أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - التفكير الزائف لدى القطعان














المزيد.....

التفكير الزائف لدى القطعان


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6832 - 2021 / 3 / 5 - 14:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعطينا الفيلسوف كارل بوبر منهجية أكثر وضوحاً نفرق بها بين ( الصحيح والخطأ ). منهجية علمية تستطيع التفريق بين رغبة الوصول للحقيقة الصادقة في البحث، وبين أسلوب التفكير بالتمني والمصادرة على المطلوب. يعطينا التفريق الذي يقينا من معظم انحطاطات البشرية.
حيث وضح بوبر تلك المنهجية في البحث على أنها وجوب محاولة الدحض لا محاولة الإثبات، أي حين وضع الإفتراض على الباحث إن أراد التأكد من صحته أن يحاول إثبات خطأه لا إثبات صحته، فإن استعصى على التخطئة فهو بذلك يكتسب قوة أكثر فأكثر. ولذلك فالحقائق كما أوضح بوبر لا بد أن تقبل النقد وتكون قابلة للتكذيب، أما القضايا الغير قابلة للتكذيب على غرار ادعاء وجود كائنات غير مرئية وغير محسوسة، وغيرها من الميتافيزيقيات، فلا يمكن أن تُعتبر حقائق. لعدم قابليتها للنقد ، وهكذا فإن تقصي الحقائق لا بد ان يكون بالتفكير النقدي وليس بالتفكير الإثباتي، تقصي الحقائق يكون بالبحث عن الأخطاء وليس بالبحث عن الدعائم. فذاك الإنسان القطيعي الذي يضع معتقداته فوق النقد ويَصبغ عليها القدسية، لا يمكن أن يكون اقتناعه بها سوى انقياد أعمى، فالاقتناع الحقيقي لا يأتي سوى بالتفكير النقدي، أن تعتبر القضية خاطئة وتحاول إثبات خطأها، أما أن تعتبرها صحيحة مقدماً ثم تحول صياغة أدلة صحتها فلا يمكن أن يكون هذا سوى نوع ساذج من التفكير بالتمني، ( افتراض الصواب مقدماً قبل البحث ) ذاك الأسلوب الكوميدي الذي تنتهجه القطعان في تقصيها للحقائق.
وهذا السلوك القطيعي الهزلي يحيلنا إلى تفسير الفيلسوف هيدجر لما سماه الوجود المُزيف، تلك الحالة التي يحاول فيها الإنسان الهروب من القلق المُصاحب للتفرد الذاتي، الهروب من حالة وجوده الحقيقية إلى حالة مختَلقة للوجود من خلال القطيع. الهروب من قلق الجهل، قلق التفكير، قلق الحقائق المزعجة كحقيقة فناء الذات بالموت، من خلال الإنغماس في القطيع والوجود الجمعي والقبول بالعقائد الجاهزة لهذا الوجود القطيعي. في النهاية التنصل من كينونته كإنسان مُتفرد أصيل لا يتكرر، والتحول لكونه مجرد رقماً لا أكثر في أحد تلك القطعان البشرية. وبالطبع هذا الإنسان بتلك الوضعية المؤسفة لا يمكن أن يبحث عن الحقائق، بل إنه يبحث عن كل ما هو مُريح لذاته ويُجنبه القلق حتى ولو كان زيفاً، و لهذا السبب على ما أعتقد أطلق هيدجر على وجود هذا الإنسان وجوداً مزيفاً، هذا لأنه لا يهتم بالحقائق بقدر اهتمامه بالزيف المريح للذات. ولهذا تكره القطعان أشد ما تكره الاختلاف والنقد، وتكره طرح الإسئلة التي تُحيلها للتفكير في ثوابتها، التي تعيدها إلي حالة القلق التي طالما تهرب منها، فلا بد أن أسئلة سقراط قد ضجت مضجع القطعان في أثينا، وربما ضجت مضجع أفلاطون الذي ظن أنه توصل إلى الاجابات في الميتافيزيقيا. وهكذا فقد كان إعدام سقراط رد فعل طبيعي للقطعان التي يستفزها التفكير النقدي.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجية العبيد
- إهانة المواطن العربي
- اللاأدرية لماذا ؟
- حوار مع صاحب رسالة الغفران
- حتمية اللاإنجابية
- الأسلام دين ودولة
- طاعة المؤمن
- هل يمكننا القضاء على الجوع ؟
- مصطلحات الحداثة في خطاب جماعات الرجعية
- المجتمع وحق التملك
- اليهود بيننا
- هل توجد علاقة طردية بين تدين المجتمعات و فسادها..؟؟
- مجتمعات العصا ومجتمعات الحوار
- التعليم والضفائر الفوشيا في مصر
- الحرية وحدود القانون


المزيد.....




- الناشط الفلسطيني محسن مهداوي يوجه رسالة قوية لترامب وإدارته ...
- -تيم لاب- في أبوظبي.. افتتاح تجربة حسيّة تتجاوز حدود الواقع ...
- كأنها تجسّد روح إلهة قديمة.. مصور كندي يسلط الضوء على -حارسة ...
- المرصد السوري يعلن مقتل 15 مسلحا درزيا الأربعاء في -كمين- عل ...
- الأردن.. دفاع المتهمين بـ-خلية الصواريخ- يعلق لـCNN على الأح ...
- ثلاثة قتلى جراء غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان (صور) ...
- خشية ملاحقتهم دوليا.. إسرائيل تكرم 120 جنديا دون كشف هوياتهم ...
- ماذا تخبرنا الفيديوهات من صحنايا وجرمانا في سوريا عما يحدث؟ ...
- وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر ناهز 116 عاماً
- حاكم خيرسون الروسية: 7 قتلى وأكثر من 20 جريحا بهجوم مسيرات أ ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - التفكير الزائف لدى القطعان