتبسوا هذه العادة من المسرح التجاري المصري.
وتكررت الثرثرة في تكرار موضوعات من الحياة اليومية تطفو على السطح ولا تغور في أعماق العقول والنفوس وربما استخدمت للتنفيس، وكانت الثرثرة واضحة في البيئة المسرحية ومفردات المنظر التي استخدمت أحياناً كدوال لمدلولات مفضوحة كالسلاسل المدلاة من سقف المسرح والكرات الحديدية ولكن الثرثرة في استخدامها أضاع مدلولاتها أحياناً، ولعل أكبر ثرثرة تميز فيها منظر هذا العرض الذي قصد به أن يكون عرضاً لمسرح ما بعد الحداثة، وظهرت في ممرين عبارة عن جسرين امتد احدهما من يسار فتحة (البروسينيوم) الى خشبة المسرح وامتد الثاني من خشبة المسرح الجدار الخلفي من صالة المتفرجين وكلاهما، مع كلفتهما المالية العالية، لم يستخدما إلا مرتين للممر الأول ومرة واحدة للممر الثاني وكأن ليس هناك من وسيلة أو حيلة مسرحية أخرى لإظهار الصعود الى السماء غير بناء ذلك الجسر الطويل الممتد على طول صالة الجمهور.
نعم أراد المخرج أن يستخدمه دالاً لمدلول عظيم ولكن الثرثرة في طوله أفقدته قيمته الدلالية.لقد وقع (المخرج) في فخ الثرثرة ولولا ذلك ولو اختزل عرضه سمعياً وبصرياً ولو أزال عدم الانسجام بين الموضوعات الشعبية المتداولة والبيئة التجريدية والتقنية غير المألوفة لحقق ما كان يبغي اليه من تقديم نموذج مثالي لمسرح ما بعد الحداثة الذي يعتمد بالدرجة الأولى على العلامة الموجبة وليس على الأيقونية المفضوحة كما فعل مع الكرات الحديدية التي بذّر في استخدامها.

ويبقى التساؤل قائماً: هل سيبلور هذا النوع من المسرح جمهوراً متذوقاً أوسع مما يحفز هذه الأيام لمشاهدة عروض المسرح.



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كواليس: لا تجريب بدون تقليد ولا تجريب بدون تجديد !
- كواليس: مفهوم (المسرح التجريبي)
- المؤامره الحقيقيه
- لوعلموا... مافعلوا
- يقطع النت علي النتيت علي تويتر علي الفيس ابصر ايه
- تقاسيم (يوسف العاني) المسرحية!
- تطور الظاهرة الاخراجية في المسرح العراقي
- غياب المسرحية الموسيقية!
- فشل مستمر في إضاءة المسرحيات في العراق
- التعبير والتعبيرية في الفن المسرحي
- وتبقى (الدراما) هي الأساس!
- ماذا على الإدارة الجديدة للسينما والمسرح أن تعمل
- المسرح والتداخل الثقافي بين الأمم!
- الديمقراطية والمسرح الإغريقي القديم
- الرمز والترميز والرمزية في المسرح
- لنتذكر (بدري حسون فريد)
- المسرح الكردي و علاقته بالمسرح العراقي
- بدايات المسرح الحديث
- قاسم محمد التجديد في المسرحية الشعبية
- جعفر السعدي .. مسيرة حافلة بالتألق


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - كواليس: الغموض في المسرح