أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالله محمد ابو شحاتة - ازدواجية النسوية في العالم العربي















المزيد.....

ازدواجية النسوية في العالم العربي


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6897 - 2021 / 5 / 13 - 08:22
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لا شك أن جرائم الشرف وما شابهها من تجاوزات في حق المرأة هي من الآفات المجتمعية التي يجب أن يضيق بها أي مجتمع حديث، ولكن علينا كذلك حينما نعالج تلك الظواهر أن نبحثها من كافة الوجوه وبشكل علمي، وهو ما تفتقر له النسوية العربية، فالنسوية العربية تفتقر كثيراً للنظرة العلمية السيسيولوجية كما تفتقر للحيادية العلمية، وتعالج الأمور دائماً وفقًا لنظرة أحادية تفتقر للموضوعية. ونرى هذا الأمر جلي في الخطاب الطفولي المزعج الذي يصور المرأة العربية والرجل العربي كطرفي صراع، أما الواقع العلمي فلا يعرف تلك السذاجة، فالأمر في إطاره الصحيح هو صراع ثقافي بين قيم ثقافية متعارضة، والصراعات الثقافية تخص المجتمع بأسره وقضاياها ليس لها علاقة بالنوع والجنس؛ فضلاً عن أن تلك الصراعات لا تتجزأ؛ فصراع المساواة وحقوق المرأة مرتبط بطبيعة الحال بصراع العلمانية والدولة الدينية وبصراع الحرية الفردية والحداثة مقابل سطوة العرف والتقاليد، فالمقصود هنا أن الصراع الثقافي صراع شامل ومترابط وعملية التغير الثقافي هي عملية مجتمعية تخص الرجال والنساء.
ومن هنا يظهر لنا تهافت هذا الخطاب النسوي الذي يضع الرجل كمسؤول عن انتهاك حقوق المرأة، متغافلاً عن أن الهدر قادم من أنماط ثقافية تخص المجتمع ككل بنسائه ورجاله؛ وبتحليل اجتماعي بسيط بعيداً عن التحيز الصبياني سنجد أن المرأة لها نصيب لا يقل بأي شكل من الأشكال عن نصيب الرجل في سيادة تلك الأنماط التقليدية المُحافظة، فمثلاً في الريف المصري ستجد أن الختان مُبَاركاً من قبل الأمهات والجدات أكثر نظائرهم من الآباء والأجداد، وهذا الأمر معروف لكل باحث اجتماعي أجرى بحثاً أو استبياناً حول هذا الموضوع، مما يجعل إعفاء المرأة من مسؤولية تلك الممارسات وإلصاقها بالرجال أمراً في غاية الغرابة. ولا أبالغ إذا قلت أن المرأة تلعب دوراً في غرس تلك القيم الثقافية الرجعية أكثر من الرجل، فلا أشك عندي في أن الأم لها أثر تربوي على أبنائها من الذكور والإناث أكبر الأب، ومن الملاحظات المهمة أيضاً أن أغلب المسؤولين عن مراحل رياض الأطفال والمرحلة الإبتدائية في مصر وبعض الدول العربية هم عادة من النساء، أي أن الطفل من سن رياض الأطفال وحتى سن أثنى عشر عاماً يتلقى تعليمه الرسمي في الغالب على يد نساء، ما يدعم رأيي السابق في أن للمرأة في بعض المجتمعات العربية دوراً في التربية والتنميط الثقافي أكبر من دور الرجل. فإني أتذكر على سبيل المثال أني حتى نهاية المرحلة الإبتدائية لم اتلقى تعليماً إلا على يد نساء، وأتذكر أيضاً أن معظمهم كان من فئة (الناس اللطفاء ) التي تحدث عنهم راسل ساخراً في مقالته المُعنونة بذات الاسم، أي أنهم من الأمهات التقليديات إلي أبعد الحدود أو النساء اللاتي لم يسبق لهن الزواج والذين يعانون من اختلال نفسي ناتج عن تنميط المجتمع لهم بقالب ( العنوسة)، وقد أدت تلك الفئات في الواقع دورها على أكمل وجه في الزود عن كافة القيم الرجعية والتنميط الثقافي للأطفال ، و لا داعي كذلك لذكر ما اتسم به سلوكهم من سادية مُبالغ فيها خلقت عندي عقده من المدارس الرسمية رافقتني حتى إنهائي لمراحل التعليم بأكملها تمثلت في تعمدي الغياب المتكرر طوال مراحل الإعدادية والثانوية ولم تنكشح تقريباً إلا مع دخولي للجامعة.

وبعد أن شرحنا كيف أن الأمر متعلق بصراع ثقافي وليس صراع جنسين كما تتصوره بعض النسويات وحتى بعض خصوم الحركات النسوية بشكل كوميدي، علينا أن نتقصى كذلك الأصل الثقافي لتلك الأنماط الثقافية، فماذا يعني على سبيل المثال الشرف الأنثوي أو مفهوم الشرف الشرقي الشهير ؟ وما هو أصله ؟ وهل هو بالفعل أمراً تم فرضه على النساء عنوة أم أنه نمط ثقافي ناتج في أساسه عن تبادل اجتماعي أو عقد غير مكتوب !؟ ولا أجد في الحقيقة إجابة لتلك التساؤلات أفضل من إجابة شوبينهاور في بحثه عن مفاهيم الشرف في كتابه " فن العيش الحكيم". فالشرف الأنثوي عنده هو بمثابة عقد غير مكتوب بين المرأة والرجل، يعمل الرجل ويكد وينفق على المرأة وفي المقابل يتملك المرأة جنسياً بشكل حصري، وتصبح وفقاً لذلك أي علاقة برجل غريب هي بمثابة خيانة للرجل المسؤول عنها. أي أن حق السلطة للرجل على حياة المرأة الجنسية لم ينشأ في أساسه كحق تعسفي كما تتصور بعض النسويات؛ بل هو في الواقع مبادلة اجتماعية، ومن المعروف لدى مختصي الأنثربيولوجيا أن المجتمعات البدائية التي كانت تشارك المرأة بها في العمل لم تعرف تلك الأشكال المتطرفة لمفاهيم الشرف.
ومن التقرير السابق يتضح لنا أن استقلالية المرأة القانونية والفكرية والجنسية مشروطة لا محالة باستقلالها المالي، وهو ما يدفع بعض النساء ممن يعشقن التبطل ولا يحبذن فكرة العمل على الدفاع عن مفاهيم الشرف، وهذا لكونهم داخل لاوعيهن الجمعي يعلمن أن انهيارها يعني انهيار مبادئ وجوب كفالة الرجل للمرأة، والكثيرات منهم على غير استعداد للتنازل عن أماني الفارس الذي يغدق عليها الذهب والفضة ويخطفها على الحصان الأبيض أو ربما الBMW حتى نكون أكثر دقة.

فمن الأخطاء التي تقع فيها النسوية العربية هو إغفالها عن غير فهم وأحياناً عن تحيز لتلك العملية التبادلية، مما يجعل الرجل العربي موضوعاً في إطار غريب وفقاً لهذا الفهم، فهو من جهة مطالب بالتنازل لصالح المرأة عن حقوقه التي أقرها العرف الاجتماعي، ومن جهة أخرى فهو لايزال مطالب أمام المرأة بالوجبات المقررة وفقاً لذات العرف؛ أي أنه مطالب في الغالب بالتنازل من طرف واحد، وهذا الأمر بالطبع على درجة كبيرة من اللامعقولية؛ ففض الالتزام يجب أن يكون من الطرفين وليس من طرف دون الآخر.
فالخطأ الشائع الذي يقع فيه الخطاب النسوي العربي هو رؤيته للواقع من منظور أحادي، فستجده مثلا يتحدث عن الظلم المالي الذي تتعرض له المرأة بموجب القانون في مسألة الإرث، فالقانون يعامل المرأة كناقصة للأهلية المالية وبناءً عليه يعطيها نصف حصة الرجل من الميراث، ولكنهم في نفس الوقت يتغافلون عن أن ذات القانون وبناءً على ذات المبدأ ( أي نقص أهلية المرأة المالية ) فإنه يعطيها حقوقاً مالية على درجة بالغة من التميز؛ فالقانون المصري على سبيل المثال يعطي المرأة حق طلب النفقة قانونياً من أقرب ذكر لها في العائلة، كما يعطيها أيضاً حق وراثة معاش الأب بعد وفاته في حال كانت غير متزوجة، وهي ميزات مالية كبيرة جداً تتفرد بها المرأة دون الرجل، فمن المنطقي هنا أن المساواة في الإرث يجب أن يرافقها إلغاء كامل لتلك القوانين مادمنا سنعامل المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الجانب المالي.
ولكن من الغريب أن تجد كثيراً من صاحبات الخطاب النسوي متمسكات بحقهن في المساواة فيما يخص الحقوق فقط دون الواجبات، فهي نسوية جداً.. ولكن فقط إلى أن يحين وقت دفع الحساب أو تحصيل الفواتير، فوقتها سترى أنه من المفترض أن تُحاسب عنها فقط لكونك ذكر، ولقد تعرضت كثيراً وبشكل شخصي لمواقف مشابهة من تلك الفئة. فعلى تلك الفئات أخيراً أن تتوقف عن مغالطة التفكير الأحادي الجانب.

وفي النهاية وقبل أن تُفهم تلك المقالة بشكل خاطئ، خاصة وأن أننا كعرب لنا باع في تحميل الآراء ما لا تحتمل، فإني أوضح أني مؤيد قلباً وقالباً للمساواة بين الرجل والمرأة، وأن ما أقوله هنا هو على سبيل النقد الذاتي الذي يجب أن يقوم به أي فكر أراد إن يُكتب له يوماً ما النجاح.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معالجة التأثيرات الثقافية بين الميتافيزيقيا والعلم
- النظرة الطوباوية للفتوح الإسلامية ووقائع الصراعات الداخلية ! ...
- الملكية الرأسمالية المقدسة.
- الخلط بين الداء والدواء.
- ضد الجلادين
- ماركوس أوريليوس، مُعالجاً للمجتمعات العربية
- الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية
- التطور السيسيولوجي للإله الابراهيمي
- آفة المجتمعات المنحطة
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني
- ضد نيتشه
- العدمي المنحط
- الإباحية الحلال
- لتتحرر الأخلاق كما تحرر العلم
- انحطاط الأخلاق العربية
- انحطاط الفن
- هل يريد العرب التقدم للأمام ؟
- نيتشه الجينالوجي
- التفكير الزائف لدى القطعان
- سيكولوجية العبيد


المزيد.....




- بعد أيام من وفاة امرأة في حادث مماثل.. دبّ يصيب 5 أشخاص في ...
- أرقام صادمة.. 63 امرأة يُقتلن في كل يوم تستمر فيه الحرب بغزة ...
- منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2024 أهم الشروط وخطوات ...
- المرأة المغربية في الخارج تحصل على حق استخراج جواز سفر لأبنا ...
- الشريعة والحياة في رمضان- الأسرة المسلمة في الغرب.. بين الان ...
- مصر.. امرأة تقتل زوجها خلال إعدادها مائدة إفطار رمضان
- الإنترنت -الخيار الوحيد- لمواصلة تعليم الفتيات في أفغانستان ...
- لماذا يقع على عاتق النساء عبء -الجهد العاطفي- في العمل؟
- اختبار الحمض النووي لامرأة يكشف أن أسلافها -كلاب-!
- تزامنا مع تداول فيديو ظهور سيدة -شبه عارية-.. الأمن السعودي ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالله محمد ابو شحاتة - ازدواجية النسوية في العالم العربي