أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - الصوص*














المزيد.....

الصوص*


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6829 - 2021 / 3 / 2 - 14:15
المحور: الادب والفن
    


رفع رأسه عن الدفتر الموضوع أمامه على الطاولة، نظر الى ساعته، ثم نظر ناحية اليسار حيث النافذة المطِلّة على دربٍ لا يتعدى اتساعه المتر الواحد، وقد تناثرت البيوت على جانبيْه دون نظام. ثم، نهض عن كرسيه وحوَّل نظره الى تلاميذه المنشغلين بتنفيذ مهمة كتابية كان قد طلب منهم تنفيذها، وقال بهدوء، وبصوت خفيض:
- لم يحن الوقت بعد.
لم يفهم التلاميذ ما عنى استاذهم، عادل، بجملته هذه، وبدت الدهشة على وجوههم. لكن الأستاذ عادل عاد ليقول وكأنه يتحدث مع نفسه:
- لم يحن الوقت بعد لمرور الصوص.
إزداد استغراب الطلاب وتضاعفت دهشتهم، لكنهم فهموا هذه المرة، ما قصده استاذهم، وأيقنوا، أن أمرهم قد فُضح، وأن شفرتهم السرية قد انكشفت. إنتظر الطلاب أن يتابع استاذهم الحديث عن الموضوع، لكنه لم يفعل؛ فعادوا الى تنفيذ المهمة المطلوبة منهم. وما هي الا دقائق مضت، حتى سمعوا استاذهم يقول وهو يشير بيده نحو النافذة:
- أنظروا. ها هو الصوص يمرُّ مسرعا في خطواته.
حوَّل الطلاب نظرهم نحو النافذة، فرأوا الصوص، لكن ابتساماتهم هذه المرة، قد غابت عن وجوههم.
كان الأستاذ عادل، مدرس اللغة العربية، قد لاحظ أن أمرا ما، يشغل بال تلاميذ الصف السادس؛ فمنذ شهرين، أي منذ بدء العام الدراسي الجديد، وهو يراهم يكررون ذات السلوك في حصة التعبير الأسبوعية، يوم الأربعاء. كان كلما طلب منهم تنفيذ المهمة الكتابية وشرعوا في ذلك، يرى يوسف والفرح يكاد بقفز من عينيه، يهمس لأصدقائه الجالسين بالقرب منه:
- الصوص.
وعندها؛ يتناقل التلاميذ كلمة الصوص فيما بينهم همسا، وتتجه الانظار نحو النافذة المطلّة على ذاك الدرب الضيق، وتشرئب الأعناق لرؤية الصوص. وما أن يحظوا بمشاهدة الصوص مارا مسرعا الخطى؛ حتى ترتسم الابتسامات على وجوههم، وتلمع فرحة في عيونهم، نقية كبراءة طفولتهم. ثم يعودون الى دفاترهم لمتابعة تنفيذ مهمتهم الكتابية، دون أن تخلو المسألة من غمزٍ في العيون.
لم يشأ الأستاذ عادل أن يناقش سلوك تلاميذه هذا، قبل أن يعرف بعض التفاصيل عن الصوص، فقد أيقن أن تأجيل الحديث مع طلابه عن سلوكهم هذا كلما مرّ "الصوص" لن يضر أحدا. وبدأ الأستاذ عادل رحلته بجمع المعلومات عن الصوص ليعرف مَن هو وما هي حكايته؟ وكانت محطته الأولى ابنة خالته سحر، التي تسكن الحي المجاور للمدرسة وهو الحي الذي يسكنه الصوص ايضا.
انتظر طلاب الصف السادس ردة فعل استاذهم، بعد أن كشف مستورهم وفضح أمرهم؛ لكن الاستاذ عادل أخرج بتأنٍ ورقة مطوية من جيب سترته، وراح يقرأ:
- ولد سليم أحدبا، لكن نتوء ظهره هذا، ونحول جسمه الشديد، لم يمنعاه من الدراسة والمثابرة. فقد تابع سليم تعليمه وحصل على شهادة محاسب، وتمكن بعد إنهاء دراسته من الزواج وبناء اسرة. لكن الحظ لم يكن لجانبه؛ فقد توفت زوجته وهي تلد مولودها البكر، وهكذا وجد سليم نفسه المسؤول الأول عن طفله، وعن والدته المريضة أيضا، مما اضطره لأن يبدأ دوامه كمحاسب في مرآب الحي، في الساعة العاشرة صباحا. ولمّا كان مكان عمله قريبا من مكان سكنه، كان يذهب اليه مشيا على الأقدام، مارا في الدرب الضيق المحاذي للمدرسة، مسرعا في خطواته خشية تأخره عن عمله. ولمّا كان سليم أحدب الظهر، نحيل الجسم وقصير القامة؛ كان شكله هذا مع مشيته السريعة، مثارا للهُزء والسخرية منه من قِبل كل مَن لا يعرف حقيقته، ومِن قبل هؤلاء الذين ينظرون الى المظهر لا الجوهر، ويحكمون على الأشخاص من هذا المنظور فقط.
*********************
* قصة للفتيان



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تذكرةُ سَفَر
- غيْداء
- هدية الفالنتيْن
- ابتسامةٌ مسافرة
- عبقُ الحَنين
- يا قدسُ
- هنيئا لصفورية بابنها الأمين، أبو* عرب
- قراءة في قصة الكوكب الأزرق للكاتبة جميلة شحادة
- مواسم الفرح
- رحلة الى صفورية
- عشرة أَعوامٍ في سنَة
- أرجوه ميلاد مجيدا وسعيدا
- -الكراكي-، رواية مكتوبة بحسِّ شاعر
- يحدث في البنك
- لَوْ...
- طبيب جرّاح
- قلوب نقية
- حقل الياسَمين
- رقصة واحدة مع البحر
- صديقتي ولكن


المزيد.....




- عمرو مصطفى يثير تفاعلا بعبارة على صورته..هل قصد عمرو دياب بع ...
- مصر.. نجيب ساويرس يعلق على فيديو عمرو دياب المثير للجدل (فيد ...
- ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس ...
- متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قناة Tr ...
- تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف ...
- مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف ...
- موشحة بالخراب.. بؤرة الموصل الثقافية تحتضر
- ليست للقطط فقط.. لقطات طريفة ومضحكة من مسابقة التصوير الكومي ...
- تَابع مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة المؤسس عثمان الجزء ...
- مصر.. إحالة 5 من مطربي المهرجانات الشعبية للمحاكمة


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - الصوص*