أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - شفرات حلاقة صالحة للتدوير -19-














المزيد.....

شفرات حلاقة صالحة للتدوير -19-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6785 - 2021 / 1 / 11 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


أدعوك أن تقف بأفكارك أمام سينما الدنيا في مدينة اللاذقية
قبل أعوام مديدة
شكراً
ها أنت تقف أمامها الآن
رائع
أدر ظهرك الآن لبوابتها الحديدية المدهونة بالأسود
دع وجهك الطيب يطل على الساحة الصغيرة
الساعة هي الثالثة ظهراً من يوم صيفي قائظ
في يدك سندوتش فلافل
اِشتريتها لتوّك من محل الفلسطيني.
أنت لا تقف أمامها في طريق المحور الرياضياتي
الذي ينصّف بوابتها تماماً
ويخترق تسجيلات آسيا على الطرف الآخر
المحور الذي يصلك عبره صوت فؤاد غازي
وأحياناً عتابا إبراهيم صقر ومواويل سميرة توفيق
بل تقف في الحقيقة حيث يمر منك محور ثانوي آخر
يصنع زاوية رؤية من حوالي ستين درجة مع المحور الرئيسي
إذن أنت تطل على الدرجات البيتونية السبعة
التي يخترقها المحور الثاني على الطرف الآخر.
بينك وبين الدرجات التي تقودك إلى زقاق نصفه مسقوف شارع
شارع نافذ إلى مكتبة كردية
إلى المركز الثقافي ودائرة النفوس
على يمين الدرجات محل قمصان وربطات عنق وجرابات
على يسار الدرجات محل لتلميع الأحذية
محل لحلاقة الشعر
أمامهما يجلس صبيان
أمام كل منهم صندوقه الخاص
صبيان تذكّرك سحنتهم بأولئك الفلسطسينيين الفقراء الغامضين
صبيان يرجونك أن تترك حذاءك ليُنظّف
وأنت في وضعية وقوف
أمامهم يجلس رجل عتيق أمام صندوق نحاسي كبير مزيّن
يدعوك لتنظيف حذائك في وضعية جلوس
على كرسي يذكّرك بكرسي الحلاقين
ممن يحترمون المهنة.
بين صناديق البُوَيْجيين وصوت فؤاد غازي الصادح
من محل تسجيلات آسيا
يبدأ شارع مليء بالأماكن والمحلات والدكاكين
محلات الصاغة
كنيسة
محل الرعوان لتصليح الأحذية
محل خالد دمياطي لتفصيل الأحذية
مقهى للعشاق تحت الأرض
يقودك السوق إلى شارع القوتلي إن أحببت
يتقاطع مع سوق العُنَّابّة
المعروف
بمطاعمه الشعبية
تفوح منها روائح اللحمة المشوية
بدكاكينه المتواضعة
العارضة لمنتجات القرويين
من خضار وفواكه وحبوب وأجبان وألبان.
والآن وأنت ما زلت تقف في مكانك قبل عقود
إذا ما نظرت على يمينك ـ أسفل رأسك ـ مباشرة
أمام محل الأحزمة الجلدية
سترى غلمان التهريب
فرشوا بضاعتهم المهرَّبة من لبنان
أحذية وبيجامات رياضية
بنطلونات وقمصان من الجينز
علب الدخان الأجنبي
وأشياء أخرى.
وقد ترى من يحتال بلعبة الكشاتبين لسرقة جيوب الناس
سيخطر على ذهنك خيَّاط ضيعتك
يغطِّي طرَف إصبعه بالكشتبان
ليقيه وَخْزَ الإبر
وقد تتذكَّر عازف القانون في فرقة صبحي جارور
يضرب على قانونه
والكشتبان في سبَّابته.
وأنت حيث تقف
تنسى كل ما شاهدته عيناك
ولا ترى إلّا الدرجات البيتونية
تحضُّك على الدخول إلى عالم الزقاق
الذي يقودك إلى محلات بيع الأقمشة
على رأسها دكان علي الدّو
الزقاق الذي يوصلك إلى ساحة السمك
إلى ساحة أوغاريت وأعمدتها الحجرية
إلى سينما أوغاريت بفلمها الهندي الشهير التؤامان
تلقي نظرة أخيرة على الأحذية المهرّبة المدهشة
تلعن أسعارها
وتقرِّر أن تخترق الزقاق
يغويك ويخيفك في الآن نفسه.
تخترقه رغم معرفتك للوجع الذي ينتظرك
تحديداً في ذاك البيت الأرضي
في نهاية الثلث الأول من الزقاق
سترى ثلاثة أولاد أرهقتهم الإعاقة المديدة
صبيان وبنت بين التاسعة والخامسة عشر
ستراهم وسخين ونصف عراة
يزحفون على عتبة البيت
يودون الخروج للتنفس ورؤية العالم
ثلاثة أولاد يحلمون بالوصول إلى سوق العنّابّة
لتذوق اللحمة المشوية برائحتها التي تعبق في فضاء المدينة
يحلمون بالدخول إلى محل خالد دمياطي
لتفصيل أحذية
لن يرتدوها في حياتهم
أو إلى محل علي رعوان
لإصلاح أحذية
لم يمتلكوها أبداً.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -18-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -17-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -16-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -15-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -14-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -13-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -12-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -11-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -10-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -9-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -8-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -7-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -6-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -5-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -4-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -3-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -2-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -1-
- الأرجنتيني
- بَراشيم


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - شفرات حلاقة صالحة للتدوير -19-