أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - -الكراكي-، رواية مكتوبة بحسِّ شاعر














المزيد.....

-الكراكي-، رواية مكتوبة بحسِّ شاعر


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6759 - 2020 / 12 / 12 - 12:15
المحور: الادب والفن
    


الكراكي، أو الغرنوق، كما يسمى في بعض البلدان، هو أكبر الطيور المهاجرة حجما. يهاجر شتاءً الى أفريقيا بحثا عن الدفء، فيمرّ في بحيرة طبريا ويستوطن بعضه البحيرة ومحيطها قبل أن يتابع هجرته، ثم يعود ويمرّ بها مرة أخرى قبل عودته الى موطنه الأصلي في الربيع. ولعل الروائي والقاص حسن حميد، لم يختر "الكراكي" اسما لروايته عبثا، فهو الفلسطيني المهجَّر؛ الذي ولد في بلدةٍ قضاء مدينة صفد، وهي ليست بالبعيدة عن بحيرة طبريا، ويعيش اليوم مع عائلته في سوريا، أراد أن يوصل رسالة أو ربما أكثر بعنونة روايته بالكراكي. حميد رغم أنه تعلّم في جامعة دمشق ويعمل ويعيش في الشام، يحنُّ الى وطنه فلسطين، فيكتب عن الأماكن فيها ويصفها حتى تلك التي لم ترها عيناه، ليقول لنا: أنه ما زال مرتبط بوطنه، ويأمل العودة اليه كما يعود الكراكي الى بلاده مهما طالت غيبته عنها.
وقبل أن أتابع الكتابة عن رواية "الكراكي"، أعترف لكم أنني لست بدارسة للنقد الأدبي ولا أملك أدواته؛ لذا فأنا أتناول الرواية بحسب ذائقة قارئ يهوى قراءة الكلمة الجميلة، والفكرة العميقة.
رواية "الكراكي" رواية غير تقليدية من حيث المبنى، فهي تتألف من وحدات سردية كبرى، تتبعها أخرى مشتقة منها ولكل منها عنوان. تحكي كل وِحْدة حكاية دون أن تُفقد وقائع كل حكاية صلاتها بالحكايات الأخرى، وهذا ليس غريبا لمَن يعرف أن المؤلف حسن حميد هو قاص ماهر، كتب القصص القصيرة وأبدع في كتابتها. ورواية "الكراكي" غير تقليدية لأنها رواية كُتبت بحسِّ شاعر؛ فجاءت لغتها شاعرية، غنية بالتعابير الرقيقة، والجميلة، والحوارات الرشيقة، حتى خالها القارئ قصيدة نثر رائعة. وكما أجاد مؤلف الرواية حميد وصف الطبيعة والمشاهد في روايته بلغة متينة وشاعرية، أجاد أيضا وصف التفاصيل؛ حيث راح يصف المشاهد بأدق التفاصيل في أكثر من موقع في الرواية. "والطريق إليها ملأى بالناس، والأشياء، والحيوانات التي تموج كأعواد الخيزران هنا وهناك. أرى بعض خدام الكنيسة يخالطون الناس، يشاركونهم الحديث، والطعام، والابتسام، والوقوف، والجلوس. أمشي وأمشي فلا أحس بأنني أتجه نحو الكنيسة لأنني أرى بأن المكان غريب، وأن الطريق ليست هي الطريق؛ ولكن ها هي ذي أشجار الكينا العالية التي تأخذني عادة إلى الكنيسة، وهاهم الناس مثل الطيور يحطون إلى جوارها، وها هي ذي أشجار الصفصاف مجتمعة إلى جوار بعضها بعضا كالغيوم.. حانية على السواقي التي ترفد ماء النهر، ها هي ذي عريشة الصلبان المجاورة للكنيسة، إذا أنا في الطريق المؤدية إلى الكنيسة" (ص 66). كما لم يغب عن بال المؤلف أن يسرد سلوكيات سكان منطقة بحيرة طبريا والقرى المجاورة لها، وأن يذكر الأطعمة والمأكولات الشعبية، وأسماء أدوات وأغراض استعملها سكان هذه المنطقة، والتي لم يعد بعضها يستعمل في يومنا هذا، فبتنا نعتبرها من تراثنا الفلسطيني. "وفوق أرض البيادر، وخلال أيام (القصل) تقفل حركة التنقل للشبان والشابات وتتحدد من البيادر إلى البيوت فقط، ويصير الطعام والشراب هناك أمام العرائش وفي داخلها، وتقوم الصبايا طوال النهار بصناعة الأطباق الصغيرة والكبيرة، والقفف والزنابيل الكبيرة والصغيرة، والمغمقانات الكبيرة والصغيرة، وتُرى أمام العرائش، وبداخلها القدور الكبيرة التي ملئت بالأصباغ وقد علتها سوق القمح الطويلة /القصل/ التي تنقع فيها أياما عدة كي تتشرب الألوان، وتُرى منذ الأيام الأولى ما صنعته أيدي الصبايا الحاذقات، وقد انتشرت تلك المصنوعات في اتكاءات حانية على جدران العرائش كي تجف تحت حرارة الشمس" (ص 96).


ورواية "الكراكي" رواية غير تقليدية، لأن مؤلفها استطاع أن يجعل قارئها يحلّق بخياله بعيدا، وفي ذات أن يبقي قدميْه راسخة بأرض الواقع. إذن؛ هي رواية يمكن وصفها بالواقع المتخيّل، بل والجميل؛ أوَلم يقولوا إن الخيال أجمل من الواقع؟! وكيف يكون واقع الفلسطيني الذي هُجِّر وأبعد عن أرضه ووطنه جميلا؟! ها هو حميد في روايته "الكراكي" رغم جمال سرده وتعبيره، وشاعرية لغته، ورشاقة حواره؛ لم يجنب قارئ روايته الشعور بالحزن على أبطال الرواية؛ لقد حكى حميد عن أكثر من قصة حب في روايته "الكراكي"، لكنها جميعا انتهت نهايات مأساوية، ولا سيما ما آل اليه بطل الرواية "عبودة " حيث فقد كل من أحبهم.
اعترف انني لم اتناول كل جوانب الرواية بالنقد والتحليل، لاعتقادي ان رواية مثل "الكراكي" لروائي مبدع مثل الدكتور حسن حميد، تحتاج لناقد متمرس، وغوّاص ماهر، يعرف كيف يغوص فيها ويُخرج منها الدرر.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحدث في البنك
- لَوْ...
- طبيب جرّاح
- قلوب نقية
- حقل الياسَمين
- رقصة واحدة مع البحر
- صديقتي ولكن
- عند هطول المطر
- هل ستأتي؟
- حبيبي أنا
- أن تكون غريبا
- لا أوصيكم بشيء
- الصّورة مشوّهة
- شتّان ما بين نخلة تَحترق، ومَسكن يُهدم
- عاش الوطن
- في محطة الإنتظار
- حديث طيور مهاجرة
- الفراشة الشقية
- جميلة شحادة - مِرثاة
- جيلان والذئب


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - -الكراكي-، رواية مكتوبة بحسِّ شاعر