أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع















المزيد.....



مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6756 - 2020 / 12 / 9 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


1
وسارت قافلة المحمل الشريف في الطريق الطويل، المفضي إلى أرض الحجاز، وكان من المؤمل أن ترتاح في عدة محطات مسكونة قبل بلوغ الصحراء. وما دمنا على الطريق، الآهل بالبلدات، كان القرويون يخرجون في كل مرةٍ للفرجة، منبهرين بمشهد الموكب المهيب والإيقاع المنتظم لفرقة قارعي الطبول. كنتُ أراهم من فوق الهودج، كأنني أسبح فوق رؤوسهم. مع مرور الوقت، أضحيتُ معتاداً على سير الدابة، ولم أعُد أتمسّك بركابها في رُعب عندما تتمايل، على حين فجأة، بحَسَب تعرجات الطريق. إلى أن وصلنا إلى أول استراحة، حظونا بها، وكانت في آخر منطقة بحوران؛ المعروفة ب " أسكي شام " باللفظ العثماني [ أي بصرى الشام ـ ملاحظة المحقق ].
كان الوقتُ عند الأصيل، لما مررنا بقلعة البلدة ومن ثم حطينا الرحال بالقرب من أسوارها السمراء، التي حدّقت بنا من خلال فرجات أبراجها. وظهر القمر بشكل مبكر، ليرمقنا بدوره بنظرته الباسمة. قبل شروعي بتناول الطعام، رأيتُ بعض رفاق الرحلة يتوجهون إلى مدخل القلعة. فتركتُ ما بيدي، لكي يُتاح لي مشاهدة هذه الآبدة قبل أن يحل الظلام. هكذا ولجتُ خِلَل بوابة القلعة، القائمة على عدد من الأعمدة ذات التيجان. لينفتح لي على الأثر مشهدُ المسرح الهائل الحجم، المنتهية مدرجاته بالرواق، المرتكز أيضاً على الأعمدة. ثمة تحت لوحة رخامية، عثرتُ على صديقي برو وكان برفقة الطواشي حكيم. كان يتأمل في الكتابات الغامضة، المنقوشة في الرخام، قخاطبته من الخلف: " لعلك تتمكن من ترجمة هذه النقوش، أنتَ مَن يُجيد لغاتٍ عدة؟ "
" إنها كتابة باللغة اللاتينية، التي كان يفهمها غالبية أهل المشرق مثلما هيَ العربية الآنَ "، تعهّد حكيمُ الإجابة عندما إحتفظ الآخرُ بالصمت. بقينا هناك تحت ظلال صف أعمدة الرواق، نتأمل عظمة المكان، الذي بدأ الظلام يزحف على موجوداته. عدنا باتجاه المدخل، سائرين تحت الأقواس المنحوتة، التي أنعكس عليها ضوء القمر لترتسم على الأرضية الرخامية تحت أقدامنا. ومن ظلام الفناء إلى نور الخارج، دلفنا ثلاثتنا بخطى سريعة كي نصيب شيئاً من الطعام قبل تحرك القافلة. قلتُ لهما مودّعاً: " إلى اللقاء في المحطة القادمة ".

الصحراء، تغدو حقيقة ملموسة بمجرد وداع أرض حوران الخصبة واستقبال بيداء شرقي نهر الأردن، لتتحول مستقبلاً إلى رؤى في اليقظة وكوابيس في الأحلام. أول مرة، حظوتُ فيها برؤية البادية، عندما كنتُ طفلاً أرافق ركبَ الأسرة عند الهجرة من كردستان إلى الشام. لكن ذلك الطريق القفر، الممتد بين الموصل وحلب، كان حافلاً بالقرى والبلدات، التي تعيش على الزراعة والرعي بفضل الأنهار وفروعها المتعددة. لم أحظ وقتئذٍ برؤية مدينة الموصل، لكنني عوّضت ذلك بالحلول في مدينة حلب، المبهرة برفعة عمارتها وغنى ساكنيها. هكذا كان شعوري أيضاً عند المرور بمدينتي حماة وحمص، اللتين يُعزى رخاؤهما لنهر العاصي، القادم من سفوح جبل لبنان. عظمة الشام، وكانت محط رحالنا أخيراً، ما كان يُدانيها أيّ من الحواضر؛ ويُقال أنها لا تُقارن سوى بالأستانة والقاهرة.
هذا حكيم، يتكلم عن تينك المدينتين، العظيمتين، وذلك لدى حلولنا على أطراف بلدة معان: " المحمل الشريف، القادم من الأستانة، يحمل صررَ المال إلى أشراف الحجاز كي توزع على المحتاجين وأيضاً للعناية بتجديد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي بالمدينة. ثم محمل شريف آخر، ينطلق في نفس الفترة تقريباً من القاهرة، وهوَ يحمل كسوة الكعبة من قماشٍ شهير، تصنعه نساؤها منذ الأزمنة القديمة "
" أنتَ أيضاً من مصر، أليسَ صحيحاً؟ "، سألتُ الطواشي مُستدلاً بغرابة لهجته ولون بشرته. ظهرت ابتسامةٌ مريرة على فمه، فيما كان يهز رأسه بالايجاب. فكّرتُ أنها ربما لوعة الحنين للموطن الأول، أو ذكرى مؤلمة متواشجة مع وضعه كخصي. كنا جالسين، نتناول طعام الفطور، بعدما قضينا جانباً من الليل بالسير. وكنا قد أصبنا بضع ساعات من النوم، إلى أن غمرنا ضياءُ الفجر. أشعة الشمس، بحليتها الذهبية، ترامت فوق البلدة، المترائية لأعيننا عن بُعد بمساكنها الطينية وأشجار نخيلها الباسقة.
حوّلتُ مجرى الحديث، مُستلهماً حقيقةً معروفة لنا كمسلمين: " هذا الطريقُ نفسه، ربما قطعه في الذهاب والإياب الرسولُ محمد في أثناء رحلاته مع تجار قريش ". ثم قلتُ مستدركاً: " ولكن يُقال أيضاً، أن الرسولَ لم يدخل الشام كيلا يرى الجنّة مرتين. آثار قدمه الشريفة، موجودة في مقام يُدعى ‘ القدم ‘ بمدخل مدينة دمشق "
" لعل الرسول كان سيغيّرُ رأيَهُ، لو كان طريقُ تجارته يؤدي إلى القسطنطينية "، علّقَ برو على كلامي. أيّده حكيم، بالقول: " وثمة مدن لا تقل جمالاً في بلاد الروم، كذلك أمر القاهرة والإسكندرية في البلاد المصرية. مع ذلك، تتميّز الشامُ بسحر خفيّ، غامض، يجعها تستحق فعلاً وصفها بأنها صورةٌ عن فردوس السماء ". أسعدني كلامه عن مدينة الطفولة والصبا، والتي أرغبُ أيضاً أن أشهد فيها شيخوختي وختام رحلتي في الحياة.

2
غبَّ الابتعاد عن بلدة معان، واصلنا سيرنا جنوباً وكان الطريقُ يتلوى عبرَ التلال الصخرية والكثبان الرملية. طليعة الموكب، كانت مؤلفة من رجال امتطوا رواحلهم وغدوا بمثابة الدليل. كانوا يحفظون عن ظهر قلب كل بقعة من هذه الدروب؛ وكما لو أنها مغناطيسٌ تجذبُ حديد ذاكرتهم. مع توغلنا في الصحراء، اشتدت حرارة الجو، ما جعل آمرو الموكب يحثوننا على السير ليلاً على أن نستلقي للراحة والنوم في خلال النهار عند واحاتٍ يتواجد فيها عيون الماء. وما لبثنا أن وصلنا إلى أكبر الواحات، وكانت تُدعى بئر أبي هرماس، وعلمنا أنها تبعد عن مدينة تبوك بمسير يوم. أخترتُ بقعةً منعزلة، قريبة من عين تجري مياهها، ويغطيها القصب. بعدما أصبتُ شيئاً من الطعام، استلقيتُ تحت ظلال النخيل وغفوت. أفقتُ على ساعة الأصيل، فاتجهتُ إلى عين الماء لأغسل وجهي. جذبَ نظري هودجٌ جميل، كأنما زُخرف قماشه بقطع الفسيفساء، فأدركتُ أنه ركبُ السلطانة. مكثت بجانب العين، لحين انتباهي لحلول الظلمة. المشاعل، صارت تُنار على الأثر، وبدأ الموكب يستعد للتحرك.
" إنها تبوك..! "، رددت عدة أصوات من حولنا. كنا عندئذٍ قد دخلنا في وادٍ نضير، كثير الزرع، يمرّ منه جدولٌ نحيل يهدر بمياه الربيع، القادمة من عيون قريبة أو عبرَ الجبال العالية، المترائية عن بُعد بلونها البنفسجيّ. الجبال القريبة، الكابية اللون والمتناهضة كالسدود الصخرية، كانت سفوحها مليئة بنباتات شوكية. ثمة على جانب الطريق، وقف موكبنا ثانيةً للراحة وتناول الطعام. كانت المدينة تظهر قليلاً من شق الوادي، ولم يختلف منظرها عن بلدة معان. بينما كنا نأكل، انتبهنا لقدوم فرقة صغيرة من الجند من جهة المدينة، وكانوا يستعملون الجياد لا الجمال. كان الصديقان قد انضما إليّ، غبَّ مغيب الشمس بقليل. قال حكيم، مومئاً برأسه إلى ناحية الرجال القادمين: " لا بد أنهم من حامية تبوك، حضروا لمرافقة الموكب فيما تبقى من الطريق ". راقبت الجندَ وهم يترجلون عن جيادهم، وكانت سحناتهم وملابسهم تدل على أنهم من أفراد الانكشارية. مَن لاحَ أنه آمرهم، إتجه إلى ناحية خيمة الباشا، أمير الحج. ما لبثَ الصمت أن حلّ، بهجوع الجميع إلى النوم باستثناء الحراس، الذين كانت لهم مناوبات خاصّة.

" الأخبار غير سارة، يا صاحبي "، ابتدأ حكيمُ يتكلم وكنا عندئذٍ قد حللنا عند الفجر على مشارف إحدى الواحات، المُسماة " شِغْري "، وتبعد بمسافة يوم عن تبوك من جهة الجنوب الغربيّ. كنتُ أعتمد على الطواشي في معرفة الأحوال خلال الطريق، كونه الأقرب إلى أولي الأمر. هكذا أردف حكيم، قائلاً: " تبيّنَ أن الجند قدموا لتحذير الباشا من تحركات مريبة لقبيلة حرب، المعتادة على قطع طريق الحج لو لم يُقدّم لها رشوة معلومة. لكن أمير الحج رفضَ الدفع مما بيده من مال، كونه مخصصاً لأشراف هذه الأرض الطاهرة لا للصوصها الكفّار ـ كما قال. في المقابل، أمرَ الباشا بتغيير سير القافلة، للاتجاه إلى ناحية البحر حيث تكون الدربُ بمنأى عن مضارب تلك القبيلة المارقة "
" لقد لحظتُ عندما كنا بالقرب من تبوك، أنّ الجند لم يستمروا في السير مع القافلة "، قلت له. أومأ حكيم رأسه بالايجاب، وقال موضّحاً: " ربما تجادل آمرهم مع الباشا، المعروف بعدائه للانكشارية ". تدخل عندئذٍ برو، ليخاطبني في شيء من الحياء: " سبقَ وحذّرتُ، كما تعلم، شيخَ الأستانة من سلك هذا الطريق ". كان يعني نبوءته للشيخ، بأنه لن يكون في وسعه رؤية مولاه السلطان مرةً أخرى. راقبتُ صاحبي عن كثب، لأحدد أمارات القلق في ملامحه، وكان نورُ الفجر بالكاد يُسعفني في الرؤية بشكلٍ حَسَن. علّقت بالقول، محاولاً الابتسام: " لكنك رضيتَ، مع ذلك، مرافقة القافلة في طريق الخطر؟ ". لم يُجب بشيء، وما عتمَ أن استلقى استعداداً للنوم في ظلال النخيل. بقيتُ صاحياً عندما توهّجت أشعةُ الشمس، وكانت الهواجسُ تهاجمني بلا رحمة. أخيراً غفوتُ، وهذه المرة أضحيتُ في قبضة الكابوس.

رأيتني مع الملتفع باللون الأزرق، نبحثُ بلا رجاء عن صديقنا، صاحب النبوءة. كان المكان على حافة جرفٍ صخريّ، وقد تبدا في الأسفل واد ذاخر بالخلق ممن كانوا يحتفلون بمناسبة ما. رأى مرافقي أن نشارك القوم لهوهم، لكنني استمهلته لكي نحظى بدرج حجريّ عوضاً عن النزول في المنحدر، الشديد الوعورة. ابتعدت عنه قليلاً، ورحتُ أقلّب عيني هنا وهناك أملاً بأن أحظى بذلك المسلك المأمول. وإذا مرافقي يختفي لحظة التفاتي نحوه، ما جعلني هذه المرة أتخبط في البحث عنه. دخلتُ بعدئذٍ إلى فناءٍ متعدد العقود، محمولٍ على أعمدة ذات تيجان على شكل رؤوس بشرية. ثمة، راعني وجود نسوة متهتكات، يصرخن بكل من يدخل إلى الفناء بالقول: " تعال لتشاركنا في الحفل، المقام على شرف آمر اللاوند ". كان ثمة فتحات في الجهة الجنوبية من الفناء، المطلة على الوادي. حاولت الاهتداء لفتحة واسعة، يُمكن منها النفاذ إلى درجٍ ما، لكن عبثاً.
" صديقك على انتظار في الحجرة الأخرى "، خاطبتني إحداهن. كانت منفصلة عن الجمع، وأقرب ما تكون للحشمة والحياء. دققت النظرَ فيها، وإذا بأوصافها تنطبق على ما سبقَ لربيب الأحاجي أن أفادني به عن محبوبة قلبه. مشت السلطانة أمامي كالدليل، وإذا بالحجرة المطلوبة مقفرة من أيّ كان، اللهم إلا من أصنام صغيرة ودقيقة في كوى بالجدران، تمثل طيوراً بأشكل غريبة أشبه بالوطاويط. تقدمتُ من ثم إلى ناحية الكوة الوحيدة، المفترض أنها تشرف على الوادي. مع انسلالي من بين جنباتها، صارت تضيق بشكل متواتر حتى كبست على أنفاسي وجعلتني أطلقُ صرخةَ نجاة.

3
النسيمُ الصحراويّ الطريّ، مررَ لمساته عليّ حالما تخلصتُ من لجّة الكابوس. كانت البيداء ممتدة ببياض رمالها بعيداً حتى الأفق، كأنها صفحة من كتاب اللانهاية. كل شيء كان غارقاً في الصمت، في هذه الطبيعة، التي كأنما وحدتها ترفضُ الإنسانَ وترحّب بالكائنات الأخرى. على دهشتي، تقاطعت عندئذٍ فراشةٌ مع أفكاري، متمايلة على زهور النباتات الشوكية. الكثبان الرملية، المتبدية كطيات بطن امرأة حسناء، كانت ترتعش مع حركة النسيم. كل شيءٍ في هذا المكان، المنتمي للقفر والعزلة والصمت، كان في المقابل ينطق بمفردات الحرية. لكنّ قرقعة حوافر جياد، ما لبثت هذه المرة أن تعهّدت إيقاظي من أفكاري. ثم تبعها على الأثر ترددُ أزيز طلقات بارود، متخللة بصرخات وحشية.
" لقد ابتدأ الأعرابُ، كما كان متوقعاً، الهجومَ على قافلة الحجّ السلطانية "، صحتُ بصديقي برو وكان قد فتحَ عينيه على الجلبة الجنونية. بينما كان الهرجُ يعم معسكرنا، راحَ المهاجمون يدورون على جيادهم حولنا فيما يُشبه الكمّاشة. أولى الضحايا، كانوا من جماعتنا، وما أسرع أن لحقهم تساقط بعض الفرسان المهاجمين بنيران حرس القافلة. هؤلاء الأخيرين، كانوا قد لحقوا بأخذ وضعية الدفاع، جاعلين من الجمال والبضائع حصوناً يحتمون بها. بيد أننا كنا ضمن الواحة تقريباً، في حين أن المهاجمين مكشوفون. جاءني من ثم صوتُ صديقي، قائلاً بقنوط: " الأعراب يعرفون جيداً هذه البقاع، ولن تنفع المقاومة بشيء ". أرسل بعدئذٍ نظرة حزينة باتجاه مركز المعسكر، أينَ خيمة السلطانة، وما عتمَ أن نهضَ من مكانه. نظرة تصميم في عينيه، حلّت بمحل نظرة الأسى. لكنني أمسكتُ بتلابيبه، وشددته ثانيةً إلى الأرض بقربي: " لا تكن أحمقَ. المهاجمون، لن يكونوا من الجنون أن يمسّوا بأذى شقيقةَ سلطان الكون "
" بل إنّ هدفهم هوَ ذلك المكان تحديداً، أين توجد السلطانة، كونه يحتوي على صرر الذهب "، رد عليّ. مع ذلك، لم أستطع منعه عندما اندفع باتجاه أحد المدافعين الصرعى، ليتناول بندقيته. راحَ من ثم يطلق النار من مكمنه، خلف جذع إحدى أشجار النخيل، التي كنا قد استلقينا تحت ظلالها لما غفونا عند الفجر. بعضُ المهاجمين، الذين كانوا يواصلون الدوران حولنا على جيادهم، انتبهوا لمصدر النيران الجديد، فراحوا يصلون بقعتنا بنيران مماثلة. لأول مرة في خلال الرحلة أدققُ بصري بالجمل، الذي رافقني من مبتدأ الرحلة في دمشق: كان مفزوعاً ولا شك، مثلما لاحَ من نظراته الحائرة، المتوسّلة، المثبَّتة على صاحبه. كان ما زال يرغي ويجتر، مقعياً على قوائمه بالقرب مني، فيما الطلقات تتطاير فوق رأسينا أو تتساقط بالقرب من جسدينا.
" سنستخدمُ دابتك في التسلل من المعسكر، حالما تلوحُ فرصةٌ سانحة "، خاطبني برو وكما لو أنه تابع محاورتي الصامتة مع الجمل المسكين. كان قد رمى ابندقية جانباً، لعدم وجود بارود، وفي التالي، إنشغل عنا المهاجمون. ثم أعقبَ، بأن أشارَ إلى ممر تتشكّلُ على جانبيه أجمة نباتات عالية الساق، يجري جدول ماء العين بالقرب منه، وتحف به الأشجار بغزارة: " سنعبرُ مع الجمل ذلك الممر، وبعد ذلك نستدل على طريق الإياب للعودة إلى تبوك ". كان العديد من أفراد المعسكر، بالأخص النساء، قد تجمعوا هنالك طلباً للحماية بين النباتات والنخيل والتلال الرملية. الممر نفسه، كان شبيهاً بخندق طبيعيّ. فرأيتُ أيضاً ألا نفوّت الفرصة، لاستعمال الممر في الإفلات من الكماشة القاتلة. لحُسن الحظ، أنّ كل ما معي كان ما فتأ مربوطاً بالجمل؛ المال والزاد والماء. عندما عزمنا على إنهاض دابتنا، تمهيداً للفرار من المكان، ألقى صديقي نظرةَ أسى أخرى على خيمة السلطانة، الملفوفة بالغبار ودخان البارود.
كان جملٌ آخر في الجوار، قد أناخَهُ صاحبُه قبل أن يلقى مصرعه بطلقات البدو. دونَ إبطاء أو تردد، أنهضَ برو الحيوانَ وسار به في المقدمة بخطوات عجولة. لحقت به مع دابتي، وما أسرع أن توغلنا في ذلك الممر، الأشبه بالخندق بتعرجاته وعمقه. تابعنا السير بعدئذٍ في دغل ذي نباتات شوكية، لحين أن ابتعدنا لمسافة جيدة عن ميدان المعركة. عند ذلك، بادر كلّ منا لامتطاء دابته والسير بها باتجاه الشمال الشرقيّ، أين تقع مدينة تبوك. أكثر من جثة اعترضت بدايات طريقنا، ترقد مستوحشة في هذه الواحة المعزولة من الصحراء. وكان من الممكن أن نلقى المصير نفسه، لو أنّ البدو جدّوا في أثرنا. لكن المعركة كانت محتدمة بعدُ، مثلما أن الغنائم كانت تعمي أعينَ أولئك المهاجمين. أخذ رفيقُ الرحلة دورَ الدليل، فسار في المقدمة يتتبع آثار سنابك دواب قافلتنا. فيما بعد، علمتُ أن الجملَ يتصفُ بالنباهة، ومن النادر أن يجعل صاحبه يتيه في مجاهل الصحراء.

4
بضعُ ساعاتٍ مرّت على مغادرتنا واحة الدم والاستباحة، وكان كل شيء حولنا يلمع تحت أشعة الشمس القوية. لم يكن أيّ منا قد حظيَ بشيء من النوم، كون الهجوم بدأ مع طلائع الفجر. لكن التصميم على النجاة، جعل الراحة آخر اهتماماتنا. برغم ما نشعر به من عطش خلال الطريق، كان الواحد منا يكتفي بالنزر اليسير من الماء، وذلك على سبيل الاحتياط. دروب الصحراء تتقاطع أيضاً، ما جعلنا نتوقف ونختفي خلف إحدى التلال أو داخل إحدى الوهاد، لو رأينا عن بُعد أثراً إنسانياً يتحرك بمفرده أو على شكل جماعة. هذه المواقف الطارئة، كانت تمدنا بالنشاط، الذي يعيننا على مواصلة السير. الصحراء، بالنسبة لأهل الحضر وبالأخص المدينيين منهم، تُعدّ مكاناً غامضاً لا يمكن إلا أن يجلبَ الموت في متاهته ولأبسط سبب.
أوقفنا انطلاق راحلتينا عند حلول الظلام، وجلسنا لنصيب شيئاً من الطعام والشراب. كنا الآنَ داخل أحد الوديان، الوردية اللون، الواقعة على مسافة ساعات قليلة من مدينة تبوك ـ كما قدّرنا بحَسَب ذاكرتنا الطرية عن المكان. كنا محظوظين، ولا شك، بقرار التراجع شمالاً إلى تلك المدينة، بدلاً من إكمال الطريق جنوباً إلى جهة البحر والمؤدية إلى الكعبة المشرّفة. كون الخطر زال تقريباً، فإن كلاً منا عمد إلى فرش البساط، المجلل ظهرَ جمله، لجعله منامة على الأرض. الوسن والارهاق والقلق، عجلوا في إسلامنا إلى غفوةٍ كان في الوسغ أن تمتد حتى وقت متأخر من صباح اليوم التالي. لكن في مبتدأ الفجر، أيقظتني مجدداً قرقعةُ سنابك الجياد. لوهلةٍ، ظننتُ أنه من تضاعيف الحلم أو الكابوس. لكن هوَ ذا صاحبي إلى جانبي، ينهض بنصف جذعه: " ثمة فرسان، قادمون باتجاه الوادي "، قالها بصوتٍ خافت وكأنما يخشى أن يسمعه أولئك الأشخاص. كان من المستحيل علينا فعل شيء، غير انتظار مصيرنا، بالنظر إلى أننا كنا متواجدَيْن على جانب طريق السفر.
" الشكر لله، أنكما نجوتما من المذبحة "، هتفَ صديقنا حكيمُ بعدما أزاحَ اللاثة عن سحنته النحاسية. كان مع نحو عشرة فرسان، أحدهم لم يكن سوى باشا الشام نفسه. هذا الأخير، لاحَ من أمارات سحنته ما يكابده من الهموم بالنظر لمسئوليته عن سلامة المحمل الشريف. لعله لم يعُد يأبه بمهابة منصبه، بنزوله عن صهوة حصانه ـ كما فعل طواشي السلطانة، لما هُرع إلينا. اقتدى الآخرون بهما، وترجلوا عن جيادهم. كان برفقتهم جمل واحد، محمّل بزكيبتين على جانبيه. ما لبث الجمعُ أن شاركنا بتناول الفطور، الذي كان قد بقيَ معنا في الزاد. لكنهم رووا عطشهم أولاً، بالنظر لسيرهم ساعات طويلة دونَ ماء تقريباً. بدَورهم، كان القادمون بحاجة إلى الراحة والنوم، اللتين حرموا منهما بسبب هجوم البدو. قبيل هجوعه بالقرب منا، سأل برو الطواشي عن مصير السلطانة. أجابه هذا بصوت مرتعش: " لقد سُبيت، كحال بقية النساء ممن نجون من القتل ". نفخَ الآخرُ بمزيد من الحسرة والقنوط، بينما بصره راحَ إلى ناحية الخلاء، المتبَدّي مثل مقبرة مهجورة.

لكن مصير السلطانة سرعان ما تحددَ، وكنا عندئذٍ قد حللنا في مدينة تبوك. موكبُ باشا الشام، المتراجع مهزوماً وفي حالة رثّة، استُضيفَ في قلعة المدينة، أينَ مقر الحامية الانكشارية. كانت القلعة تطل على مشهدٍ طبيعيّ جميل، بجباله الحمراء ووديانه الخضر فضلاً عن مساكن المدينة وغالبيتها مبنية من الطين ومسقوفة بجريد النخل. عُدنا نحن الأصدقاء الثلاثة للانفراد معاً، عقبَ منحنا حجرة بالقلعة، كانت مخصصة للحرس، تقع تحت أحد الأبراج. هواء المنطقة في هذا الفصل من الربيع المتأخر، كان عليلاً وعذباً، مشحوناً برائحة الأزهار المزروعة بكثرة حول القلعة وداخلها على السواء.
" ثمة مفاوضات مع الأعراب، يُمكن أن تُفضي لاطلاق سراح مولاتنا السلطانة "، عاد إلينا حكيم بهذا الخبر ووجهه مُستبشرٌ. ذلك، كان في صباح اليوم التالي لوصولنا. بحَسَب معلوماته، أنّ شيخ قبيلة حرب، المدعو " صخر "ـ وكان قائد الهجوم على المحمل الشريف ـ طلبَ دفع فديةٍ، مقدارها مائتي ألف قطعة ذهبية، لقاء التخلي عن السبايا. حمل العرضَ مندوبٌ من الشيخ، وصل ليلاً إلى القلعة. وأضاف الطواشيّ: " جرى الاتفاق على سير قائد جند القلعة إلى مضارب الأعراب، ليبقى رهينةً حتى وصول الفدية المعلومة. في مقابل ذلك، يُطلق سراح السلطانة وباقي نساء القافلة ممن بقين على قيد الحياة ". ما لم يكن بالحسبان، أننا نحنُ الثلاثة سنبقى محتجزين في القلعة، كرهائن، لحين عودة ذلك الآمر الانكشاريّ سالماً.
وصلت السلطانة في الصباح التالي، وكان برفقتها بقية النسوة السبايا. لأول مرة، يتسنّى لي رؤية المرأة، السامية المقام، التي ملكت قلبَ وروح وعقل صديقنا؛ " النبي كيكي ". كانت كما وصفها لي من قبل، عندما عاد من قصر الباشا مترنّحاً من ثمالة خمر جمالها. وكان من المؤمل، على أثر إطلاق سراح السلطانة ورفقتها، أن يسير موكبنا في طريقه إلى الشام؛ لولا اعتراضنا من لدُن أفراد الحامية. اشترطوا أن يعود آمرهم أولاً، ومن ثم يُسمح لنا بالمسير. ولقد عاد الآمرُ في ساعة متأخرة من ليلة ذلك اليوم، ولكنه مفصول الرأس: الأعراب، الذين تعرضوا لخديعة باشا الشام، انتقموا بقتل آمر الانكشارية. لقد أرسل إليهم الباشا الفدية المعلومة، حالما وصلت السلطانة إلى القلعة. لكن الزكيبتين المرسلتين، كانتا مملوءتين بالحصى بدلاً عن الذهب.

5
" بيهان "؛ هذا هو اسمُ السلطانة، التي استقبلتني في اليوم التالي لوصولها إلى القلعة وكنتُ برفقة صديقيّ. لقد سارا بي إلى مجلسها في الإيوان، المنعكس عليه نورُ النهار خِلَل النوافذ، المعشّقة بألوان مبهجة. كانت جالسة بصدر القاعة، مُحتضنةً قطة بيضاء وغزيرة الشَعر. برغم جمالها المُبهر، لاحت السلطانة شاحبةَ الوجه. لعلها كانت ما تفتأ مرهقةً من أثر الويلات، التي شهدتها في الأيام الأخيرة. خاطبتني برقّة باللغة العثمانية، لما مثلتُ بين يديها: " سمعتُ عنك في الماضي أشياء حَسَنة، بالأخص علمك الوافر والذي ينهل منه الطلبة في المدرسة الشامية الكبرى ". كان نطقها جميلاً ورصيناً، ما دل على سِعة علمها أيضاً. لم أفاجأ بمقابلتها لي وهيَ سافرة الوجه، ذلك لأنني أُحِطتُ علماً بمسلكها من خلال صديقي برو؛ وكنا قد علمنا مبلغ قربه منها فيما مضى. أضافت السلطانة: " ربما أكون بحاجة إلى علمك في الأيام القادمة، لو بقيتُ فترة أخرى في الشام الشريف "
" ليَ الشرفُ، يا مولاتي، وإنني رهنُ اشارتك دوماً "، أجبتها وأنا خافضُ الرأس. أشارت بيدها كي أجلس على أريكةٍ، بجانب صديقي برو. هذا الأخير، كان في الأثناء يرمق أميرته بنظرة ثابتة، مشتعلة بالوله والأسى في آنٍ معاً. لكنه كان سعيداً، ولا غرو، بنجاتها من الواقعة الرهيبة والتي نتج عنها مقتلُ معظم أفراد قافلة الحج السلطانيّ رجالاً ونساءً. تناولنا على الأثر أحاديثَ متنوّعة، وكنا نجهلُ بعدُ أننا بمثابة الأسرى لدى الحامية الانكشارية. لاحَ أنها تؤمن بشدّة بالسحر، كذلك لمّحت أكثر من مرة إلى إعتقادها بامتلاك صديقنا برو لقوى خفية. جرّبت ذلك بنفسها ـ كما قالت ـ لما عانت ذات مرة من صداع مؤلم، لم يفد فيه وصفات الأطباء ولا أعشاب العطارين. ثم أردفت وعلى شفتيها الرقيقتين ظل ابتسامة حزينة: " لقد تنبأ لشيخ الإسلام بمصيره، رحمه الله وغفر له ". هذه كانت المرة الأولى، أنتبه لفقدان أثر الشيخ، لذلك كان نبأ مصرعه مفاجأة كبيرة بالنسبة لي. رددتُ بصوت مسموع: " رحمه الله وغفر له ". أما ما جرى في خلال المقتلة الكبرى، فإنني أعتمدتُ على معلومات الطواشي، وكان قد طلبَ منا، أنا وبرو، ألا نبوح بها لأحد.

كان هذا في أثناء الهجوم على القافلة، في فجر ذلك اليوم المشئوم. أبصروا حملة الأعراب على المعسكر، عقبَ إفاقتهم على صوت الصرخات وإطلاق نار البارود من لدُن فرسانهم. الباشا، خرجَ عندئذٍ من خيمته وهوَ بملابس النوم، ليُصدر الأوامر بالتصدي للهجوم. عصبة من الحراس، تولوا على الأثر الدفاع عن خيمة السلطانة، وكانت تضمها مع عدد من الجواري. بدأ سريعاً تساقطُ الحراس، علاوة على رفاقهم من أفراد الحامية. بعضُ المهاجمين، وقد ضمنوا الغلبة في الموقعة، تعجلوا لنيل الغنائم. كانوا لا يكتفون بسلب النساء، وإنما عمدوا أيضاً لطريقة شنيعة بالتفتيش عن المزيد: كان الواحد منهم يدخل يده في فرج المرأة السَبيّة، مفترضاً أنّ هذا مخبأً مناسباً للحلي الذهبية وغيرها من المجوهرات. لما تناهى لعلم السلطانة ما يُفعل بنساء القافلة السبايا، أمرت إحدى الجواري بلتّ الماء مع التراب ثم جعلت الطين ككتلة على الفرج كيلا يتمكن الأعرابُ من كشف عورتها. وما لبثت خيمتها أن تقوَّضت، فقُتلَ من قتل وسُبيَ من سبي.
" لما أدرك الباشا ألا أمل في إنقاذ السلطانة، أمرَ بقية عسكره بفتح طريقٍ آمن للانسحاب من المكان. المهاجمون، لم يروا داعٍ لمطاردة الفارين من ميدان المعركة، طالما أن هدفهم هو النهب والسلب والسبي. لكنهم لم يفطنوا إلى الجمل المرافق لجماعة الباشا، والمحمّل بزكيبتين مملوءتين بالقطع الذهبية؛ وهيَ هبة مولانا السلطان لأشراف مكة والمدينة، وللانفاق على ترميم الكعبة والمسجد النبوي وغيرهما من مرافق الحج "، أختتم حكيمُ الحكاية بهذا المقدار من الكلمات. كنا عندئذٍ منفردين بالحجرة، المخصصة لاقامتنا في القلعة، وذلك في مساء اليوم التالي لوصولنا إلى تبوك. علّقَ برو، مدمدماً من بين أسنانه: " لو كنتُ على علم بأن الباشا سيترك السلطانة لمصيرها، لهُرعت كي أدافع عن خيمتها "
" لم تكن ستجني شيئاً، يا صاحبي، غير فقدانك لحياتك "، رد الطواشيّ. إذاك، لم نكن على علم بما سيؤول إليه حال السبايا، وبضمنهم السلطانة. فلما عادت سالمة، غبَّ إبرام الصفقة المعلومة، فإن فرحة صديقنا برو كانت لا توصف. حتى أنه لم يجد حَرَجاً، بالقول: " كم أتمنى لو أنني أحظى الآنَ بقرعةٍ من الخمر، أعبّ منها حدّ الثمالة ". قلت له بزعل: " أخشَ ربك، يا رجل، وأنتَ في أرض الحجاز الطاهرة "
" ليست أطهر من الفردوس، الجاري فيه نهرُ الخمر! "، أجاب ربيبُ الأحاجي بلهجته المستهترة والساخرة. ضحكةُ حكيم، قرقرت كمألوف عادته عندما يسمع حججَ صديقنا، الغريبة وغير المألوفة.
غير أننا في اليومين التاليين، استسلمنا مجدداً لمشاعر القنوط واليأس، وذلك لما علمنا بأننا أسرى لدى الانكشاريين، الذين جن جنونهم عقبَ عودة آمرهم جثةً مفصولة الرأس. أخيراً، تنفسنا الصعداء، حينَ استدعت السلطانةُ نائبَ الآمر وحملته على القبول بمسيرنا إلى الشام. هدأته بالقول: " ما فعله الباشا بآمركم، سيُضاف إلى ذنوبه لدى مولانا السلطان؛ هوَ من عرَّضَ المحمل الشريف للابادة والاستباحة، نتيجة جشعه وحرصه وعدم تبصّره ".

* الكتاب الثاني من رواية " الأولى والآخرة "، المنشورة في الموقع عام 2010



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثالث
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الأول
- مدخل إلى عصر الرعب: توطئة
- مدخل إلى عصر الرعب: تنويه من المحقق
- زمن موناليزا الحزينة: الخاتمة
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثامن عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السابع عشر


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع