أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسب أديب حسين - سراييفو قصة حصار وحب














المزيد.....

سراييفو قصة حصار وحب


نسب أديب حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6819 - 2021 / 2 / 20 - 20:21
المحور: الادب والفن
    


داخلني بعض التردد حينما تصفحتُ رواية "سراييفو قصة حصار وحب"، وأنا أتأمل حجمها الذي يبلغ 522 صفحة، متسائلة هل حقا أريد أن أخصص وقتا لرواية بهذا الحجم، ولكاتب أجهله؟ لكن ولكوني لم أقرأ سابقًا عن حصار مدينة سراييفو الذي امتدّ ثلاثة أعوام وعشرة شهور (بين نيسان 1992 وشباط 1996)، حسمتُ الأمر بقراءتها. وسرعان ما أدركت حسن الاختيار، حتّى داخلني ندمٌ شديد أنّني لم أقرأها مذ اقتنيتها قبل عدّة سنوات.
أخذتني هذه الرواية في تجربة ورحلة فريدة، جعلتني أتعرف على تركيبة وتعددية المجتمع البوسني في مدينة سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك التي أعلنت عن استقلالها عن يوغسلافيا، فتعرضت لهجوم جيش جمهورية صرب البوسنة الذين فرضوا حصارًا على العاصمة، وهاجموا الأكثرية المسلمة والأقلية من الكرواتيين الكاثوليك، فيما وجد سكان المدينة الصربيون أنفسهم في مواجهة مع أبناء جلدتهم، هذا عدا عن وجود الكثير من العائلات المتعدّدة عبر الزواج المختلط. ليُبين لنا الكاتب البوسني أدين كريهيتش الكثير من أسئلة الهوية ونظرة السكان إلى بعضهم البعض، وكيف بدأوا ينتبهون فجأة إلى أصول وديانة كلّ منهم، الأمر الذي لم يكن ذا أهمّية قبل الحرب. ويصطحبنا كريهيتش إلى تفاصيل أحداث الحرب التي نشعر أنّه عاشها، وسير عدّة معارك ومواجهات، وتغيّر ظروف الحياة اليومية للسكان بانقطاع الحاجيات الأساسية، من الأغذية المتنوعة، التي أصبحت نادرة وبأسعار باهظة في السوق السوداء، وانقطاع الماء والكهرباء، ليحتاج السكان تكبُّد مشاق نقل الماء إلى بيوتهم يوميًا، معرّضين حياتهم للخطر من القصف الصربي المستمر. تفاصيل لربما بعضها ما كانت لتلامس قلبي، وتجعل الأحداث ترسخ في ذاكرتي لو قرأتها في كتاب تاريخي، كما فعلت هذه الرواية، التي وضّحت عن طريق متابعة خمسة أبطال رئيسيين، وخصوصًا العاشقين ليلى وياسمين (اسم ذكر)، ما يمكن أن تُفقدنا الحرب من ظروف وحاجات كانت طبيعية دونها، لتتحول فجأة حلمًا صعب المنال لتغير دروبنا وأسلوب تفكيرنا.
بين مشاعر الحب واللّهفة، والخوف من الموت والرغبة في الحياة، وبين السعي لتحرير الوطن، والخيبة من القيادات، والشعور السائد في الفترة الأخيرة من الحرب بين الجنود، وهم أربعة من أبطال الرواية، من كونهم أداة لأطماع السياسيين والضباط، يحاربون في حلقة مفرغة، ورؤساءهم لا يريدون حقًا فكّ الحصار عن المدينة. في الوقت ذاته تمتلك الرواية الكثير من روح الإثارة والفكاهة خصوصًا ببطلها حارس ذاك الشاب كثير الكلام، والبطل المغامر، والذي في بعض مغامراته يجعل القارئ غير قادر على ترك الكتاب حتّى ينتهي من المشهد الذي يقرأه.
نعم تصطحب هذه الرواية قارئها إلى زمن وبلد خارج جغرافيته قد لا يعرف عنه إلا اسمه، ليدخل تدريجيًا في تفاصيله، التي يعيشها فيضحك مرّة ويحزن في أخرى، ويقف أمام مشاهد إنسانية يعيد قراءتها مرّات ومرّات. خصوصًا عندما يتيه طفل صربي في موقع حدودي ويصل إلى خنادق الجنود البوسنيين أبطال الرواية، فيتناقشون كيف سيعيدونه ويضمنون سلامته بعدم إطلاق والده النار عليه، حتّى اهتدوا الى ذلك، وتحققوا من وصول الطفل بسلام، فكافأهم والده بأن أرسل لهم عشاءً مع الطفل، وهم يرجونه بألا يفعل كيما ينفجر لغم فيه، ولا يهدأ لهم بال حتّى يعود الطفل مرّة أخرى لوالده، وهم يتبادلون الأمنيات بانتهاء الحرب واللقاء في زمن السلم. لا ريب أنّ الألم والفقد لا بدّ أن يداخل القارئ، وهو يشهد موت قسم كبير من أبطال الرواية، ضمن توتر الحرب وويلاتها حتّى اللحظة الأخيرة منها. والتي تنتهي بإغلاق دائرة، افتتحت في الصفحات الأولى عام 1995، ثم توقفت ليكون الاسترجاع الفني للأحداث من عام 1992 وبداية حصار الصرب للمدينة، لتسير الأحداث حتّى ذات اللّقاء الذي بدأته في الصفحات الأولى، وتغلق وسط تساؤلات، وبعض الفضول، ورغبة لو استمرت الرواية أكثر إلى زمن السلم.
قدّم المترجم عبد الرحيم محمد ياقدي الذي كتب اسمه فقط في صفحة هوية الكتاب دون الغلاف الخارجي، خدمة كبيرة بترجمة هذه الرواية الرائعة والمهمّة للّغة العربية. ترجمة امتلكت في معظم جوانبها ما يستحق الكثير من الثناء والتقدير، وفي جوانب أخرى حملت بعض العثرات التي أمكن تجاوزها لو تمّت مراجعة أكبر للكتاب. إذ ممّا يُحسب للمترجم إيراد الهوامش في سياق الرواية للتعريف بالكثير من التعابير التي ظهرت من أسماء الأماكن، ومواقع، وأساليب قتالية وغيرها، الأمر الذي قدّم خدمة كبرى لفهم النص، لكن من جانب آخر كثّر استخدام الفعل الماضي "كان" خلال الترجمة، وهناك بعض الصياغات التي أمكن أن تكون بلغة أقوى وأكثر بلاغة، وكذلك كثُرت الأخطاء المطبعية، الأمر الذي أمكن تفاديه، لو تمّت مراجعة لغوية أعمق.
المتعة والسعادة التي غمرتني على أثر قراءة هذه الرواية الصادرة عن دار مدارات عام 2013، دفعتني للبحث عمّا كُتب عن هذه الترجمة، وللأسف لم أجد إلا القليل، الأمر الذي لا يفي هذه الرواية حقّها. كذلك لم أوفّق في الوصول إلى معلومات أوسع عن كاتبها "أدين كريهيتش" باستثناء ما ورد على الغلاف أنّه إعلامي بوسني، وهذه روايته الأولى. فإن كان الأمر كذلك، فهو يستحق الكثير من التقدير، على إتقانه الحبكة الروائية، وإجادته تقديم الكثير من المعلومات التاريخيّة بعيدًا عن السرد الصحفي، وبما أنّ الرواية تحاكي واقع الكثير من مدننا العربية التي شهدت الحروب الأهلية في السنوات الأخيرة، فهي تستحق اهتمام القراء العرب، لأنّها أهل لذلك.



#نسب_أديب_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جميل السلحوت عقد من محاربة التخلف واضطهاد المرأة
- رواية الرقص الوثني والبحث عن الهوية
- فلسطين ما بين الحلم والواقع في رواية -يعدو بساقٍ واحدة-
- ما مدى سريان القانون الدولي الإنساني في القدس الشرقية منذ ال ...
- قراءة في رواية -أميرة-
- ما بين فيلم -عيون الحرامية-.. وعيون ثائر
- حين يطل على ظلك الغياب
- في رحيل العم سميح القاسم
- إيابُ خطى الغريب الى الذاكرة
- أبواب العودة
- حين تمردَّ الملاك
- تحيّةً إلى سميح القاسم
- جنان تزهر في الجحيم قراءة في رواية جنة الجحيم
- على أثر الأفعى والتفاح
- قراءة في رواية لحظات خارجة عن الزمن لمزين برقان
- بين عيونهم وعينيها
- قراءة في ديوان مرسى الوداد لشيخة المطيري
- ذاكرة مورقة في خريف العمر قراءة في رواية ظلام النهار للكاتب ...
- قراءة في مجموعة(الساقطة للكاتبة) د.هيفاء بيطار
- هواجس عند مدامع المدينة


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسب أديب حسين - سراييفو قصة حصار وحب