أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح المشعل - توارث الجريمة السياسية - الثقافية .














المزيد.....

توارث الجريمة السياسية - الثقافية .


فلاح المشعل

الحوار المتمدن-العدد: 6907 - 2021 / 5 / 23 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكبر جريمة سياسية _ ثقافية ارتكبها حزب البعث خلال 35 سنة من حكمه للعراق جاءت بمنع أي نشاط سياسي خارج نطاق الحزب الحاكم ، ولم يكتف بقرارات المنع وحسب ، بل يتعرض للإعدام إذا تورط الفرد بالانتماء لأية جهة سياسية معادية للحزب والثورة ، وبحسب رؤية سلطة البعث فأن الجميع كانوا اعداءً للحزب والثورة، عدا المنتمين لحزب البعث !
أي ليس أعداء ً للوطن العراق، وإنما للحزب والثورة وتلك إشارة إنسلاخ عما هو وطني وتكثيف وجود الوطن بالحزب والثورة، وبهذا يكون الفكر البعثي (ودون قصد) متطابقا للفكر الاسلاموي الذي يختصر فكرة الوطن بالعقيدة في تمثل لفاشية الفكر والرؤيا .
منع وتجريم وجود تشكيلات سياسية من الاحزاب الوطنية الليبرالية والديمقراطية واليسارية ترافقت معه قرارات استلاب كامل للثقافة والتنوع الثقافي والأدبي والفني، ومن يخرج عن تلك التوجهات والأوامر التي تدفع بها المكاتب الحزبية للبعث بكونها قوانين لحماية الحزب والثورة وتأكيد سلطتهما على العراق . ومن يعارض هذه الوصايا فأنه يضع نفسه بموضع المتآمر ويلقى عقوبات أيسرها ايداع السجون أو التغييب القسري في قرارات إعدام سرية أو علنية.
كانت السياقات صارمة لدوائر الاعلام ومؤسسات الثقافة والأدب والفن، كما أنيطت مهمة الاشراف والمراقبة على عملها لمديرية الأمن العامة وأقسامها المخصصة لمراقبة ماينشر وكذلك عمل ونشاط المنتسبين وتشمل حتى البعثيين، كما كانت تلقى تعاون العديد من العاملين في هذه الدوائر عبر تقاريرهم ضد زملائهم في أجواء من الخوف وشيوع ظاهرة إنفصام الشخصية المهنية والثقافية .
لم يدر بخلد قادة الحزب والسلطة بالعراق، كيف سيكون الوضع بالعراق في حال سقطت سلطة حزب البعث، والاحتمال كان قائما منذ دخول العراق الحرب مع ايران عام 1980 ؟
مَنْ سيكون البديل، وما هو مآل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية التي انغلقت على تدرجات الانتماء للبعث ؟
فاشية الفكر القومي لسلطة الحزب _ الفرد التي تكرست بوضوح تام بعد عام 1979 ، وهيمنتها على مقاليد البلاد بإقصاء المواطنية التي يمتاز بها من هو خارج البعث ، ترك فراغا كبيرا لم تنظر له سلطة البعث جراء نظرتها العمياء المتأتية من الانفراد بالحكم ومعاداة ماسواها ، وقمع الافكار الديمقراطية والثقافة التقدمية بتنويعاتها الفلسفية والفكرية وتراكمات منتوجاتها الادبية والسياسية والنقدية الحديثة ، الأمر الذي أتاح لهواء المذاهب الدينية أن تتلاعب بأجواء وأمزجة الناس وتنمو بشحن طائفي تدريجي ، فكان غاطس المشهد السياسي العراقي في تسعينات القرن الماضي يشهد تفاعلا ً غير مسبوق في تشكيل نواتات من ولاءات طائفية معارضة لكنها مستترة بغطاء اسلامي كونه المسموح الوحيد والمدجن سلطويا .
سقوط نظام صدام كشف عن فراغ هائل وتخلف ثقافي _ اجتماعي ينوء بحمل ثلاثون عاما من الممنوعات وأوامر الاقصاء والاعدام لأية توجهات مغايرة للبعث، وفتح الآفاق لإطلاق المكنونات الطائفية والهويات الفرعية أن تنشط بردة فعل متعصبة، في ظل غياب الثقافة الوطنية الحرة والمؤسسات الفكرية المستقلة، إنطلاق العصف الهوياتي والطوائفي استثمر على نحو جيد من ثعالب الاحزاب التي تشكلت خارج البلاد وفق تصميم الهويات الفرعية وتوجيهات الدول الراعية لها ، كما شرع الابواب لتوافد ثقافة العنف والكراهية وجميع انواع السلوكيات المرضية الشاذة التي هشمت البنية الاجتماعية وشوهت التقاليد الاخلاقية للمجتمع العراقي بعد احتجار بعثوي _ صدامي استمر ل 35 عاما .
الجريمة السياسية _ الثقافية التي ارتكبتها حكومة البعث في ثلاثة عقود ونصف أجدها تتكرر منذ أن ترسخت الاحزاب في السلطة وعلى نحو أسوأ مما كانت في زمن البعث الصدامي، فصار الاقصاء ديدن كل حزب يمتلك الوزارة أو الهيئة أو الدائرة ويصبغها بلون حزبه ويكرس مواردها المالية والبشرية لحزبه وعشيرته ، ويحارب كل مستقل أو من يقف خارج حزبه أوينتمي لحزب آخر .
الشيء الآخر المهم جدا هو موت الثقافة المعلن وفق تابوات الاحزاب الاسلاموية المتشددة وتمسكها بموروثها المذهبي والطائفي ومنع مايغايره ، لهذا أصبح من الشائع منظر غلق المسارح وتحول دور السينما الى مخازن للبضائع وتحريم حفلات الموسيقى والغناء في المدن التي كانت أول منتج لها بالتاريخ .
تساوقا مع ماتقدم فأن اجواء المدن في العراق - عدا كردستان - صارت تخالطها روائح البارود، وتنام على إيقاع الرصاص وغرائز الدكة العشائرية ولغة المليشيات وإنفتاح حدود النهب حسب مقادير القوة والسلاح والميليشيا التي تمثلها، مدن العراق تعيش إنقلابا ثقافيا خطير ا وتخلفا كارثيا ً لايعيدها لزمن ماقبل الدولة وحسب، بل لعصر الكهوف والتوحش والجريمة وسقوط حدود الحلال والحرام وانتهاك ماتبقى من روح مدنية أو آثار لحضارة وقانون وحرمات ، مايجعل العراق يخرج من مقاييس ومؤشرات الحياة لدول العالم .
[email protected]



#فلاح_المشعل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهتاف للسلطة بكونه عبودية مستدامة .
- ايران وضريبة النووي .
- أزمة الناصرية .. أزمة العراق . ح٢
- أزمة الناصرية ..أزمة العراق .
- الأزمة المستمرة .
- العراق .. حلم الديمقراطية وواقع الاستبداد .
- زيارة امريكا .. كيفية استثمارها ؟
- نظام فاسد ..أمن فاسد !
- العراق ..اللادولة .
- مجلس نواب أم مجلس نهّاب ...؟
- الاستعراض والمظاهرات والمخاوف ...!
- دموع الكرادة والكامن الشيعي ...!
- رسائل الصدر الصريحة ، عراق مابعد داعش ....!
- مؤتمر باريس ، أهو مقدمة للتغيير ...؟
- العراق مابعد داعش ؛ نظام أم انتقام ...؟
- اعتصام النواب ، خداع ديمقراطي ..!
- مشروع إسلامي، أم قتل العراق ...؟
- التكنوقراط والخلل السياسي البنيوي ....!
- لماذا تركتنا بالصحراء يازهير ....؟
- اليساري أو الاسلامي في المخاض العراقي .....!


المزيد.....




- تورطت بعدة حوادث مرورية ودهس قدم عامل.. شاهد مصير سائقة رفضت ...
- مؤثرة لياقة بدنية في دبي تكشف كيف يبدو يوم في حياتها
- مصر.. اكتشاف أطلال استراحة ملكية محصّنة تعود لعهد الملك تحتم ...
- شي جين بينغ يصل إلى صربيا في زيارة دولة تزامنا مع ذكرى قصف ا ...
- مقاتلة سوفيتية -خشبية- من زمن الحرب الوطنية العظمى تحلق في ع ...
- سلالة -كوفيد- جديدة -يصعب إيقافها- تثير المخاوف
- الناخبون في مقدونيا الشمالية يصوتون في الانتخابات البرلمانية ...
- قوات مشتركة في الفلبين تغرق سفينة خلال تدريبات عسكرية في بحر ...
- مسؤول: واشنطن تعلق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب رفح
- وسائل إعلام: الاتحاد الأوروبي قد يفرض عقوبات على ممثل أمريكي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح المشعل - توارث الجريمة السياسية - الثقافية .