أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - يحدث في البنك














المزيد.....

يحدث في البنك


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6752 - 2020 / 12 / 5 - 15:35
المحور: الادب والفن
    


كنتُ أجلس أمام موظفة البنك لتنهي لي معاملة ما، لكنْ لم يكنْ بالإمكانِ إنهاء المعاملة قبل أن تسرقَ كلٌ منا دقائقَ من وقت الأخرى لنتجاذبَ فيها أطراف الحديث في الخاص والعام. وكيف لا؟! وقد ربطتني بها علاقة صداقة متينة لم يستطع مرورُ الوقت ان يُكلِح ملامحها، ولا حادثات الزمن أن تقوِّض متانتها. كان الوقت يسمح لنا بالحديث والدردشة؛ ففي ساعات ما بعد الظهر، وفي يوم لا يصادف تاريخُه الأول من الشهر ولا العاشر ولا العشرين، يسود مبنى المصرف قليل من الرتابة، وبعضٌ من الهدوء لقلة الوافدين اليه. بعد عشر دقائق من الدردشة التي لم تخلو من الضحكات، بدأت صديقتي سلام تحدثني عن إجراءات المعاملة التي جئت للبنك من أجلها، وتطلعني شفويا على بنودها المكتوبة على 4 صفحات بحروف تحتاج لعدسة مكبرة لقراءتها. وافقت على بنود المعاملة، ومسكت القلم الذي أمامي لأوقع الأوراق، فقطعت عليّ ذلك موظفة أخرى من ذات القسم في المصرِف خطَتْ نحونا بخطوات رشيقة، وعلى ثغرها ارتسمت ابتسامة عريضة. كانت تحمل بيدها هاتفا ذكيا من نوع "آيفون"، تنظر الى شاشته تارة، وتنظر نحونا تارة أخرى، الى أن وصلتنا. إنها آمال، أكثر موظفي المصرِف أقدمية، وقد حازت على ودِّ زبائنها واحترامهم لها لحسن تعاملها معهم، ولتواضعها مع جميعهم. لا يذكر أحد أن بشاشة آمال غابت يوما عن وجهها، حتى مع هؤلاء الذين عبستْ أحوالهم المادية فقطبوا جباههم في وجوه الجميع ولم يسْلم من عبوسهم حتى اولئك العابرون بالقرب من خيالاتهم.
ربتتْ آمال، المبتهجة، عند وصولها إلينا على كتفي بيدها وحيّتني، وبيدها الأخرى ناولتْ الهاتف الذي كانت تحمله لصديقتي سلام. نظرت سلام الى شاشة الهاتف وانفرجت أساريرها عن ابتسامة عذبة، ثم مدّت يدها لترجع الهاتف لآمال وهي تقول: ما أحلاه! وقبل أن أسمع بقية كلامها، كانت آمال قد أعطتني الهاتف لأشاهد بدوري الصورة الظاهرة على شاشة الهاتف. نظرت الى الصورة، دهشتُ، وقلت بصوت خفيض:
- واو، فعلا حلو. لمَن؟ لابنتكِ؟
فأومأت آمال برأسها نحو صبية رقيقة تركتها تجلس أمام مكتبها في المقصورة الزجاجية المجاورة لمقصورة صديقتي سلام، لحين انتهائها من عرض الصورة علينا.
كانت الفتاة تجلس بهدوء، تنظر باتجاهنا هي الأخرى، وابتساماتها لا تفارق ثغرها. حسبتُ أنها طالبة في المرحلة الثانوية لنحول جسمها، والبراءة التي نمَّت عن تقاسيم وجهها. لكن آمال كشفت وَهم ما حسبته. إنها طالبة جامعية في السنة الأخيرة من دراستها لموضوع الاتصال في جامعة حيفا. قالت آمال.
عدتُ أنظر الى الفتاة. كانت جميلة، شعرها أسود حالك، فاقت حلكته حلكة ليل شتاء عاصف، فأظهرت هذه الحلكة لون بشرتها أكثر بياضا وبدا وجهها كأنه بدر يضيء عتمة الليل.
قالت آمال، وقد أومأت برأسها، مرة أخرى، الى الفتاة:
- للتوِّ أنهيت لها معاملة بقرض قيمته 12000 شيكل، جاءت تطلب قرضا من أجله.
ازدادت دهشتي وقلت بصوت يشبه الهمس:
- أَلأجله تستدين المال؟
وتابعتُ قائلة والدهشة ما زالت مسيطرة عليّ:
- هذا المبلغ يساوي قيمة رسوم سنة جامعية واحدة.
- نعم صحيح. قالت آمال وتابعت:
- لكن ما الغرابة في ذلك؟ إنها تحبه. إنه كما ترين، كلب جميل ومن فصيلة نادرة.
*****************
* كتب النص بتاريخ 3.8.2017



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لَوْ...
- طبيب جرّاح
- قلوب نقية
- حقل الياسَمين
- رقصة واحدة مع البحر
- صديقتي ولكن
- عند هطول المطر
- هل ستأتي؟
- حبيبي أنا
- أن تكون غريبا
- لا أوصيكم بشيء
- الصّورة مشوّهة
- شتّان ما بين نخلة تَحترق، ومَسكن يُهدم
- عاش الوطن
- في محطة الإنتظار
- حديث طيور مهاجرة
- الفراشة الشقية
- جميلة شحادة - مِرثاة
- جيلان والذئب
- نور


المزيد.....




- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...
- صدور نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025 تجاري وصناعي وز ...
- بسرعة “هنا” نتيجة الدبلومات الفنية كافة التخصصات على مستوى ا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. أعرض نتيجتك بسرعة من “هنا ...
- عاجل.. ظهور نتيجة الدبلومات الفنية emis.gov.eg جميع التخصصات ...
- عاجل.. ظهرت نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات “هنا” بسرعة ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية صنايع وزراعي وفندقي وتجا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات الأن على بوابة الت ...
- “الرابط اشتغل” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جميع التخصصات على ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - يحدث في البنك