أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 2














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6732 - 2020 / 11 / 14 - 19:30
المحور: الادب والفن
    


تجدّدَ حِدادُ الدار، وهذه المرة عقبَ وفاة امرأة حسينو؛ شقيق جمّو. زهرو، كانت انسانةً رقيقة، طبعُها اجتماعيّ، ومحبّة لأفراد العشيرة برغم أنها ليست منهم. رجلها، نظرَ دوماً إلى ضيافتها لنساء الأقارب، وماكانت تبديه في الأثناء من كرم، على أنه يقود إلى خرابه مادياً. لكنها كانت ذات سلطة عليه، بحيث تصرّفت بمصروف البيت دونما حاجة لمراجعته. لقد عشقها بجنون، وهذا كان غريباً على رجل مثله؛ رجل، قلما أبدى اهتماماً بأحد بما في ذلك نفسه ذاتها. حزنَ كثيراً عندما هاجمها المرضُ الخبيث، وكانت في خلال ذلك تكررُ وصيتها بشأن ابنهما الوحيد وألا يجعله يحتاج لشيء لو رحلت عن الدنيا.
الابن، زاهر، كان صورةً عن أمه الجميلة بشعره الأحمر وملامحه الدقيقة وطوله الفارع، وكان في إبّان سنّ المراهقة. بيدَ أنه تميّز بالخجل الشديد، خصوصاً لما كان يرافق والدته إلى أحد بيوت أعمامه. خجله، كان على الأغلب على خلفية ما عُرف به أباه من طبع معلوم وهيئة مزرية شبيهة بالمتشردين. لذلك نشأ الغلامُ على طبع مغاير كلياً، واتّسمَ أيضاً بأناقة المظهر. في المقابل، لم يكن يحبّ المدرسة واعتاد أن يهرب من الفصول كي يمضي وقته متجولاً في شوارع المدينة أو يحضر فيلماً في صالة السينما. شغفه بالأفلام، كان متوافقاً مع ما في شخصيته من عذوبة ورومانسية. أصدقاؤه، كانوا يمازحونه بالقول أنه أكثر وسامة من أبطال السينما. لكنه على الأغلب لم يعرف الحب، إلا عندما التقى مع ابنة عمّه جمّو وذلك في خلال مأتم أمه: إنها الابنة الكبيرة، الشقراء، التي منحها والدها اسمَ أرملة صديقه الأمير البدرخانيّ. يُقال أيضاً، أنها أكثر حفيدات السيّدة سارة شبهاً بها. لقد أخرجت من المدرسة في العام نفسه، وكانت في الصف السادس، لتعين والدتها في الاهتمام بالشقيقين التوأم، الذين ولدا قبل ذلك بأشهر قليلة.

***
ثلاثة أعوام على الأثر، ثم حضرت رابعة ذات يوم إلى منزل جمّو كي تتكلم بالنيابة عن شقيقهما: " حسينو، يرغبُ بخطبة ابنتك لزاهر ويرغب بمعرفة جوابك "، قالتها بما يُشبه صيغة الأمر. جمّو، المعروف بالطبع الصريح، بادرَ فوراً إلى النظر في عينيّ شقيقته، قائلاً: " لو أنها كانت ابنتك، هل كنتِ ترضين أن يكون حسينو حماها؟ "
" إنها ستقترنُ بالشاب وليس بأبيه "
" نعم، ولكن الشاب نفسه لا يملك صنعة ولا شهادة "
" إنه يديرُ متجراً في الشارع التحتانيّ، وليسَ عاطلاً عن العمل "
" المتجر ليسَ له، بل هوَ مجرّدُ أجيرٍ "، قال ذلك وأشاحَ وجهه إلى جانب. ثم تمتم وقد بانَ على ملامحه الانفعال: " أصلاً شقيقي لا يرغبُ بأن يخطب لابنه فتاةً غريبة، كيلا يضطر لدفع مهرها. لكنّ عادة إعطاء الفتاة لابن عمها، صارت من الماضي ".
ردة فعل حسينو، اتسمت أيضاً بالانفعال. هدّدَ بالمطالبة بحصته في منزل أبيه، قائلاً أنه سيحرم جمّو من حديقته الأثيرة. لكنه ما لبثَ أن انشغل عن ذلك، حينَ سقط ابنه مريضاً. ظنّ في البداية أنّ الشاب يُعاني، نتيجة جواب الرفض من لدُن عمه. مع دخوله المتزايد في بحران الحمّى والهذيان، تدخلت امرأة الأب لتلح على الرجل أن يستدعي طبيباً. ثم تم نقله لاحقاً إلى المستشفى، لما بيّن الكشفُ أنه مريضٌ بالحمى الشوكية. غبّ ابلائه من المرض، آبَ زاهر إلى شيمته الأولى في التسكّع والضياع. فرغ صبرُ الأب، فعمد إلى طرده من البيت. بضعة أعوام على الأثر، وإذا الأصدقاءُ ذات يوم يظهرون مع الشاب أمام أبيه: " تصرفاته باتت غريبة، كما أنه لم يعُد يتكلم بشكلٍ منطقيّ "، قالوا ذلك بنبرة حزينة. لم يمكث زاهر كثيراً في كنف الأب، المفتقد لمشاعر الرعاية والحنان. أسرعَ هذا بتسليم الابن إلى مستشفى الأمراض العصبية؛ ثمة، أينَ قضى بقية عُمره ثم رحل عن الدنيا قبل أن يكمل سنّ الستين.
حسينو، كان قد اقترنَ مجدداً بعد رحيل زهرو بفترة قصيرة. حصل الأمرُ عن طريق المصادفة. شقيقه جمّو، وكان آنذاك على علاقة طيبة به، هوَ مَن تعهّدَ تدبير الأمر. إذ كان في زيارة لأرملة الأمير، وكانت في ذلك الوقت ما تفتأ مقيمة في حي المهاجرين. كانت تخدمها امرأة شابة وجميلة، تلوح عليها أماراتُ الرفعة والنبل. ولأن الأميرة تثق بجمّو، فإنها أسرّت إليه رداً على تساؤله: " أعدّها قريبة لي، كون زوجها الراحل من عشيرتنا. وهيَ نفسها من أسرة رفيعة المقام. لقد هربت مع طفلها الرضيع إلى سورية قبل بضعة أشهر، لسببٍ أرادت ألا تظهره لكائنٍ من كان ". على الفور، فكّرَ جمّو بشقيقه الأرمل وأن هذه امرأة مناسبة له.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثامن عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الخامس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الرابع عشر


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 2