أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 3














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6721 - 2020 / 11 / 2 - 16:06
المحور: الادب والفن
    


حدّو، كان قد استأجرَ بيتاً في الصالحية وذلك قبل حصوله على تعويض خدمته في الجيش، الذي أتاح له لاحقاً إكمال بناء بيته في زقاق الحج حسين. بحَسَب رأيه، أنّ التغيير في حياته، الذي جدّ في منتصف عقد الأربعينات، كان إلى الأسوأ. كان يعشق مدينة بيروت، فانتقل إلى دمشق مع معلّمه الفرنسيّ، المعيّن قائداً لمطار المزة العسكريّ. بانسحاب الفرنسيين، طُلبَ من سائق القائد الفرنسيّ الاستقالة أو القبول بالعمل على سيارة إطفاء في نفس المطار. على سبيل المقارنة أيضاً، لعله فكّرَ بعشيقته الجميلة والمرحة، بربارا، في مقابل امرأته، المتوسطة الجمال والكئيبة. أما مشاعر الحب، فلم يكن لها مكانٌ هنا.
حدّو كان رجلاً متحرراً، وإن لم ينعكس ذلك على أفكاره السياسية، المقتصرة على تأييد الهيمنة الفرنسية على القرار إن كان في لبنان أو سورية. لكن تحرره لم يقتصر على شخصه، بالظهور بمظهر الإنسان العصريّ ملبساً ومسلكاً. كان يُشفق على نساء العشيرة، اللواتي كنّ ضحية التقاليد، المحرّمة ذهابهن إلى صالات السينما أو حتى النزهات في حدائق المدينة. منذ فترة خطبته لديبا، صار يستأذن والدها في مرافقتها لمشاهدة فيلم من الأفلام. السيّد صالح، كان يرق قلبه أحياناً للابنة الأخرى، بيان، فيوافق على ذهابها في تلك المشاوير مع خالها وأختها. في حالاتٍ أخرى، كانت تتفق معهما على موعد ما، دونَ علم الوالد، ثم تبرر غيابها بالزعم أنها كانت تزور إحدى القريبات. تصوير النساء والفتيات، كان أيضاً من محظورات المجتمع الدمشقيّ، المحافظ. وقد تحدّى حدّو هذا التابو، أيضاً؛ هوَ من امتلك في فترة مبكرة كاميرا شخصية، كان لها الفضل بتخليد صوَر الأهل والأقارب، ذكوراً وإناثاً.

***
بيت الإيجار في الصالحية، كان مالكوه يقيمون في دوره الأرضيّ. الدور العلويّ، تميّز بالجدّة والأناقة والتنعم بقدر وافر من النور. عقبَ سكنه ببضعة أيام، وكان حدّو يتأهب للمغادرة إلى مقر خدمته، وقف على الشرفة ليستمتع بفيض الشمس في هذا اليوم الشتويّ. إنه كذلك، وإذا بصره يحط على هيئة امرأة، خرجت إلى صحن الدار كي تنشر الغسيلَ. كانت في الثلاثين، مثلما أفصحت عنه ملامحها الفاتنة وأعضاء جسدها الناضجة. حُسنها، ربما تركّز في شعرها، المتهدل على ظهرها كما لو كان شلالاً ذهبياً يغمر صخرة صقيلة. هوَ ذو القلب الجريء مع الجنس الآخر، يعمد إلى إطلاق صفيرٍ للفت نظر المرأة والتعبير لها عن شدّة إعجابه بجمالها. رفعت رأسها إلى الأعلى، ورمقته بنظرة باسمة. عليه كان أن يتحفّظ في مسلكه يومئذٍ، كون المرأة زوجة صاحب البيت. لكن خبرته في النساء، أوحت له أنها خرجت بجسد مكشوف كي تعرضه على الأنظار.
في يوم آخر، لما أضحت عشيقته، ألقت الجارةُ وزرَ الخيانة على عاتق رجلها: " إنه يتاجر بالحقائب النسائية، ومحله بمركز المدينة. بذلك يتاح له معاشرة بعض النسوة الفقيرات، السهلات المنال. فيرجع شبعاً بفضل نزواته، بينما أبقى أنا محرومة غالباً ". لكن المرأة المستهترة، تمادت في غيّها حدّ لفت نظر زوجة العشيق. أخذت تزور الدور العلويّ في خلال النهار، متحججةً كل مرةٍ بطلب مساعدة أو استعارة غرضٍ من الأغراض. ديبا، كانت في البدء تنظر ببراءة إلى زيارات مالكة العقار. إلى أن شكّت بكون هذه الأخيرة، عشيقة لرجلها. حَدَسَت ذلك ذات يوم، بطريقة مخاطبة الجارة لحدّو وكان عندئذٍ موجوداً في الدار. طبيعة ديبا، الكتومة والحيية في آنٍ معاً، جعلتها تتحاشى فتح مواجهة مع العشيقين دونما أن تملك دليلاً حسّياً. كانت تتحيّنُ فرصةً، تنتقم فيها لكرامتها المُهانة.

***
الفرصة المطلوبة، جاءت في بداية الربيع وكان الوقتُ نهاراً. لكن من التدقيق في سير القضية، ربما تُحال للمصادفة المحضة. كانت الجارة الجميلة ذلك النهار عند ديبا، وبعد قضاء ساعة في الحديث نهضت للعودة إلى دارها: " اليوم سأعدُّ المقالي، وهيَ أكلة قريبة لقلب زوجي ". بقيت نظراتُ الأخرى ثابتةً، متعلقةً برأس مالكة الدار؛ وكانت هذه تهرش جلدته بينَ حينٍ وآخر. ما جعل المرأة تفرد شَعرها، قائلةً: " هل ترين فيه عيباً؟ "
" بل هوَ جميلٌ جداً. لكنني أخشى أن يكون القمل تسلل إلى رأسك، بطريقةٍ ما "، ردت ديبا. ثم استدركت بسرعة: " عانيتُ منه أيضاً، بطريق العدوى من رجلي، الذي يخدم في الجيش. ولقد تخلصت منه بغمر شَعري بالبنزين، المستعمل كوقود للسيارات. ولدي صفيحة من هذا السائل، تعود لسيارة زوجي ". عند ذلك، أعربت الجارة عن رغبتها بتجربة هذا العلاج.
غبَّ ذهاب صاحبة الشَعر الجميل بنصف ساعة، خرجت هذه إلى صحن الدار صائحةً بجنون.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الخامس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الرابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل الرابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثالث عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 1


المزيد.....




- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...
- إشراق يُبدد الظلام
- رسالة إلى ساعي البريد: سيف الدين وخرائط السودان الممزقة


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 3