أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء هادي الحطاب - تجار الازمات














المزيد.....

تجار الازمات


علاء هادي الحطاب

الحوار المتمدن-العدد: 6781 - 2021 / 1 / 7 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقياس حيوية الأمم والشعوب تُقاس، فيما تُقاس فيه، بمدى تغلبها على الصعاب والمحن التي تمر بها، وبمقدار ما تخرج هذه الأمة بشعبها إلى بر الأمان بمقدار ما تقدم أيضاً من إمكانية تطورها وتقدمها في مستقبلها وتجاوز أزماتها المستقبلية.
العراق مرَّ بمحن وصعاب كثيرة منذ تأسيسه كدولة، وقبل ذلك كأمة، فالانقلابات وتشكيل الحكومات وعدم الاستقرار السياسي كانت السمات الأبرز لهذه الدولة، مروراً بحروب داخلية وخارجية وحصار اقتصادي لسنوات وتفجيرات وعمليات إرهابية، وكل ما تقدم حصد الكثير من أبنائه وأثر على طبيعة سلوك مجتمعه. لكن الأزمات كثيراً ما تنتج لنا لوحات جميلة من التكافل و “الغيرة” والشهامة، وهنا لست بشاعر أحاول نظم كلمات من الخيال لأرسم مشهداً وردياً بعيداً عن الواقع، فليست بعيدة حملات التكافل التي رافقت بدايات أزمة جائحة كورونا وإغلاق الطرق والمحال وتوقف حياة الناس وتضرر أصحاب الدخل المحدود، فضلاً عن الفقراء والمعوزين، شاهدنا كيف انبرى أبناء هذه الأمة للتكافل فيما بينهم بتوزيع المواد الغذائية وغيرها من حاجات المواطن، وقبل ذلك في تحرير مدننا من قبضة الإرهاب، إذ رسم العراقيون أروع مشاهد التآخي والتآزر، إذ احتضن أبناء مدن الجنوب وإقليم كردستان إخوانهم النازحين من المحافظات المحتلة من قبل الإرهاب لشهور وسنوات.
في المقابل، هناك من يعتاش على الأزمات ولا يفكر إلا بالربح، وإن كان جشعاً، في بدايات أزمة كورونا ارتفعت أسعار بعض أنواع الأدوية أضعافاً مضاعفة، كذلك بعض المواد الغذائية، لكن الأمر لم يدم طويلاً حتى أعاد “أصحاب فعل الخير” الأمور إلى نصابها وتجاوزنا، إلى حدٍ ما، هذه الأزمة بحال أفضل من دول جوار عديدة على الأقل في جانب توفير احتياجات الفقراء.
اليوم، ومع ارتفاع أسعار الدولار وتأخر رواتب الموظفين، يحاول ذات تجار الأزمات استغلال حاجة الناس بجشعهم وأنانيتهم دون الشعور بالآخرين، فبين ليلة وضحاها رفعوا -وهنا أتحدث عن تجار الأزمات لا جميع التجار- الأسعار فوصل بعضها إلى الضعف مع أنهم عملياً كانوا يبيعون ذات البضاعة التي اشتروها بسعر الدولار القديم، وهذا يؤشر فقدان قيمية “عمل الخير” لدى هؤلاء، الأمر الذي سيعود وبالاً عليهم لأنهم يرابون بطريقة أخرى، وما فارق الربح الوفير المتحقق من هذا الجشع إلا وقود يعدونه لحرق أموالهم.
لذلك نحتاج إلى إحياء قيم التكافل والتآخي فيما بيننا، وهذا الأمر يأتي من خلال عمل جاد تقوم به مؤسسات حكومية وغير حكومية عديدة ، بل إن المؤسسات غير الرسمية أكثر تأثيراً في إحياء قيمية “فعل الخير” والمعروف فيما بيننا، ورفض جشع تجار الأزمات ومحاربتهم من خلال فضحهم ومقاطعتهم اجتماعياً قبل كل شيء، فلو أنكر كل فرد منا فعل بائع، أي بائع لأية بضاعة، استثمر هذا الأزمة ورفع سعرها فوق الارتفاع الطبيعي، لأسهمنا جميعاً في لفظ هؤلاء وفرزهم ومقاطعتهم، ولو كانوا إخوة أو أقرباء أو أصدقاء لنا، لو بدأ كل واحد منا بنفسه في رفض الجشع ومحاربته من جانب، وإحياء قيمية التكافل من جانب آخر لصنعنا المعجزات في تجاوز أزماتنا ومصاعبنا.
كلنا مسؤولون عن ذلك: النُخب والأكاديميون، ورجال الدين وصناع الرأي العام وطبقة الموظفين والفنانين والرياضيين والمشاهير ووسائل الإعلام وكل مؤسسات مخاطبة الجمهور والتأثير فيه، فضلاً عن المؤسسات الرسمية المسؤولة عن إنفاذ القانون، كلنا مسؤولون عن ذلك، لأننا إن تركنا الأمر ” كأفراد” سنتضرر جميعنا “كمجتمع”، لذا علينا أن لا نقف مكتوفي الأيدي نندب حظنا ويلوم بعضنا البعض الآخر، بل نعمل جميعاً كل من خلال دوره ومسؤوليته ومساحة اشتغاله، واثق أننا قادرون على ذلك.



#علاء_هادي_الحطاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافياً.. فكرياً.. معرفياً
- اقتصاديا
- سياسياً
- يوم انتصرنا
- اجتماعيا
- الإيجابي والسلبي
- نازحون في شتاء ممطر
- ننتظر حلولاً لا بكاء
- الإصلاح المؤسسي
- رؤوس الفساد
- وأد الفتنة
- وعي.. وعي
- مخيمات الايواء – المعالجات
- مخيمات الايواء – المشكلة
- المگرودان الطبيب والمرور
- كفالة المواطن
- ما بعد تشرين
- تعزيز العلاقات
- وحوشٌ لا بشر
- تشرين


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء هادي الحطاب - تجار الازمات