أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد ابو شحاتة - الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية














المزيد.....

الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6861 - 2021 / 4 / 6 - 18:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من التناقضات المثيرة للسخرية التي يعاني منها المسلم الأصولي هو استشهاده بطفرة حضارية هو أصلاً ينكرها ويتبع من كفروا أعلامها ورموزها. فتجده يتباها بالفرابي و ابن سينا و ابن رشد وابن حيان وغيرهم أحياناً، و في أحيان أخرى يُكفرهم أو على الأقل يتبع من كفّروهم وهاجموهم، كابو حامد الغزالي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أعلام اللاعقلانية المتصوفة أو الأصولية المتشددة.

كما تجده يهاجم الطرق والمناهج التي على أساسها نشأت تلك الطفرة الحضارية وسار وفقاً لها أعلامها. فهو يعارض الاختلاط بالحضارات الأخرى والأخذ من ثقافتها وعلومها بالرغم من أن تلك الطفرة الحضارية التي يتباها بها لم تنشأ إلا كنتيجة لترجمة فلسفة وعلوم اليونان. فقد انحصرت معظم كتابات فلاسفة الشرق في شروح أفلاطون وأرسطوا في الفلسفة وأبوقراط وجيلين في الطب بالإضافة إلى كتابات محدودة عن فلاسفة ما قبل سقراط كبارمنيدس و هيرقليطيس، مستندين إلى تلك الترجمات التي لم تكن لتتم سوى بإرادة سياسية خالصة. أما على الصعيد الشعبي وعند رجال الدين فقد وجدت أشد المعارضة، و سنجد بملاحظة بسيطة أن معظم تلك الترجمات التي بنيت عليها تلك الطفرة الحضارية العباسية لم يقم بها سوى غير المسلمين.
جرجيوس بن بختيشوع...مسيحي
حنين بن إسحاق العبادي...مسيحي من الحيرة لقب بشيخ المترجمين
قسطا بن لوقا البعلبكي...مسيحي من الشام
آل ماسرجوية...يهود سريان
وغيرهم الكثير كأبو بشر متى و يحيى بن عدي و اسطفان بن باسيلي...وغيرهم [ محمد لطفي جمعة، تاريخ فلاسفة الاسلام، ص 16 ]

وكما أوضحنا فإن تلك الترجمات التي لم يقم بمعظمها سوى غير المسلمين قد لقيت معارضة كبيرة من رجال الدين قائلين أنهم لا حاجة لهم بها وأنهم يكفيهم الكتاب والسنة. وهي نفس وجهة النظر التي يؤيدها اليوم المسلم الأصولي وجماعات الاسلام السياسي على اختلافها؛ فجميعهم يعادون الآن الحضارة الغربية يرفضون أي محاولة لدمج النسق الحضاري الغربي بأي شكل داخل المجتمعات الشرقية.

فالواقع أن تلك الجماعات تنتمي فكرياً للعهد العثماني من حيث العداء للحضارات الأخرى ورفض أي تعايش أو تلاقي وحوار مع الآخر. ولا علاقة لهم مطلقاً بتلك الفترة من الحكم العباسي، بل إن أيدولوجيتهم لتتعارض تماماً مع مبادئها وواقعها الاجتماعي والسياسي. فلا يمكن أن يكون استشهادهم بها سوى شكل من أشكال التدليس والتبجح الذي اعتدنا عليه من تلك الجماعات التي تعاني من فصام عقلي. فصام يجعلها لا تجد حرجاً في أن تستشهد بما تستنكر، وأن تبني حجتها على ما يعارض ايدلوجيتها.

أما الإشكالية الأخرى والمثيرة للسخرية في تلك القضية هي محاولة استخدام تلك الطفرة الحضارية في العهد العباسي كمسوغ للعودة لأنظمة الماضي وقوانينه، وكأن الواقع الاجتماعي الذي أنتج طفرة في الماضي قادر على إنتاجها أيضاً في كل زمان. فيجب عليك وفقاً لتلك الجماعات أن تنسخ الماضي كما هو في الحاضر. وهو بالطبع خلل فكري في تلك العقول، فلا يعني على سبيل المثال إقرارنا بأهمية حضارة اليونان أن ندعوا لتطبيق أنساقها ونُظمها في الحاضر، فالحضارة تظل حضارة بالنسبة لعصرها فقط، فبناء الحضارة تراكمي بحيث أن الفترات اللاحقة تستفيد من السابقة لتحقيق واقع جديد بشكل يجعل من الجديد بالضرورة أفضل وأكثر تحضراً، لا الاعتقاد بأن القديم كان أفضل من الجديد وأنه هو النموذج الذي يجب أن ننسخه كما هو لنطبقه في الحاضر كما تحاول أن تفعل تلك الجماعات، فهذا الأمر هو في جوهره معارض لفهوم التقدمية والحضارة.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطور السيسيولوجي للإله الابراهيمي
- آفة المجتمعات المنحطة
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني
- ضد نيتشه
- العدمي المنحط
- الإباحية الحلال
- لتتحرر الأخلاق كما تحرر العلم
- انحطاط الأخلاق العربية
- انحطاط الفن
- هل يريد العرب التقدم للأمام ؟
- نيتشه الجينالوجي
- التفكير الزائف لدى القطعان
- سيكولوجية العبيد
- إهانة المواطن العربي
- اللاأدرية لماذا ؟
- حوار مع صاحب رسالة الغفران
- حتمية اللاإنجابية
- الأسلام دين ودولة
- طاعة المؤمن
- هل يمكننا القضاء على الجوع ؟


المزيد.....




- الاحتلال يهدم غرفة زراعية في دير بلوط غرب سلفيت
- الاحتلال يعتقل خمسة مواطنين من سلفيت بينهم أمين سر
- أستاذ تاريخ وحضارة: الصهيونية الدينية سيطرت على إسرائيل والع ...
- أوغندا: اعتقالات تكشف فبركة استخبارية لإدانة جماعة إسلامية
- شيخ الأزهر يرفض تجويع غزة ويدعو إلى تضامن عربي وإسلامي
- -الرئاسية لشؤون الكنائس- تدعو لنصرة أهل فلسطين وحماية أرضها ...
- من دعا من؟ خلاف يسبق لقاء البابا ورئيس إسرائيل في الفاتيكان ...
- مصر.. ساويرس ورده على -دليل إلغاء الإخوان للديمقراطية- يشعل ...
- قاليباف: على الحكومات الإسلامية اتخاذ خطوات عملية لوقف آلة ا ...
- من الحركيين إلى التقليديين: إعادة إنتاج الأفيون باسم الإسلام ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد ابو شحاتة - الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية