أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 3














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6728 - 2020 / 11 / 10 - 18:34
المحور: الادب والفن
    


ردة فعل بيان على مقتل أختها، اتَّسمَ بالانفعال الشديد، حيث ملأت جو الدار صراخاً وعويلاً في ذلك اليوم المشئوم. أكثر ما كان يُشعرها بالغضب، فوق هول الجريمة، أنّ مَن عُزيَ إليها التحريض بالقتل، وهيَ أمّو، كانت إلى يوم أمس تُظهر لها صداقتها الحميمة: " ويلاه، لم أرَ مثل هذا المكر والخبث "، كانت تردد في كل حين. لما حضرَ إلى منزلها ديبو، شقيقُ القاتل، بغيَة اقناع رجلها بالشهادة في المحكمة بأن الجريمة كانت غسلاً للعار، اقتحمت عليهما المجلسَ ثم قامت بطرده مع شتائم وأدعية بلعنات الرب في حق شقيقتيه. موقفها هذا، كرره خالُ أمها، حدّو، ما أعاد الدفء للعلاقة بين الأسرتين؛ وكانت باردة عقبَ تدخله في أمر بيع منزل والدها.
في المقابل، شعرَ جمّو بالحَرَج البالغ، مع شيءٍ من الخزي، كون القاتل ابن أخيه. لكنه اضطرَ لمسايرة امرأته، لما أعلنت القطيعة مع أقاربه المباشرين. عوَّل على الزمن، وأنه كفيلٌ بوضع البلسم على الجراح. ما لطّفَ من جو الأسرة، المحتقن، كان وجود الوليد الجديد، الذي أتى إلى الدنيا عقبَ رحيل الابنة الأثيرة؛ شيرين. الجريمة، من ناحية أخرى، أكّدت ما يناضل من أجله، جمّو، في سبيل مجتمع عادل يضمن المساواة بين الجنسين ويقضي على الجهل والفقر. كان يُدرك، ولا شك، أنّ تحقيق ذلك يحتاج لوقت طويل وصبر لا محدود. نفس الموقف اتخذه قبلاً، حينَ سقط قتيلاً أمام عينيه، صديقُهُ وجاره، أحمي، بيد شقيقه الكبير. كذلك الأمر في الجرائم الأخرى، التي شهدتها الحارة، بدافع الشرف أو الثأر.

***
في تلك الفترة، طغى على كل الأحداث خبرُ إعلان الوحدة السورية المصرية. بعد نحو أربع سنين من طغيان شخصية بكداش على المشهد السياسيّ المحليّ، أزاحه جانباً رجلٌ عسكريّ تميّز بقامة عملاق، خرجَ منتصراً في خلال أزمة السويس وما أعقبها من العدوان الثلاثيّ؛ رجلٌ، كان يخطب بنبرة عدوانية متعالية، أكسبته شعبية كاسحة من المحيط إلى الخليج. مسوّغات الوحدة، عدا الناحية العاطفية، جعلت القوى اليسارية في البلاد تأخذ حذرها: مجموعة من الضباط القوميين، الذين شعروا بخطر يتهددهم من تنامي قوة اليسار في الشارع بشكل خاص، هُرعوا دونَ علم القيادتين العسكرية والمدنية إلى القاهرة كي يحثوا الزعيمَ المنتصر على القبول بالوحدة الاندماجية بين البلدين. لكي تكتمل المسرحية، مثّلوا أمام الصجافة فصلاً دراماتيكياً؛ وذلك عندما أشهروا مسدساتهم وهددوا بالانتحار لو لم يتم تحقيق مطلبهم على الفور.
غبَّ إعلان الوحدة، تحركت تركيا مجدداً بحجة تهديد أمنها القوميّ؛ فقامت بحشد قواتها في حركة مسرحية مماثلة. عند ذلك، شاء أنصارُ اليسار إظهار قوتهم عن طريق حشد كتائب المقاومة الشعبية، التي يسيطرون عليها عملياً. لكن السلطات فيما سبق، كانت قد سحبت الذخائر من تلك الكتائب بعدما خفّ التوتر على الحدود الشمالية. أمام إلحاح قيادة المقاومة الشعبية بشأن تأمين الذخيرة لعناصرهم، حضرَ إلى مقرها في حي الأكراد " المشيرُ عامر "؛ الحاكمُ الفعليّ للإقليم الشماليّ في دولة الوحدة. نهضَ عندئذٍ جمّو ليتكلم باسم الحاضرين، مؤكداً عبث وجود الأسلحة دونَ ذخيرة. فأوقفه المشيرُ، ساخراً: " أنتَ ذو الشَعر الأبيض، تبدو خائفاً وكما لو أن الغزاة صاروا على باب بيتك! ". فرد عليه جمّو، بنبرة شديدة: " نحن نخاف على أولادنا وأعراضنا، وليسَ على أنفسنا ". ثم انتهى الاجتماع بوعد من الحاكم، بتأمين الذخيرة في أسرع وقت. هذه الحادثة، وما أعقبها من حشد كتائب المقاومة الشعبية ـ كما أكّد جمّو مراراً بعد أعوام عديدة ـ كانت في صلب تفكير ذلك الحاكم، لما نجحَ بتأليب رئيسه على القوى اليسارية لضربها بتهمة معاداة الوحدة والقومية العربية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثامن عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الخامس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الرابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل الرابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثالث عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 3


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 3