أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


بعد عدة قرون من العزلة، بدا أن الحي الكرديّ قد خرجَ تماماً من شرنقة العزلة. أزمة السويس، برهنت على ذلك، سياسياً، بما كان من هبوب شباب الحي للتضامن مع الشعب المصريّ ضد الغزو والتدخل الأجنبيّ. من ناحية أخرى، فإن حي الأكراد، الذي يلوحُ للعين عن بُعد كما لو أنه ذيل لمدينة دمشق، تبوأ مكانة مرموقة بين الأحياء الأخرى نتيجة إنجابه لعدد من أبرز الأعلام في جميع مناحي الحياة. إلى تسنّم أبناء جلدتهم أعلى المناصب العسكرية والحكومية، وذلك برغم إعلان العديد من هؤلاء إنتماءهم للعروبة كيلا يصبحوا هدفاً للدعاية المعادية من لدُن العناصر البعثية والقومية السورية. الحي نفسه، انفتح على الأغراب ممن رغبوا بالاستئجار أو شراء البيوت. فيما سبق، كان ذلك من المحرّمات مهما كانت الحاجة المادية ملحّة بالنسبة للأهالي.
أول مَن حلّ مِنَ الغرباء في زقاق الحج حسين، بغية شراء عقار، كانت امرأة من الميدان، عُرفت بلقب " الشاميّة ". شخصيتها القوية، طغت على اسم رجل الأسرة، وكان يعمل في صنعة الدباغة بمركز المدينة. اشتروا من ديبو، ابن موسي، ذلك الجزء من منزله، الكائن بلصق منزل أمين؛ زوج زهرة. لم يكن في الوسع معرفة عُمر هذه المالكة الجديدة، إلا عندما حضرت ابنتها المتزوجة للزيارة، وكانت تبدو من جيل بيان. وفي حين أن رجل الأسرة ما كان يظهر في الزقاق إلا عند ذهابه وإيابه من العمل، فإن امرأته سرعان ما وطدت صداقتها مع كل من جارتيها، زهرة ورودا. في إبّان حلولها بالزقاق، كان للمرأة الشامية خمسة أولاد، منهم تلك الابنة البكر، المتزوجة في حيّ الميدان. بيان، وعن طريق أختها رودا، أضحت في بعض المناسبات تلتقي مع الجارة الجديدة، المتّسمة بالهدوء والاعتدال والتحفّظ.

***
لكنّ أسرة أخرى من الأغراب، حلّت في الزقاق هرباً من فضيحة ـ كما تبيّنَ في وقتٍ متأخّر. بدأت الحكاية مع " قوّاص "، رجل الأسرة المكوّنة من امرأته وطفلها. اشترى من شقيقة زوجته قسماً من منزلها، وكان العقار برمّته، فيما سبق، من أملاك الرجل، المدعو كَوتشي، ويقع بأسفل منزله الكبير. المالكة، كانت معروفة بالحارة باسم " الحلبية "، نسبةً لمسقط رأس الزوج. هذا الأخير، هوَ مَن تولى لاحقاً كشفَ سرّ شقيقة امرأته، عقبَ خلاف نشأ بينهما لسببٍ من الأسباب. في الأثناء، كان الرجلُ قد تصادق مع بعض جيرانه من أولاد علكي، كونه يعمل في حرفة النسيج مذ أوان صباه في مدينة حلب.
قوّاص، كان بالأصل من حي الصالحية، شأن امرأته الأولى. لما اقترن بها، كانت أرملة ولديها ولدٌ بلغَ سنّ الرشد. حياتهم عُدّت ميسورة، بالنظر إلى أنّ رب الأسرة الجديد كان يملكُ محلَّ بيع أحذية في أحد أسواق المدينة. وما لبث ابنُ الزوجة أن التحقَ بالعمل لدى الرجل، لتغدو علاقتهما طيبة مع مرور الأيام. إلى أن خطبت الأم لابنها فتاةً من نفس الحي، حازت على رضاه عقبَ رؤيته لها. ثم تم الاتفاق على موعد كتب الكتاب وحفل الزواج. بحسَب العادات المحلية، كان على وليّ أمر العريس أن يقوده من تلبيسة الرجال إلى عرس النساء، المقام في منزل آخر. لما وقعت عينُ قوّاص على عروس ربيبه، تبلبل داخله وامتقع لونه. بيد أنّ أحداً لم ينتبه لحالته، في غمرة الزغاريد والهتافات والموسيقى الصاخبة؛ اللهم إلا العروس، ما لو حكمنا على ذلك من سَيْر الحكاية.

***
العروس، واسمها " صفيّة "، ما كان عبثاً أن تُبهرَ رجلاً وقوراً مثل حميها؛ هيَ من تمتعت بجمال أخاذ، بالأخص لون بشرتها، وكأنه مستلّ من الماس، إلى ملامحها المتناسقة باتقان؛ كما لو أنها مرسومة بريشة فنان من عصر النهضة الأوروبيّ. ثم كشفت سريعاً عن طبيعةٍ وثّابة، جريئة وطموحة وعلى شيء وافر من المرح. بتوالي الأيام، راحَ كل ذلك يخبو، حدّ أن الوردة كادت أن تذبل من حزن شفبف وغامض. حماتها، وكانت امرأة طيبة القلب لدرجة السذاجة، كانت تحيطها بالرعاية أكثر من اللازم، مثلما أنهما اعتادتا على الاختلاء في حجرة النوم عقبَ تناول الفطور. في ذلك التوقيت، يكون رجلا الدار قد مضيا إلى العمل. لكن قوّاص انتبه لتلك الخلوات بين المرأتين، بعدما تسنى له مراقبتها جمعة تلو جمعة.
" ابني أصابته العين، كونه اقترن من فتاةٍ شبيهة بحوريات الجنّة "، ابتدأت الأم تعترف لزوجها بعدما ضغط قليلاً عليها بإلحاحه. ثم أوضحت بالقول: " لم يدخل على عروسه إلى اليوم، وقد مضى على زواجهما شهران ". عندئذٍ طمأن الرجلُ امرأته، بأنه سيلجأ لحيل العطّارين، الموصوفة لهكذا حالاتٍ مرضيّة. برغم أن الفتاة ظهرت عليها علاماتُ الحمل بعد بضعة أسابيع، إلا أن ملامحها بقيت على حالٍ من الكآبة والشرود. شقيقتها الكبيرة، وكانت كما علمنا تعيشُ في الحارة مع أسرتها، تزايدت زياراتها لها. وبحَسَب رواية زوج هذه الشقيقة، المتولّي فضحَ السر، أنه في خلال تلك الزيارات تم الاتفاق على خطةٍ محددة: عقبَ ولادة صفية ببضعة أشهر، أختفت فجأةً مع طفلها وحميها، ليظهروا لاحقاً في زقاق الحج حسين كأسرةٍ سعيدة!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الخامس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الرابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل الرابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثالث عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الحادي عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل العاشر


المزيد.....




- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3