أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف الدرابسة - رؤى مجنونةٌ ..














المزيد.....

رؤى مجنونةٌ ..


عاطف الدرابسة

الحوار المتمدن-العدد: 6743 - 2020 / 11 / 25 - 22:39
المحور: الادب والفن
    


قلتُ لها :

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، وثمَّةَ أصواتٌ في الصَّفحةِ السَّابقةِ ، تصرخُ كأنَّها صرخةُ جوعٍ ، أو كأنَّها أصواتُ الذين ماتوا بلا سببٍ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، لم أرتوِ من عينيكِ بعدُ ، لم أرتوِ من شفتيكِ بعدُ ، لم أرتوِ من الحديثِ إليكِ بعدُ ، وبعدُ :

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نتأمَّلُ لوحةَ الكونِ العظيمِ ، نبحثُ عن نوافذَ ، تُسعِفُنا في فكِّ أسرارِ تلكَ اللَّوحةِ ، لم نجد نافذةً واحدةً ، تفتحُ لنا آفاقَ اللَّوحةِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نبحثُ عن أرضٍ أخرى ، عن سماءٍ أخرى ، عن مدينةٍ تعرفُ كيف تحتفلُ بالفجرِ ، بالزَّهرِ ، بالأنغامِ ، بالقلوبِ العاشقةِ ، بالشَّوارعِ المُزدانةِ بأحلامِ الأطفالِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ نفسِها ، نتسكَّعُ في شوارِعها ، نتأمَّلُ حاراتِها ، تلك البيوتُ ما زالت هي هي ، حتى لو غزاها الشَّيبُ ، تلك الأرصفةُ ما زالت هي هي ، تسري في خلاياها آلامُ الذينَ افترشوها ، وأوجاعُ الذين كانوا يحلمونَ بحياةٍ مختلفةٍ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، تُلاحقنا الدُّروبُ الضَّيقةُ ، والأماني الثَّكلى ، نحاولُ أن نتخيَّلَ صورةً لمصيرِنا الفاشلِ ، نحاولُ أن نُفسِّرَ هذا الخرابَ الذي يُقيمُ في أرواحِنا ، لا فرقَ يا حبيبةُ بين خرابِ المدنِ ، وخرابِ الرُّوحِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نتخيَّلُ ذلك المنزلَ الذي رسمناهُ ذات يومٍ بقلمِ رصاصٍ ، وتردَّدنا عليه بأحلامِنا كثيراً ، وجعلناهُ يمتلئُ بالحُبِّ ، ويتألَّقُ بالجَمالِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نُراقبُ البطلَ ، ونتأمَّلُ رقصةَ حبيبَتِه قبلَ أن تتهيَّأَ للزَّواجِ ، كانت ترقصُ مع الضُّوءِ ، وشعرُها ينثرُ الفرحَ في فضاءِ الغرفةِ ، وعطورُ الرَّغبةِ تتسلَّلُ من النَّافذةِ ، فينتشي الشَّارعُ بشذى هذا العطرِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نمشي بين السُّطورِ ، بين السَّطرِ والسَّطرِ ، مسافاتٌ شاسعةٌ من الكراهيةِ ، ومن القتلِ ، ومن الأفكارِ المسمومةِ ، والدُّخانِ ، ما زالت رائحةُ الدُّخانِ هناك ، تجعلنا نشعرُ بالغثيانِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نتأمَّل الشُّموعَ المُحترقةَ ، والأزهارَ الذَّابلةَ ، والشَّجرَ اليابسَ ، والخبزَ الجافرَ ، وأطفالَ الشَّوارعِ ، والحُفاةَ ، وعجوزاً فقدَ قدميهِ ، واحتفظَ بالحذاءِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، تجرُفنا السُّيولُ نحو الخطيئةِ ، ويأخذنا اللَّيلُ نحو الأحلامِ المُستحيلةِ ، ونستيقظُ على فجرٍ تائهٍ بين الضَّبابِ ، فتبدو كلُّ الرُّوى غامضةً ، وتبدو كلُّ الأفكارِ عواقرَ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، نبحثُ عن سريرٍ دافئ ، عن ماءٍ صافٍ ، عن نارٍ بطعمِ البخورِ ، أو العودِ ، عن رغيفِ خبزٍ ساخنٍ ، عن قلبٍ طاهرٍ ، عن لحظةِ عِناقٍ مُطمئِنَّةٍ ، عن نبيذٍ يُشبهُ خمرَ السَّماءِ .

ما زلنا في الرِّوايةِ وحدَنا ، يضمُّنا قبرٌ بين سطرينِ ، كُتِبَ على الشَّاهدِ : لكلِّ مدينةٍ إلهٌ ، لكلِّ طائفةٍ إلهٌ ، لكلِّ حاكمٍ إلهٌ ، لكلِّ حِزبٍ إلهٌ ، لكلِّ عقلٍ إلهٌ ، وهنا يرقدُ بأمانٍ ، آخرُ ضحايا الصِّراعِ بين كلِّ إلهٍ وإلهٍ .

هامش : ما أقسى هذا الزَّمنَ ، حين يتناسلُ في عقولِنا ألفُ إلهٍ .



#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين أحلُُّ فيكِ
- تحدَّث إليٌَ بلغة لا تشبه لغتَهم
- من الرماد .. ينبعث
- لا أنصحكُم بقراءةِ أفكاري ..
- المسافةُ بين عقلي وقلبي
- أنا الذي قتلَ الشَّيطان ..
- شيطانُ الخيالِ ..
- زهرةُ روحي
- اجلسي أمامي
- كأنَّكِ السؤال
- رسالةٌ من شابٍّ تخرّجَ حديثاً إلى والده :
- الولادة الثالثة
- رسالةٌ إلى جلالةِ الملكِ عبداللهِ الثَّاني ، من مُعلِّمٍ جاء ...
- شمعة واحدة لا تكفي !
- أنتِ .. والبلد !
- العمر المجنون
- نصٌّ للكهولِ فقط !
- للعاشقينَ فقط !
- شعبٌ مُصابٌ بارتفاعِ الضغط
- سلالةُ البحار


المزيد.....




- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...
- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف الدرابسة - رؤى مجنونةٌ ..