أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - وداع بالحبر السري














المزيد.....

وداع بالحبر السري


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6957 - 2021 / 7 / 13 - 23:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الى خالدة جرار وجارتنا أم حسن
بين الأم والقضبان مسافات من العشق الممنوع، بين الأم والقضبان وطناً يزهر فوق أصابع الخوف وبقايا حنين إلى احتضان الأبناء ، لا أحد يراقب مراكب الاشتياق، لأن السجان قد سرق كل شيء ولم يترك سوى تنهدات أم تدوس على أنفاس الذين قرورا حرمانها من رؤية وجه ابنتها قبل دفنه في تراب الوطن .
تتبعنا بألم وحزن عميق الأم المقاومة الفلسطينية " خالدة جرار " السجينة في سجن الدامون والتي توفيت ابنتها " سهى " وهي بعيدة عنها، ولم تستطع الأم حضور جنازتها بعد أن رفضت السلطات الإسرائيلية بصلف وعنجهية بعيدة عن الإنسانية طلب المشاركة في الوداع الأخير ، ولم تجد الأم الثكلى أمامها إلا أن تحضر عبر أكليل من الورد كان في مقدمة الجنازة ، كتب عليه " حرموني وداعك بقبلة أودعك بوردة " .
في زمن صناديق السياسيين الفارغة والانتقام المصاب بلوثة العنصرية والصهيونية ، تصبح الوردة الطريق والجسر الذي يحمل صرخات القلب المصاب بالهذيان.
الأم " خالدة جرار " التي تنزف وجعاً من بعيد ، تذكرنا بأمهات عشن متلاصقات بوجوه أبنائهن وهن يعرفن أن أبنائهن دفعوا أعمارهم من أجل الوطن، وقبورهم غير معروفة ، وإذا كانت " مقابر الأرقام " سيئة الصيت في إسرائيل تحوي مئات الجثث للأبناء والأزواج والأخوة والأصدقاء لا تحمل الأسماء بل تحولت الى ارقام تتنزه في أجواء سياسية مقيتة ، هناك في المقابل ، في زوايا النسيان تقبع الأمهات والأخوات والزوجات يمضغن حزن الغياب .
حزن الأم " خالدة جرار " يذكرني بالشاب "حسن " الذي أراد أن يرى والدته فهو الأبن الوحيد لها وقد جاء متسللاً من لبنان بعد النكبة ، أراد العودة إلى قريته ، لكن غرق كما كانت تقول " أمي " بنهر المقطع- يعرف بنهر حيفا يجري شرقي جنين في الضفة الغربية - ولم يعرفه أحد عندما طفت جثته، وقد قامت إسرائيل بتسليمه للجيش اللبناني بعد ذلك ولم تعرف الأم بوفاته إلا بعد عدة سنوات، ودائماً كانت حسرتها تنطلق بآهاتها النارية، تردد " لو حضنته ، لو شميت ريحته ، لو أعرف قبره " ورغم موت أم حسن لكن ما زالت آهاتها تدق ذاكرتي بإيقاع الأمومي الحزين .
كل بيت في فلسطين له حكاية مع موت الغربة ، موت الشتات ، الموت بعيداً عن الأهل ، موت الأمهات والآباء والأخوة والأبناء في السجون أسرى الحرية ، وتكون أول زيارة للأبناء عندما يطلق سراحهم الهرولة إلى المقابر كي يبكون بحرية، بعد أن كان شعارهم التماسك أمام السجان .
كثيرة هي الحكايات مع الموت البعيد، الذي يتحول الى قبضة حزن تعصر القلب ولا تجد ملاذاً سوى الدموع وفتح دفاتر الذكريات .
الأم الفلسطينية قضت عمرها وهي تتعارك مع الأقدار التي تحرمها من الهدوء والاطمئنان ، وكلما حاولت وضع رأسها على ركبة الأبن وتراه بعين الأمومة كبيراً ، ناضجاً قوياً ، تركلها الأحداث وتعيدها الى فقدان الأبن و وجع الأمومة .
الأم" خالدة جرار " تعيد للأمومة الوجع المبطن بكاتم الصوت ، وحتى تبقى قوية أمام جلادها تتغطى بثياب الثبات، مثلها مثل جميع الأمهات الفلسطينيات يزغردن ويقمن بالغناء عندما يستشهدن الأبناء ، ولكن قلائل هم من يعرفون أنهن – أي الأمهات - يكتبن عذابهن بالحبر السري حتى لا يراه الأعداء ويشمتوا بهن .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويعود حزيران
- المذاق الذي أصبح رخيصاً
- اغتصاب الرحم ومخالب المستوطنين
- العشماوي وجارتنا أم اسحاق
- امرأة شهر آذار
- ابن الحارة الذي اصبح مخرجا سينمائيا في هوليود
- في شهر المرأة .. شهر آذار أنحني تقديساً لأم أحمد جرار
- في شهر آذار من يتذكر يارا وأطوار
- البن والجرح العميق -
- عزت العلايلي في الطريق ايلات
- نبض المكان وحرير الذكريات
- لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك
- البحر لنا والشاطىء لنا
- الأنوثة تباع بالكيلو في الأسواق العربية
- ام كلثوم غني لشوارع التطبيع
- الجماجم ليست للغفران
- زمن فهد الكورونا
- في زمن حسن شاكوش
- الوجه الآخر الذي عرفته وداعاً للنجمة نادية لطفي
- نعمة تعانق جثة القانون واسراء عانق جثة النسيان


المزيد.....




- في نطاق 7 بنايات وطريق محدد للمطار.. مصدر لـCNN: أمريكا ستقي ...
- المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يستقيل ويعتبر أن -ل ...
- لجنة أممية تتهم إسرائيل بعرقلة تحقيقها في هجمات 7 أكتوبر
- فيديو: -اشتقتُ لك كثيرًا يا بابا-... عائلات فلسطينية غزة تبح ...
- برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
- رئيسي: ردنا المقبل سيكون أقوى وأوسع
- نتنياهو: حرب غزة جزء من تهديد إيرن
- -حزب الله- يستهدف مقرات قيادة ومراقبة جوية للجيش الإسرائيلي ...
- الجيش الأردني يكثف طلعاته الجوية
- مناورات تركية أمريكية مشتركة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - وداع بالحبر السري