أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 3














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6708 - 2020 / 10 / 19 - 17:51
المحور: الادب والفن
    


شأن جمّو، قريبه ورفيقه لاحقاً في التنظيم الحزبيّ، تعلم معمو صنعةَ غزل النسيج في نول يملكه شقيقُ الأول، وكان كما علمنا يشغل حجرةً في منزل آل علكي بزقاق الحاج حسين. في حين أن جمّو ترك الصنعة لينضم إلى جيش الشرق، فإن الآخرَ انتقل للعمل في مصنع " مزنّر " للنسيج الآلي، الكائن في حي القصاع. ثم تقاطعت طرقُ الشابين مجدداً، عقبَ تسرّح أحدهما من الخدمة العسكرية والتحاقه في العمل بذلك المصنع.
انتساب كلا القريبين للحركة الشيوعية، جرى في نفس الفترة تقريباً؛ وكانت الحرب على وشك الانتهاء، بانتصار دول الحلفاء على المحور النازي. لكنهما نشطا قبلاً في حقلل الثقافة القومية، حتى لقد انتخب أحدهما، ( جمّو )، لمنصب سكرتير نادي الحي، المكنّى باسم موطن الأسلاف. مع أن جمّو يكبر رفيقه بخمسة أعوام، فإنهما تزوجا في نفس السنة. ثم حرص كل منهما على إعطاء أولاده أسماء كردية؛ وهيَ بدعة، كانت قد انتشرت في الحي الدمشقيّ بتأثير النوادي القومية بشكل خاص. لكن تلك العلاقة الوثيقة بين الشابين، لم يقابلها انفتاحٌ مماثل على أقارب بعضهما البعض.

***
انعزال آل شيخي، وجدنا مثالاً له في اقتران عميدهم من خارج العشيرة. كذلك فعل كلا ابنيه. الكبير أحمي، وجد شريكة حياته في حي سوق ساروجة، وقد احتفل بزواجه بعد عرس شقيقه الأصغر ببضعة أشهر. سكان هذا الحي، كانوا بغالبيتهم خليطاً من العائلات التركية والكردية، المستعربة. لقد سكنت هنا، في الزمن الغابر، نخبة من الأسر الأرستقراطية، ما انعكس على عمارة الحي؛ بحيث دُعي ب " كوتشك اسطنبول: اسطنبول الصغرى ". بالنظر لفقر حال أحمي، يُفترض أن أسرة امرأته كانت من ذات المستوى الطبقيّ. أقامت المرأة في بيت الزوج لفترة قصيرة، وذلك بسبب ما عانته من سطوة الحماة، وما لبث والدها أن تنازل لها عن قسم من منزله لتعيش فيه مع رجلها. هذا الأخير، فضلاً عن راحة رأسه من المشاكل العائلية، ارتاح كثيراً في المسكن الجديد، بالأخص لأنه قريب نوعاً ما من مكان عمله في المشتل الزراعيّ.
معمو، من ناحيته، تزوج من فتاة تنتمي لآل " خسرو "، الذين يقيمون في الجوار. العلاقة الحزبية، لعبت دورها هنا، ما لو عرفنا أن أشقاء الفتاة كانوا من الرفاق. أحدهم، " ديبو "، أضحى فيما بعد من أقرب أصدقاء جمّو؛ مع أنه يصغره بدزينة من الأعوام، على الأقل. صوَر عديدة تجمعه بهذا الصديق الوسيم، منها تلك المأخوذة في عرض لميليشيا " المقاومة الشعبية "، التي تأسست كتائبها في سورية غبَّ اسقاط الشيشكلي وتهديدات تركيا بالتدخل العسكري، لمواجهة مزاعم سيطرة الشيوعيين على الدولة. قرابة العشرة أعوام على الأثر، وسيلقى ديبو حتفه في حادثة دراجة نارية، ما سبّبَ صدمة عنيفة لصديقه، جعلته طريحَ الفراش لعدة أيام.

***
كان معمو قريبَ الشبه من صديقه جمّو، إن كان لقصر القامة أو قسمات السحنة المتناسقة. ولو أن الأول أسمر البشرة، بشوشاً ومرحاً. منذ الشهر الأول لزواجه، راحَ يشكو لصديقه ما تعانيه امرأته من عنت والدته وسطوتها. إلى ذلك، كان يضيق ذرعاً بتزمّتها؛ هيَ مَن تنتمي، كما سبقَ وعلمنا، لأسرةٍ ظهرَ فيها عددٌ من علماء الدين. تشددها في تحريم الخمر، أجبرته على حمل زجاجته كل مرةٍ في الطريق إلى أحد الأصدقاء. مع أن جمّو لم يكن من ندماء الكأس، فإنه لم يجد حرجاً في مجالستهم. وعن طريق معمو، تعرّفَ على شاب غريب أقام مؤخراً في منطقة رأس الحارة. " طانيوس " هذا، قدم مع أسرته الصغيرة من إحدى قرى حمص لكي يعمل في مصنع النسيج بالعاصمة. هنالك تعرّفَ على معمو، ثم تعمقت صلتهما لما في أفكارهما من قرابة؛ ليكتشف بعدئذٍ كل منهما أن صاحبه عضوٌ في نفس التنظيم السياسيّ.
الشاب النصرانيّ، كانت له بنية رياضية متينة، أشقر الشعر بعينين لهما لون السماء في أوان الصحو. كذلك كان ذا طبعٍ هادئ ومسالم، شأن معظم أبناء طائفته. استأجر بيتاً صغيراً، يقع في مدخل الزقاق، المعرَّف باسم مختار القسم الشرقيّ من الحي. ذات يوم، وكان قد اجتمع في السهرة مع صديقه على كأس عرَق، تطرّقَ مطانيوس إلى ما يعانيه من مصاعب مادية بسبب اضطراد عدد أولاده. فقال له معمو، بعدما تفكّرَ قليلاً: " أنتَ نصرانيّ، يحق لك استحصالَ رخصة فتح محل بيع خمور. بيتك موقعه مناسب، وما عليك سوى فتح باب الحجرة المطلة على الدرب، بهدف تحويلها إلى دكان "
" وماذا عن عملي في المصنع، الذي أحصل منه على راتبٍ ثابت؟ "
" أنتَ تغادر مقر عملك عند العصر، وأغلب من يقارعون الخمرَ سيأتون لمحلك عند حلول الظلام "، رد معمو. وقد عمل الشابُ النصرانيّ بنصيحة صديقه، ليشهد الحي لأول مرةٍ افتتاحَ محل لبيع الخمر. أولادُ عمومة أم معمو، أئمةُ المساجد، كانوا في خطبهم من المنددين بالحكومة لسماحها بفتح ما دعوه " بؤرة الفساد " في حي إسلاميّ.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الحادي عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل العاشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العاشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل العاشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 4


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 3