أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - آفة المجتمعات المنحطة














المزيد.....

آفة المجتمعات المنحطة


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6858 - 2021 / 4 / 3 - 17:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لو طلب مني شخصاً ما اختصار انحطاط المجتمعات الإنسانية في جملة واحدة، لقلت أن هذا غير ممكن بالطبع. ولكن لو كان السؤال على سبيل التقريب أو قياس الغالب، لقلت دون تردد أنها عقيدة خيرية الأنا وشر الغير. عقيدة نحن شعب الله المختار أو نحن خير أمة أخرجت للناس. الانعزالية عن الصفة الإنسانية الجامعة، وعدم القدرة على التماهي مع المختلف وفهمه. العجز عن فهم ظروف الغريب وتقدير مشاعره ورغباته. العجز عن تجاوز النظرة المحدودة للواقع، العجز عن خلع نظارة الأسرة والدين والقومية التي لا يرى إنسان القطيع الغير إلا من وراء عدساتها التي تشوه الواقع. تلك المحدودية والسجن خلف قضبان الانتماء واعتبار كافة صدف الميلاد صدفاً سعيدة فقط لأنها حدثت لك أنت، أسرتك أفضل أسرة ودينك افضل دين وبلدك أفضل بلد، ثم تنقم على الغير حين يفترض ذات الافتراض فيما يخص أسرته ودينه وبلده. تحاول أن تحتكر حق تقديس صدف الميلاد لك وحدك، ثم تتعجب حين تجد الغير أيضاً يقدس صدف ميلاده مثلك، وتقول محدثاً نفسك ( كيف يكون غبياً هكذا ويصدق أشياء فقط لأنه ورثها بالميلاد !) وتفترض بشكل يشبه أن يكون نوعاً من الذهان العقلي انك لست مثله.
إن الإنسانية سيقدر لها أن تتجاوز جزء كبير من انحطاطها إذا ما استطاعت فهم الغير بنفس الشكل الذي تفهم به ذاتها، حين تكف عن تحريم ما تسوغه للأنا على الأنت. حين يرى الفرد الإنسانية في ذاته ويفهمها من خلال فهمه لذاته كما قال "فروم"
هذا هو انحطاط الإنسانية الأكبر الذي لا تريد الشعوب المنحطة إدراكه، تلك الشعوب التي تجد في نفسها المتعة حين تقول نحن وهم. حين تقسم العالم إلى خير وشر ( خير هم ممثلوه وشر يمثله الغير ). تلك الشعوب التي لا تتوانى في معاملة معتقداتها وأخلاقها وتقاليدها كما لو كانت مبرهنات فيثاغورث، والتي ينكرها الغير لا لكونه لا يقتنع بها، بل ينكرها تكبراً ونفاقاً. ثم يقرون لأنفسهم ما يحرمونه على الغير مستندين في ذلك لكونهم هم حصراً أرباب الحقيقة ، وهو الأمر الذي لا يعترف به احداً سواهم، ثم هم يريدون أن يلزموا به الجميع. وإذا ميز الغير ضدهم استناداً لذات المبدأ اشتكوا الاستبداد وادعوا المظلومية.
إن الشعوب كلما انغلقت انحطت، وكلما عجزت عن خلع نظارات معتقداتها وأخلاقها وفشلت في أن ترى الواقع بعين عارية، كلما سقطت في براثن التخلف والرجعية وانفصلت على ركاب الحضارة. فأصبح كل غريب عنها عدو، وكل جديد على ثقافتها بدعة. ولم تبصر في كل ما هو "انت" سوى متأمر يدبر لها المكائد و يسعى إلى دمارها .
إن اللحظة التي تعي فيها تلك المجتمعات حقيقة أن ( الأنت) ليس إلا (أنا) نشأ وعاش في مكان مختلف وظروف مختلفة. تستطيع عندها تجاوز انحطاطها. في اللحظة التي تعي فيها نداءات راسل للإنسانية جمعاء دون تمييز، وصرخة ماركس " يا عمال العالم اتحدوا" سيكتب لهم حينها تاريخاً جديداً.
وخير وسيلة لتحقيق هذا كما قال "فروم" وكما اعتقدت أنا دائماً ليست إلا خلق الإنسان المتفرد، الإنسان المتحرر من قيود الميلاد وانتماءاته. فذاك الإنسان هو القادر على فهم الغير والتفاهم مع المختلف، هو الإنسان الذي يُقدر الحوار ويحكم بالعقل والواقع. الإنسان الذي يقدر الحرية أكثر من الطاعة، والمبادئ الإنسانية والعقلية أكثر من العادات والتقاليد. فبهذا الإنسان وحدة تُقدر المجتمعات الاختلاف، وبه وحده تتجاوز طفولتها الحضارية وتستغني عن ثدي تراثها الجاف فتخرج من كهفها إلى العالم الفسيح.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني
- ضد نيتشه
- العدمي المنحط
- الإباحية الحلال
- لتتحرر الأخلاق كما تحرر العلم
- انحطاط الأخلاق العربية
- انحطاط الفن
- هل يريد العرب التقدم للأمام ؟
- نيتشه الجينالوجي
- التفكير الزائف لدى القطعان
- سيكولوجية العبيد
- إهانة المواطن العربي
- اللاأدرية لماذا ؟
- حوار مع صاحب رسالة الغفران
- حتمية اللاإنجابية
- الأسلام دين ودولة
- طاعة المؤمن
- هل يمكننا القضاء على الجوع ؟
- مصطلحات الحداثة في خطاب جماعات الرجعية
- المجتمع وحق التملك


المزيد.....




- سلاف فواخرجي تدفع المشاهدين للترقب في -مال القبان- بـ -أداء ...
- الطيران الإسرائيلي يدمر منزلا في جنوب لبنان (فيديو + صور)
- رئيس الموساد غادر الدوحة ومعه أسماء الرهائن الـ50 الذين ينتظ ...
- مجلس الأمن السيبراني الإماراتي يحذّر من تقنيات -التزييف العم ...
- -متلازمة هافانا- تزداد غموضا بعد فحص أدمغة المصابين بها
- ناشط إفريقي يحرق جواز سفره الفرنسي (فيديو)
- -أجيد طهي البورش أيضا-... سيمونيان تسخر من تقرير لـ-انديبندت ...
- صورة جديدة لـ -مذنب الشيطان- قبل ظهوره في سماء الليل هذا الش ...
- السيسي يهنئ بوتين بفوزه في الانتخابات الرئاسية
- الفريق أول البحري ألكسندر مويسييف يتولى رسميا منصب قائد القو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - آفة المجتمعات المنحطة