أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 4














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 21:59
المحور: الادب والفن
    


االربيع، التالي لانتقال جمّو إلى الشام وتركه الجندية، تبرعمت أزاهيرُهُ بخبر دخول فوات لحلفاء إلى برلين؛ وكر الثعبان، النازي. مع انتهاء الحرب، صعد النجمُ الأحمر للروس في سماء الكرة الأرضية وبالأخص في تلك البقاع، الرازحة تحت السيطرة الإستعمارية. في غمرة هذه الموجة من الحماس، وجد العسكريّ السابقُ مَن يمد إليه يده بورقة انتساب للحزب، الذي عُدَّ فيما مضى من أعوام مقرباً لزعيمه؛ خالد أفندي. خطوته، نُظر إليها بشكل طبيعيّ من لدُن بعض أصدقائه من أعضاء نادي الحي. ذلك لأنهم سبقوه في الانتساب للحزب، المدافع عن مصالح العمال والفلاحين ـ كما ترددُ دعايته. إلا مؤسس النادي، آبو، العدو اللدود للحزب المذكور. لقد أعلن على الملأ، أنه لا مكان للشيوعيين تحت سقف النادي.
آبو،. كان يكن عطفاً خاصّاً لمريده القديم، جمّو، ولم يكن مصادفةً أنه وابنه البكر ربطتهما صداقة وطيدة. الابن " ولاتو "، عانى من اليتم مبكراً ثم ما لبثَ أن رافق إبيه إلى المنفى وكان عُمره يقل عن العشرة أعوام. يُقال أنه أخذ عن والده بساطته وإخلاصه لقضية شعبه، لكن دون تفكيره الضيّق وانفعاليته. لما آثرَ هذا الأخير تركَ إدارة النادي لجيل الشباب، بادر ولاتو لترشيح صديقه الحميم. تعفف عند ذلك جمّو عن خوض جولة الإنتخاب، قائلاً أن ثمة العديد من الأعضاء لديهم شهادات علمية وهم أحق منه بالترشيح. ثم ما عتمَ أن قبل على مضض، وقتما أرتفعت أصواتٌ أخرى تؤيّد أحقيته بالترشّح. في النتيجة، حصل على جميع الأصوات باستثناء ورقة واحدة، وجدت بيضاء في صندوق الإقتراع: لقد كانت ورقة جمّو بالذات، ما جعله موضع إحترام وتقدير الجميع.

***
عامان على أثر إنتهاء الحرب، ثم شاءَ آبو أن يتأكّدَ مما سمعه عن مريده، جمّو، بأنه أضحى من ضمن الحراس الطوعيين لمنزل خالد أفندي، الذين لم يفارقوه عقبَ هجوم حركاتٍ قومية عربية وأصولية على مكتب حزبهم في مركز المدينة للتعبير عن الغضب من تصويت الروس على مشروع تقسيم فلسطين. مرّ الرجلُ ذلك اليوم بشكل مقصود من جانب المنزل، ليرى بأم العين مريدَهُ مع رفاقه المسلحين، يتبادلون الحديث. عندئذٍ رماه بنظرةٍ، كلها سخط وإنكار، وتابع من ثم طريقه الصاعد إلى أعالي الزقاق: ما يزيد عن الأربعين عاماً، سادت القطيعة بينهما، لحين أن تدخل الأصدقاءُ المشتركين لجمعهما معاً في جلسةٍ حميمة، غلب عليها استعادةُ ذكريات الزمن الآفل والبعيد.
في ذلك الهجوم، كان على جمّو أن يخسرَ واحداً من أقرب أصدقائه. كان رفيقاً متحمساً، ونقابياً بارزاً، سقط بشكل مأسوي عندما تصدى للمهاجمين بكل جسارة. علاقة جمّو مع الشاب، المنتمي لآل " عاقو " المقيمين في وسط الحارة، توثقت في خلال عملهما معاً بمصنع " مزنّر " للنسيج في حي القصّاع. كانا يتجهان لمكان العمل صباحاً، وكلاً منهما على دراجته الهوائية، متخذين طريق عين كرش، المار من بين البساتين. أثناء إحدى زياراته لصديقه " حسين " هذا، شاهد شقيقته الصغيرة مصادفةً. حينَ علِمَ لاحقاً أن شقيقه فَدو يبحث عن فتاة مناسبة للزواج، كلّم والدتهما بشأن شقيقة صديقه. السيّدة سارة، أخذت بعدئذٍ على عاتقها مهمة خطبة الفتاة، فتكلل مسعاها بالتوفيق. العروس، واسمها " عائشة "، كانت جميلة وعلى شيء من الثقافة والوعي. لسوء الحظ، أن صحتها كانت معتلة، فلم تعش إلا سنوات قليلة دون أن تنجب ذرية.
القدر، ما كان أسرعه في توجيه ضربةٍ لا تقل إيلاماً حينَ فقدَ جمّو صديقاً آخر. غبَّ زواج أبيه بإمرأة من الحارة، شركسية الأصل، أراد ولاتو الرجوعَ للإقامة في الموطن الأول. السلطات التركية، كانت قد أعلنت من قبل عفواً عاماً عن جميع المشتركين في أعمال عدائية ضدها والسماح للمنفيين منهم العودة مع عائلاتهم. برغم نصائح الأصدقاء، الذين أبدوا رأيهم في عبث الفكرة، فإن الشاب لم يتراجع عن عزمه. هكذا ودّعوه في أمسيةٍ بمقر النادي، تخللتها كلمات مؤثرة، وكان جمّو معهم. شهرٌ على الأثر، ثم جاء الخبرُ الفاجع من وراء الحدود يُفيد بمصرع الشاب برصاصٍ مجهول. على الأغلب، أنهم أولاد عمومته مَن كمنوا له وذلك بعدما سبقَ وراجع الجهات المختصة كي يستعيد أملاك والده. ويُقال، أنّ هذا الأخير بقيَ ضحية عذاب الذات عقوداً طويلة كونه لم يحُل وابنه دونَ تلك المغامرة، العاثرة والقاتلة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 4


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 4