أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سليم نزال - صّ في حفل تخرّج لروائية أميركية: إن الحياة مرض لا شفاء منه















المزيد.....

صّ في حفل تخرّج لروائية أميركية: إن الحياة مرض لا شفاء منه


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 6783 - 2021 / 1 / 9 - 03:35
المحور: مقابلات و حوارات
    


صّ في حفل تخرّج لروائية أميركية:
إن الحياة مرض لا شفاء منه

سليم نزال



هذا النص ألقته الروائية الأميركية آنا كويندلين، الحائزة جائزة بوليتزر، في احدى الجامعات
إثر نيلها شهادة الدكتوراه الفخرية في حفل تخرج، وأنقله هنا الى العربية لما يختزن من معان انسانية وروحية. كتبت: "أنا روائية. جوهر عملي يتمحور على الطبيعة الانسانية، والحياة الواقعية هي كل ما أعرفه، فلا تتحيروا إذاً ولا تخلطوا بين الأمرين، حياتكم وعملكم. عصر اليوم ستغادرون هذا المكان وفي حوزتكم أمر لا يملكه أحد سواكم. عشرات الاشخاص يحملون الدرجة العلمية عينها، والألوف منهم سيفعلون ما تفعلونه للعيش. لكنكم، لكنك ستكون الوحيد الذي يملك السيادة على حياته، الحياة "الجوانية"، لا الحياة خلف المكتب او شاشة الكومبيوتر، او خلف المقود، او في الباص، أو في المقهى، بل حياة القلب.
ليست الحياة ما تعنيه أرقام الحساب المصرفي، او مساحة الشقة التي تسكنون، بل ما تعنيه الروح. لا احد يتحدث عن الروح أو يكترث لها في هذه الأيام، من السهولة ان اكتب عن السيرة الشخصية بدل الكتابة عن الروح وأشجان الروح. كتابة السيرة قد تبعث الراحة في ليل الشتاء البارد. ولكن عندما تكون حزيناً أو منكسراً او وحيداً ماذا يعني ذلك؟ او عندما تتسلم نتائج الفحوص الطبية والتحاليل المخبرية ولا تكون على ما يرام؟
سأضع أمامكم ملخص السيرة: أنا أم لثلاثة أولاد. حاولت دوماً ألا أدع عملي يقف في طريقي كأم صالحة. لا اعتبر نفسي محور الكون. أتحرك في الحيز العام. أصغي. استمع. اتفاعل. أحاول ان اضحك. أنا صديقة مخلصة لزوجي، وصديقة وفية لاصدقائي، وهم كذلك. من دونهم ليس لدي ما أقوله اليوم لأنني أكون مجرد ورقة مهملة. لذا أهاتفهم وألتقيهم الى الغداء.
من دونهم يأكلني الصدأ. اتعفن. وفي أفضل الأحوال أكون مجرد وسيط في عملي.
اذا كان كل ما أوردته ليس حقيقة لا يمكنني أن أكون في المصاف الأول في عملي. واذا كان العمل هو كل ما أملك في الحياة فثروتي قليلة. هذا ما أود أن أقوله لكم اليوم. ابحثوا عن حياة حقيقية لا عن مطاردة مضنية للترقي في الوظيفة، ولا عن أكبر شيك، ولا عن أفخم منزل. هل تعتقد ان هذه الأمور ستهمك اذا تبين ذات يوم أن قلبك يبطئ في حركته او اذا اكتشفوا ورماً غامضاً في صدرك؟
ابحث عن حياة يمكنك فيها أن تشتم رائحة الماء المالح في عبير نسيم البحر. حياة تستطيع فيها ان تراقب الصقر الموشح بالأحمر محلقاً في دوائر فوق البحيرة. أو ملاحظاً الطفل الصغير مقترباً من قطعة الحلوى كأنها العالم ومحاولاً التقاطها بكل انتباه وتركيز المرة تلو المرة. حياة لا تكون فيها وحيداً. حياة تلتقي فيها من تحبهم ويحبونك. تذكر دائماً ان الحب ليس الفراغ أو الانتظار، انه عمل. هاتفهم، اكتب لهم رسالة بريدية او الكترونية. ابحث عن حياة تكون فيها كريماً وتحقق من ان الحياة نفسها هي القيمة الأغلى. وان الخير فيها هو ما تسعى الى نشره.
هذه اللحظات مختلفة حقاً ومتميزة ومستعادة. خذ المال الذي وفرته لمتعتك الشخصية وقدمه الى جميعة خيرية. انهمك في تحضير حساء ساخن لأمسية دافئة مع من تحب. كن أخاً كبيراً أو اختاً كبيرة. تسعى في كل ما تريده في الحياة الى أن يكون متقناً وحسناً، ولكن ان لم يكن ما تريده خيراً ونافعاً فسيبقى أبداً غير كاف وناقص. من السهل ان نضيع حياتنا وأيامنا وساعاتنا ودقائقنا. من السهل ان نتأكد من لون حدقات أطفالنا، ومن طريقة تصاعد السمفونية وهبوطها ثم تصاعدها من جديد. من السهل ان نعيش بدل ان نحيا. تعلمت ان أحيا منذ سنوات. تعلمت أن أحب الرحلة وليس المحطة. الشوق وليس الوصول. تعلمت ان الحياة ليست الاثواب التي نبدلها. اليوم هو الضمانة الوحيدة التي نملك، لا الأمس ولا الغد. تعلمت ان أنظر الى الخير في هذا العالم وحاولت ان أعيد بعضاً منه لأنني آمنت بذلك تماماً وكلياً. حاولت أن أخبر الآخرين وأفيدهم بما تعلمت وأشاركهم في خبرتي. اعتبروا من زنابق الحقل ومن زغب الشعر في إذن الطفل. افتح كتابك واقرأه وانت تحدق الى الشمس. تعلم كيف تكون سعيداً. واحسب دوماً ان الحياة مرض لا شفاء منه، لذا ستحياها بفرح وشغف وكما تستحق ان تُعاش".

سليم نزال

كويندلين، الحائزة جائزة بوليتزر، في احدى الجامعات
إثر نيلها شهادة الدكتوراه الفخرية في حفل تخرج، وأنقله هنا الى العربية لما يختزن من معان انسانية وروحية. كتبت: "أنا روائية. جوهر عملي يتمحور على الطبيعة الانسانية، والحياة الواقعية هي كل ما أعرفه، فلا تتحيروا إذاً ولا تخلطوا بين الأمرين، حياتكم وعملكم. عصر اليوم ستغادرون هذا المكان وفي حوزتكم أمر لا يملكه أحد سواكم. عشرات الاشخاص يحملون الدرجة العلمية عينها، والألوف منهم سيفعلون ما تفعلونه للعيش. لكنكم، لكنك ستكون الوحيد الذي يملك السيادة على حياته، الحياة "الجوانية"، لا الحياة خلف المكتب او شاشة الكومبيوتر، او خلف المقود، او في الباص، أو في المقهى، بل حياة القلب.
ليست الحياة ما تعنيه أرقام الحساب المصرفي، او مساحة الشقة التي تسكنون، بل ما تعنيه الروح. لا احد يتحدث عن الروح أو يكترث لها في هذه الأيام، من السهولة ان اكتب عن السيرة الشخصية بدل الكتابة عن الروح وأشجان الروح. كتابة السيرة قد تبعث الراحة في ليل الشتاء البارد. ولكن عندما تكون حزيناً أو منكسراً او وحيداً ماذا يعني ذلك؟ او عندما تتسلم نتائج الفحوص الطبية والتحاليل المخبرية ولا تكون على ما يرام؟
سأضع أمامكم ملخص السيرة: أنا أم لثلاثة أولاد. حاولت دوماً ألا أدع عملي يقف في طريقي كأم صالحة. لا اعتبر نفسي محور الكون. أتحرك في الحيز العام. أصغي. استمع. اتفاعل. أحاول ان اضحك. أنا صديقة مخلصة لزوجي، وصديقة وفية لاصدقائي، وهم كذلك. من دونهم ليس لدي ما أقوله اليوم لأنني أكون مجرد ورقة مهملة. لذا أهاتفهم وألتقيهم الى الغداء.
من دونهم يأكلني الصدأ. اتعفن. وفي أفضل الأحوال أكون مجرد وسيط في عملي.
اذا كان كل ما أوردته ليس حقيقة لا يمكنني أن أكون في المصاف الأول في عملي. واذا كان العمل هو كل ما أملك في الحياة فثروتي قليلة. هذا ما أود أن أقوله لكم اليوم. ابحثوا عن حياة حقيقية لا عن مطاردة مضنية للترقي في الوظيفة، ولا عن أكبر شيك، ولا عن أفخم منزل. هل تعتقد ان هذه الأمور ستهمك اذا تبين ذات يوم أن قلبك يبطئ في حركته او اذا اكتشفوا ورماً غامضاً في صدرك؟
ابحث عن حياة يمكنك فيها أن تشتم رائحة الماء المالح في عبير نسيم البحر. حياة تستطيع فيها ان تراقب الصقر الموشح بالأحمر محلقاً في دوائر فوق البحيرة. أو ملاحظاً الطفل الصغير مقترباً من قطعة الحلوى كأنها العالم ومحاولاً التقاطها بكل انتباه وتركيز المرة تلو المرة. حياة لا تكون فيها وحيداً. حياة تلتقي فيها من تحبهم ويحبونك. تذكر دائماً ان الحب ليس الفراغ أو الانتظار، انه عمل. هاتفهم، اكتب لهم رسالة بريدية او الكترونية. ابحث عن حياة تكون فيها كريماً وتحقق من ان الحياة نفسها هي القيمة الأغلى. وان الخير فيها هو ما تسعى الى نشره.
هذه اللحظات مختلفة حقاً ومتميزة ومستعادة. خذ المال الذي وفرته لمتعتك الشخصية وقدمه الى جميعة خيرية. انهمك في تحضير حساء ساخن لأمسية دافئة مع من تحب. كن أخاً كبيراً أو اختاً كبيرة. تسعى في كل ما تريده في الحياة الى أن يكون متقناً وحسناً، ولكن ان لم يكن ما تريده خيراً ونافعاً فسيبقى أبداً غير كاف وناقص. من السهل ان نضيع حياتنا وأيامنا وساعاتنا ودقائقنا. من السهل ان نتأكد من لون حدقات أطفالنا، ومن طريقة تصاعد السمفونية وهبوطها ثم تصاعدها من جديد. من السهل ان نعيش بدل ان نحيا. تعلمت ان أحيا منذ سنوات. تعلمت أن أحب الرحلة وليس المحطة. الشوق وليس الوصول. تعلمت ان الحياة ليست الاثواب التي نبدلها. اليوم هو الضمانة الوحيدة التي نملك، لا الأمس ولا الغد. تعلمت ان أنظر الى الخير في هذا العالم وحاولت ان أعيد بعضاً منه لأنني آمنت بذلك تماماً وكلياً. حاولت أن أخبر الآخرين وأفيدهم بما تعلمت وأشاركهم في خبرتي. اعتبروا من زنابق الحقل ومن زغب الشعر في إذن الطفل. افتح كتابك واقرأه وانت تحدق الى الشمس. تعلم كيف تكون سعيداً. واحسب دوماً ان الحياة مرض لا شفاء منه، لذا ستحياها بفرح وشغف وكما تستحق ان تُعاش".



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم بارد!
- بلطجى تافه لكنه خطر ايضا
- راى حول فلسطين
- دعونا نؤمن بموسم العصافير !
- هناك امل كبير و مستقبل عظيم امام الجيل الجديد !
- اشكالية الدول الايديولوجية فى عصر التحولات !
- لجذور التاريخيه المكونه لثقافه بلاد الشام الغير قابله للفكر ...
- عن تجارب الناس
- حديث الاول من كانون ثانى يناير
- هل يمكن لنا قياس الحياة !
- فلنربط الاحزمة !
- حل عصر التفاؤل!
- الربيع في القلب
- هناك متسع لانتاج الشجون
- حديث الاريعاء!
- قلب الظلام
- انتهى زمن غوتنبرغ !
- فى ذكرى رحيل ادوارد غريغ(1843.1907)
- الحركة القومية العربية من الامة الى القبيلة
- الصراع العربى الاسرائيلى اجل ظهور الاسلام السياسى اكثر من نص ...


المزيد.....




- اصطدم بعضهم بالسقف وارتمى آخرون في الممر.. شاهد ما حدث لأطفا ...
- أخفينها تحت ملابسهن.. كاميرا مراقبة ترصد نساء يسرقن متجرا بط ...
- عجل داخل متجر أسلحة في أمريكا.. شاهد رد فعل الزبائن
- الرئيس الإيراني لم يتطرق للضربة الإسرائيلية بخطاب الجمعة
- وزير خارجية بريدنيستروفيه: نحتاج إلى الدعم أكثر من أي وقت مض ...
- مخاوف على حياة 800 ألف سوداني.. تحذيرات من ظهور جبهة جديدة ب ...
- -الرهان على مستقبل جديد للشرق الأوسط بدون نتنياهو- – الغاردي ...
- العراق... ضحايا في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- جمهورية جديدة تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.. وا ...
- كوريا الجنوبية.. بيانات إحصائية تكشف ارتفاع نسبة الأسر المكو ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سليم نزال - صّ في حفل تخرّج لروائية أميركية: إن الحياة مرض لا شفاء منه