أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الحرمل. رواية. سيرة الأب.. 1.














المزيد.....

الحرمل. رواية. سيرة الأب.. 1.


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 6770 - 2020 / 12 / 24 - 14:44
المحور: الادب والفن
    


* الحرمـــــــل ( رواية ) -1-
* سيرة الأب
كان ذلك في يوم الجمعة بعد عودتك من صلاتها ظهرا ً يا أبي .
كنتُ لوحدي في البيت وأختي الصغيرة , كان اليوم جميلا ًحنوناً وهادئا. يسكنه سكون معطر بسكينة ونقاء مهيب حينها. كنت. أقرأ. رواية الكاتب: فرانز فانون ، وأنا أتساوق مع. أحلامي. .
يا لمصادفة موتك يا أبي !
قـَرَعْت َ باب البيت الكبير ففتحت لك الباب حيث كنتَ ذاهلا ً , وكأنك كنتَ تحاكي شيئا ً بعيدا ً أبعد من عالمنا ، كنتَ مهابا ً وجليلا ً ومشيت بخطاك الوئيدة ، وَجـِلاً ، بجسدك النوراني الطويل ، وطهره المعهود , تَعَلّقَـتْ عيناي بذهولك المهيب , ونظرتك الذاهلة إلى البعيد , عندما تجاوزتَ شجرة َ التوت الكبيرة التي نستظل بفيـئِـها , وتكفي الجيران وكل محبي التوت من ثمراتها حينما تدر بثمرها وطعمه اللذيذ الذي لا ينسى .
وبعد أن عبرت الحوش الواسع باتجاه غرف البيت الحجرية وتجاوزت الدرجات الثلاث إلى المصطبة الأسمنتـيـة , كان ذهولك يزداد دون أن تنطق ببنت ِ شفة , فأصابني الذهول انا أيضا ً , وَطَلبت َ مني بإشارة من يدك أن أعْطِنِي ماءا ً , فاسرعت به .
وبعد أن شربت قليلا ً سقطت من يدك طاسة الماء .
وبدأ وجهك يعرق بل يتصبب مطرا ً , وعنقك تتقلص عروقه , دوان أن تنبس ببنت شفة .
مابك يا أبي .؟. أبي مابك .؟.. لم ترد ، أصرخ أبي لم تنطق , وكأنك هناك مع الأفلاك في برزخ الوجد وأنا أصابني ما أصابني من ذهولٍ واستغراب ورهبة .
فوقعتَ على الأرض بهدوء ٍ ودون ارتطام , أنت الرجل الطويل الذي يملك جسدا ً رياضيا ً وقعت , بهدوء ٍ وجلال . وبشخير النائم غفوت إلى عالمك السرمدي , وكنت ُ وحدي بالبيت .
هززتك لم تجب , هززت نفسي وأنا أهزك َ , ولم تجب , كنت أحاكيـك همسا ً وحنانا ً , وكان قلبي هو الذي يفهم لغتك الحنونة وطيبتك التي تفوق جميع الآباء .
ماذا بقي لي وأنت كل شيء لي , يا من كنت أبي وصديقي والحنان الذي أستأنس به على شقاء الحياة .
أبي , أبي , ولم تجب , وأنا أيضا ً لم أجب ولم أبك ِ ولكنني عشت عالم السحر الذي كنتَه يا أبي .
عالمك المجبول من نوارنيته وسلام روحك وكرمك السرمدي , ألم تقل لي أن أباك الشيخ سراج صاحب كرامات وهو بعيد عنا في بلادٍ بعيدة ٍ , حيث دفن هناك وتحول قبره لمزار يأمه الجميع لقد زرت قبره الجليل بعد أن طردونا الدواعش من مدينتنا ، لقد زرت قبره ياأبي في الدولة المجاورة …. حتما أنت لا تعرف أن الدواعش هي فئة مجرمة احتلت المدينة , وبدأت بقطع رؤوس كل من يعارضها وذبحهم كالنعاج , ومدينتك الرقة أضحت خرابا ً بعد أن طرد الأمريكان الدواعش من المدينة ولم تكن حربهم بالسيوف كما هو المعتاد على أيامكم بل بالطائرات والصواريخ , نعم فمدينتك الوادعة قصفوها بالطائرات والصواريخ وهجروا أهلها والبعض منهم لا يزالون تحت أنقاض البنايات , و أقبيتها ميتين َ منذ شهور , آه يا أبي هذه هي الحقيقة . أعرف أنك تتألم وتحزن لهذا ,
نعم يا أبي إنني أحدثك من بلد ٍ أوربي بعيد جدا ً أبعد من لبنا ن والعراق وتركيا والأردن اللواتي يجاورننا أبعد بكثير .
هاأنذا ألم ّ أطرافي يا أبي , وأتوادد مع الذات والمحيط , وما زالت تنتابني تلك القشعريرة التي ما فتأت تبارحني منذ تلك الليلة , أنا أًحُيطُ بي كي لا أتناثر وجعا ً مؤلما ً . وجعً يتحاوط ُ جسدي , وأصفن به , حتى أنّ رؤوس أصابعي تؤلمني , أسياخ نار ٍ تخرج منها , أما رأسي فلن أحدثك عنه إذ أنه كمحرك قديم يعمل على الديزل , تصرخ بداخله جنيات وسعالي لا يـَخـَفـْنَ الله , حتى أنهن َّ يتقاتلن بداخله بصياح ليلي مخيف , صياح جنيات ٍ , أو قرود ناطة أبدا ً في أغصان أوردته الملتوية المتشابكة , كما هاتفي الذي يرن ّ الآن بإلحاح ٍ مخيف .
سأعتذر منك الآن يا أبي لدقائق لأرى ماذا يريد مني هذا الجهاز الغبي المِلْحَاح وسأعود إليك لنتحدث بمسائل كثيرة أنت تعرفها. ياأبي .
يتبع ....



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من رواية الحرمل. 8
- الكل يأكل لحم الوطن
- الليل ُبياض الهم وقناديل الريح
- الليل بياض الهم وقناديل الريح
- نظرت أمامي وورائي
- أنت يامن تريد طعني
- أمي. ومحرقة النار ، وتوحش السرطان
- يلبط الليل ُ في دمي
- نص أدبي متجاهل للمعنى
- عجب ٌ عجب ْ
- الغرنوق الذي زرعته الملائكة في غابة السماء
- كون في عرفي المرأة
- قل أعوذ برب الفلق
- كلب. حراسة ْ
- لك الطول مامدّ جسر اليتامى دموعا
- هاوءم أقرأو كتابيَه
- رحلة
- أين ياسمين. المساء؟
- ورد. ُ الحنان
- كيف يشوف كفيف ؟


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الحرمل. رواية. سيرة الأب.. 1.