أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - صديقتي ولكن














المزيد.....

صديقتي ولكن


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6730 - 2020 / 11 / 12 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


بَدَتْ سعيدة. يشِّع الفرح من عينيها، وتتراقص أمارات الرضا على محياها. كانت تسير برفقته؛ هناك في أحد أكبر المحلات التجارية في المدينة. بتأنٍ، كانت تدفع أمامها عربة المشتريات، وترسم بعطرها الفرنسي طريقا عبِقا وراءها. كانت تنتقي زينة شجرة الميلاد؛ فالعيد، سيحّل على عالمها بعد أسبوع. كانت تجادله في اختيار الألوان، أو، لربما في شكل ونوع الزينة؛ ولربما أيضا، في ثمنها، لا أعرف، لم أكنْ قريبة بما يكفي لأسمع همسهما، وعلى أي حال لم يزعجني ذلك؛ كان يكفيني أن أسترق النظر الى جمال المشهد من بعيد، وأن أقرأ سعادتها به، وبهجتها معه، تلك البهجة الصادرة عن نبض الأفئدة المُشَرِّعة نوافذها للحب والحياة.
هنا، في هذه اللحظة بالذات، احترتُ ماذا أفعل وكيف عليّ ان اتصرف؟ تزاحمت الأسئلة في ذهني دفعة واحدة؛ هل أقتربُ منها وأُلقي عليهما تحيةً عابرة وأتركُ لها بعد ذلك الحرية في ردة الفعل؟ هل أمرُّ من أمامها كلمح البصر متجاهلة وجودها معه؟ ان فعلت لربما لا تنتبه لمروري في غمرة غبطتها بزينة الميلاد، وسعادتها برفقته. أم أظل متسمرة أمام لوحةٍ زيتيةٍ رسمها رسام مغمور لكنه مبدع وُضعتْ هي الأخرى في قسم زينة الميلاد؟
اخترت أن أتسمر أمام اللوحة الزيتية لأتابع كل تفصيل جاء فيها، وأطيل النظر في مشهد يصوِّر لحظة سقوط كرة الشمس في اليّم، عند المغيب.
اخترت أن أتسمر أمام اللوحة علِّي بذلك أكون قد أرضيت ضميري تجاه عمل فنان ماهر، قبل أن أكون قد اخترتُ فعلا أتفادى به الملتقى بصديقتي. ها هي اللوحة تنطق بمدى إبداع، وفن، ومهارة وإتقان رسّامها، لكن للأسف، قطعا لا حظ له؛ فلو كان غير ذلك، لما وُجدتْ لوحته الفنية الرائعة في قسم زينة الميلاد، وإنما تربّعت في صدارة أرقى المعارض الفنية في البلاد ليشاهدها كبار النقاد والفنانين، لا مبتاعي الزينة، أو مَن ينتظر مرور اللحظة مثلي. رفعت بصري عن اللوحة لأتفقدَ المكان حولي كلصٍ يتفقد المكان قبل أن ينفّذ عملية سرقة في وضح النهار. لم ألحظ صديقتي في المكان. تيقنتُ أنها غادرته برفقة من اختارته رفيق دربها. تابعتُ تجوالي في المتجر وأنا أردّد بيني وبين نفسي: لم أخسرْ شيئا، سأزورها في المساء، وربما هي ستزورني. كيف لا وأنا صديقتها؟! نعم إنها صديقتي، ألم أهنئها قبل أيام بعيد ميلادها؟! ألم تطلعني قبل شهرين على مصمم فستان زفافها؟! ألم تطلعني على موعد فرحها وعلى المدعوين الى حفل زفافها؟! ألم أقرأ أنا تذكرة سفر شهر عسلها جزر المالديف؟! ألم أشاهد نوع المركبة التي أقلّتها الى عشِّ الزوجية وأمها تشيّعها بدموعها اللؤلؤية؟! ألم أهنئها أنا عندما حصلت على درجة الماجستير بالتاريخ قبل زفافها بشهر؟! بلى، بلى، إنها صديقتي. إنها هبة، ابنة بلدي، العروس التي تدرس لنيل اللقب الثالث. إنها هبة صديقتي، التي عرفتني قبل أن أعرفها. إنها هبة صديقتي، التي لم التقِ أبدا بها، وإنما بخالتها زميلتي في العمل. إنها هبة، التي أصبحت صديقتي قبل خمسة أشهر فقط. رحبّت بصداقتها وفرحت بصداقة فهي جميلة، مثقفة وكريمة مع أصدقائها؛ تعرف كيف تطري عليهم وكيف تجاملهم. واليوم مساءً، سأعرف ماذا ابتاعت من المتجر عندما كانت تتأبط ذراع زوجها. نعم سأعرف ماذا ابتاعت هبة؟ عندما تدخلني الى بيتها من باب الفيس بوك.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عند هطول المطر
- هل ستأتي؟
- حبيبي أنا
- أن تكون غريبا
- لا أوصيكم بشيء
- الصّورة مشوّهة
- شتّان ما بين نخلة تَحترق، ومَسكن يُهدم
- عاش الوطن
- في محطة الإنتظار
- حديث طيور مهاجرة
- الفراشة الشقية
- جميلة شحادة - مِرثاة
- جيلان والذئب
- نور
- أريد ابناً
- غداً...فجر جديد
- دعاء مستجاب
- في بيروت
- كشفٌ مغناطيسيّ
- إصرار


المزيد.....




- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - صديقتي ولكن