أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - نيتشه الجينالوجي














المزيد.....

نيتشه الجينالوجي


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6835 - 2021 / 3 / 8 - 03:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك أن نيتشه قد قرأ كتاب شوبينهاور "فن أن تكون دائماً على صواب"، أنه يجيد خدعة تمرير ما يقدم فرضياته كما لو كانت حقائق مثبته، فتترسخ بذلك كحقائق في ذهن القارئ لا كفرضيات. تلك الثقة النيتشاوية الكبيرة الموضوعة في عنوان" جينيالوجيا الأخلاق". نيتشه الجينالوجي الذي ظن أنه قد أدرك أصول الأخلاق. وكذلك هو يخبرنا في هذا الكتاب وما سبقه وما تلاه أن أخلاق المسيحية كلها فاسدة بلا استثناء، وهي مبالغة بلا شك . فالأخلاق المسيحية أستطيع ان اقول انها خليط من الغث والثمين، وإن كان الغث هو الغالب بطبيعة الحال. ولكن المفاجأة الكبرى والانحراف النيتشاوي الغريب جاء في محاولة تفسير أصول تلك الأخلاقيات بأنها من صنع الضعفاء، بأنها ردة فعل حاقدة من الضعفاء ضد الأخلاق الأرستقراطية، هذا التفسير الذي لا أعرف كيف تفتق عنه عقل نيتشه، ذاك التفسير الذي فشل نيتشه في إعطاء أي دليل عليه في كل كتاباته، أنه فقط يكتفي بعرضه، أو على أقصى تقدير يلجأ لعلم اللسانيات فيقتبس كلمة من هنا وكلمة من هناك ليقول أن أصول الكلمات التي تدل على الضعيف والعامي والبسيط متشابها مع تلك التي تأتي بمعنى "شرير أو فاسد " ليبين أن أصل الأخلاق أرستقراطياً، ولا بد أن العامة قلبوها لتصبح كلمة شرير تعني أرستقراطيا مُتفرداً وقوياً. إن نيتشه يتعامل مع الأخلاق كما لو كانت مجرد مفاهيم، ولكن الأخلاق عملية بالأساس، ولفهم أصولها علينا بالنظر للجانب العملي لا عن طريق فقط عرض لمفاهيم مجردة ومصطلحات لغوية. ولهذا فبالنظر العملي على جينيالوجيا الأخلاق يظهر امامي تهافت الادعاءات النيتشاوية. أخلاق الضعف والتساهل والاستسلام ومن لطمك على خدك الأيمن حول له الأيسر، هي اخلاق صنعها الضعفاء حقداً على الأقوياء والارستقراطيين وذوي السلطة، هذا ادعاء سخيف بل إنه بالغ السخافة، فأي انتقام هذا الذي يصب في صالح المُنتقم منه ؟ . العقل العملي يقول حين تُريد أن تعرف المصدر أنظر لصاحب المصلحة، وصاحب المصلحة في تلك الأخلاقيات ليس سوى الأرستقراطي كما تصور ماركس بنظرته العملية، فلا يوجد ما يخدم مصالحه أكثر من صبر الضعفاء ورعونتهم، إنه لا يريد أكثر من أن يلطمهم على خدهم الأيمن فيحولوا له الأيسر، وليوصف حينها بالشرير فليس هذا بذي أهمية لديه، إنها مجرد شعارات فارغة. فالأخلاق المسيحية لا يمكن أن تكون سوى وليدة الأرستقراطية والطبقات المسيطرة وليس العكس، فهل كان رجل الدين يوماً حليفاً سوى لمن يملك القوة سواء أكان اقطاعي أو رأسمالي، و هل تحالف يوماً ما مع الضعفاء ! . لقد عاد نيتشه بالتاريخ ليخبرنا أن المسيحية استمدت أصولها من اليهود الضعفاء والمُهانين ولذلك فأخلاقيتها هي اخلاق الضعفاء، ولكن بنظرة فاحصة أكثر يمكننا أن نرى المسيحية كوليدة الإمبراطورية الرومانية، كوليدة للرواقية فلسفة الملوك والقادة ( ماركوس أوريليوس، سينيكا...). نراها وقد أعلاها ودعمها وتبناها قسطنطين الذي لم يكن يعلي فيها سوى مصالحه السياسية على ما يبدو. وهكذا تُبين لنا النظرة التاريخية والنظرة العملية الواقعية كون اصل أخلاق الضعف لا يمكن أن يكون سوى أرستقراطي المنشأ، سلطوي المنشأ، نراه جيداً في تزاوج رجال الدين ورجال السلطة. ولا شك أن لماركس السبق على نيتشه في سبر أغوار البناء الأخلاقي والقيمي ورده الى منبته الحقيقي الطبقي. لقد أراد نيتشه بنزعة أرستقراطية ساذجة أن يلقي بكل انحطاطات البشرية على كاهل الطبقات الضعيفة والدنيا، فقلبهم بشكل كوميدي من مستضعفين إلى جبارين استطاعوا أن يفرضوا قيمهم الخاصة على الجميع بمن فيهم الإرستقراطي نفسه. تلك الرؤية المتناقضة الغريبة، أخلاق الضعفاء تنتصر على الأقوياء، الضعف ينتصر على القوة ( تناقض هزلي). فأخلاق الضعفاء ليست سوى انتصار لمصالح الأقوياء، ليست سوى خدعة وفخ نصبته الطبقات المسيطرة، هكذا يُفهم الأمر ولا يمكن أن يُفهم إلا هكذا.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفكير الزائف لدى القطعان
- سيكولوجية العبيد
- إهانة المواطن العربي
- اللاأدرية لماذا ؟
- حوار مع صاحب رسالة الغفران
- حتمية اللاإنجابية
- الأسلام دين ودولة
- طاعة المؤمن
- هل يمكننا القضاء على الجوع ؟
- مصطلحات الحداثة في خطاب جماعات الرجعية
- المجتمع وحق التملك
- اليهود بيننا
- هل توجد علاقة طردية بين تدين المجتمعات و فسادها..؟؟
- مجتمعات العصا ومجتمعات الحوار
- التعليم والضفائر الفوشيا في مصر
- الحرية وحدود القانون


المزيد.....




- السودان- مفوض أممي: الفاشر تشهد فظائع مروعة والأطفال يموتون ...
- الكنيست يقر القراءة الأولى لمشروع قانون يُجيز إغلاق وسائل ال ...
- إسبانيا: تعرّض ضابطيْ شرطة لضربٍ وحشي أدّى لكسرٍ في الأسنان ...
- تقرير أممي: 70 ألف شخص نزحوا يوميا العقد الماضي بسبب الكوارث ...
- أمنستي تدعو نيجيريا لتبرئة 9 نشطاء أعدمتهم قبل 30 عاما
- سوريا توقع إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدو ...
- أول تصريح لترامب عن أحمد الشرع بعد لقاء البيت الأبيض
- من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية ...
- -نعمل مع تل أبيب على التفاهم مع دمشق-.. ترامب: نريد سوريا نا ...
- لقاء تاريخي بواشنطن .. ترامب يستقبل الشرع وسط تحولات سياسية ...


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - نيتشه الجينالوجي