أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - أريد ابناً














المزيد.....

أريد ابناً


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6663 - 2020 / 8 / 31 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


لم تعترض ليلى عندما أخبرها علاء أنه عازم على السفر الى أمريكا. قلبها فقط الذي كان يعترض ويقرع طبول العصيان بخفقات، كافية لأن تعيد الدم مائعا في عروقها كلّما تجمّد مع اقتراب موعد سفره. مرّ شهر وهي تطفئ الحرائق التي تحرق أعصابها عقب كل حرب تنشب بين عقلها وقلبها كل ساعة وكل يوم، الى أن رفع فؤادها الراية البيضاء واستسلم لأزيز الطائرة التي حلّقت بمهجة قلبها بعيدا عنها، الى بلاد العم سام.
- ليتنا اعترضنا على سفره. قال أحمد لزوجته وهما في طريق عودتهما من المطار. ثم تابع يقول: ألم يكفيه انه طبيبٌ ويعمل في أهم المستشفيات في البلاد؟ ألم يكفيه أنه حصل على شهادة الحقوق أيضا؟ اريده هنا، أريده أن يتزوج وأفرح بزواجه هنا.
لم تجبه ليلى، وظلّت صامتة ضاجا المكان بصمتها، واكتفت بدموعها لتجيب زوجها وتصف شدة حزنها لسفر وحيدها، ومدى قلقها عليه.
بعد سنتين عاد علاء ليزور عائلته وقد حمل معه ما هو أهم من حقيبة "دكني"، وعطر "دالي" لأمه ليلى. لقد حمل لها شهادة مهندس حاسوب، وهي أهم من كل الهدايا كما قالت له ليلى وهو يقدّمها لها. كان من المهم لعلاء أن يتعلم هندسة الحاسوب ويحصل على شهادة بالموضوع، ليقينه أن ذلك سيفتح له الأبواب المغلقة، في عصرٍ تسيّدت فيه التكنولوجيا المحوسبة. كان بالإضافة الى كونه طبيبا لجراحة القلب، كان يريد أن يوظف برمجيات الحاسوب ليطور مهاراته في مهنة مداواة القلوب المتعبة من حَمْل أثقالها.
- حان الوقت الآن لتبحث عن بنت الحلال يا ولدي. قالت ليلى.
- إنها موجودة يا أمي؛ بعد شهر ستأتين مع والدي الى أمريكا لحضور حفل زفافنا. كل شيء مرتب له. أجابها علاء.
وتمر ثلاث سنوات على زواج علاء، عاشها بسعادة، ولا سيما أنه أصبح أبا لأحمد الصغير، ونال شهادة بالصيدلة حملهما الى والدته كعادته لتفرح لفرحه وتعيش معه سعادته.
كان علاء قد قرر أن يدرس الصيدلة ليفكَّ شيفرات الأدوية ويستزيد بعلم ينفعه في مهنته بعد أن أصبح طبيبا يشار إليه بالبنان وحائزا على لقب الأستاذية. فالبروفيسور علاء لم يتوقف أبدا عن الدراسة ولو ليوم واحدٍ، رغم ممارسته لمهنة الطب وكتابته لمؤلفاتٍ بحثية؛ فقد سعى علاء لأن يصبح عالِما في الطب، تُدرّس أبحاثه في الجامعات وكليات الطب. كان يقول لنفسه وللآخرين: عليَّ أن أعرف الكثير في كل مجال لأحقق هدفي. هو الآن حائز على الاستاذية بالطب، وعلى شهادة بالحقوق، وعلى شهادة بهندسة الحاسوب، وشهادة بالصيدلة، وكل هذه الشهادات قدمها لأمه ليلى الواحدة تلو الأخرى حال الحصول عليها. بقي له أن يحصل على شهادة إدارة الأعمال وشهادة محاسب، وكيف لا؟! وبلاد العم سام، تفتح أمام طموحه الظالم، وذكائه الخارق، وشكله الحسن، ومعاملته اللبقة، وانسانيته المشهودة، كلَّ الأبواب المغلقة. لقد كان علاء يقول دوما: إذا بدأتَ، أصبح سهلٌ عليك أن تنهي، عليك بالخطوة الأولى، وبأن تنهض وتبادر. وهكذا قاده طموحه بعد سنواتٍ قليلة، الى أن يصبح العالِم الثريّ بعد أن استغل فرصة هبوط أسهم إحدى شركات الأدوية العالمية، فاشترها وكانت هذه خطوته الأولى الى عالم المال والأعمال.
في عيد ميلاده الأربعين، هاتفته ليلى لتتمنى له العمر الطويل، ثم وجدت نفسها تلح عليه وتطلب منه أن يعود الى البلاد، أن يعود اليها. قالت له متوسلة:
- ارجع يا ولدي! انا أحتاجك قريبا مني، انا أريد ابنا الى جانبي، لا أريد عالِما ثريا، أريد ابنا، هل تسمعني؟ أريد ابنا، أريد...
وبينما كانت ليلى تكرر "أريد ابنا" وتختنق الحروف في حلقها؛ سمعت زوجها وهو يهز بلطف كتفها بيده اليمنى ويقول لها:
- ليلى؛ أفيقي، لقد قاربت الساعة على السابعة والنصف؛ ستتأخرين عن موعد زيارتكِ لطبيبة النساء؛ هل ما زلتِ مصرّة على الذهاب إليها؟
*************
30.8.2020



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غداً...فجر جديد
- دعاء مستجاب
- في بيروت
- كشفٌ مغناطيسيّ
- إصرار
- مسار مستقيم
- ندبة في العنق واحتراق في القلب
- عطر الورد
- طفل وعَلَم
- ابني في غرفته
- شعورٌ بالذنب*
- لماذا تذبل الأزهار؟
- الصراع ما بين إختيار المرأة لتحقيق ذاتها من خلال عملها واستق ...
- طفل التوحد
- التهمة؛ عربي
- أحرق الوقت
- الخيار الصعب
- كيم
- أمل
- فنجان قهوة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - أريد ابناً