أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - طفل وعَلَم














المزيد.....

طفل وعَلَم


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 11 - 12:59
المحور: الادب والفن
    


كنتُ أرتدي بنطالا من نوع الجينز وقميصا حريريا بلونٍ كحلي فاتح؛ ففي منتصف التسعينات من القرن الماضي كانت الفتيات تفضِّل ارتداء البنطال على ارتداء التنورة أو الفستان، وبخاصة في أماكن العمل أو الدراسة. كنت قد ضممتُ شعري الى الخلف بتسريحة "ذيل الحصان"، لشدة حرارة ذاك النهار غير المعتادة في أوائل شهر أيار؛ فبدوت كتلميذة في المدرسة لا معلمة فيها، ولربما هذا هو السبب الذي جعل الجنود يتجاهلونني عندما عبروا بوابة المدرسة حيث كنت أقف، وتابعوا اندفاعهم نحو زميلتي "تغريد" التي كانت تقف على بُعد أمتار قليلة مني. كان مشهد اقتحام الجنود الثلاثة للمدرسة مُستغربا أكثر من كونه مخيفا؛ فقد كان أحدهم يمشي وهو ممسك بذراع "سالم" اليمنى، أما الجنديان الآخران فقد سارا الى جانب "سالم" من الجهة اليسرى، وعشرات الطلاب من الخلف يتبعونهم، ومعهم أنا، مستغربين، مستهجنين المشهد. لكن لا أحد منا، حاول ان يأتي بسلوك مخلٍ بالنظام.
كان اليوم، يوم خميس؛ وفي يوم الخميس تقع مناوبتي؛ وفيها تكون مهمتي مع عدد من الزميلات من بينهن الزميلة "تغريد"، الحفاظ على أمن الطلاب وحفظ النظام أثناء الاستراحة. فكنَّ، لهذا الغرض، نتوزع في الساحات ومداخل المدرسة وقت الاستراحة، كلٌ منا حسب الموقع المحدد لها. وبما أنه لم يكن للمدرسة مقصف خاص بها؛ فقد كان يُسمح لمَن لم يحضِر من الطلاب طعامه معه من البيت، بأن يخرج ليشتريَه من حانوتٍ محاذٍ للبوابة الخارجية للمدرسة، والتي تبعد بضعة أمتار عن الشارع الرئيسي، شارع الناصرة- شفا عمرو.
وصل الجنود الى موقع المعلمة " تغريد"، التي لم تستطع سنوات عمرها الأربعين أن تسرق من جمالها وأناقتها شيئا. فقد كانت المعلمة "تغريد" جميلة، أنيقة الثياب والزينة، حيث اعتادت أن ترتدي التنورة مع السترة، وتنتعل الحذاء مع الكعب العالي، وتزيّن عنقها بعقد من اللؤلؤ. وعندما وصلها الجنود، سألها أحدهم والممسك بذراع "سالم"، باللغة العبرية دون مقدمات ودون سلام:
- أنتِ المديرة؟
- لأ . شو في؟ مالو سالم؟ قالت المعلمة تغريد.
لم يجبها الجندي عن سؤالها، بل سألها:
- أين المدير؟ أين غرفته؟
- المدير مش موجود. إسا بنادي النائب. أجابته المعلمة "تغريد".
حضر الاستاذ عمر، نائب المدير مسرعا، بعد أن انتشر خبر دخول الجنود الى ساحة المدرسة كانتشار النار في الهشيم. وهنا؛ اقترحتُ أنا بأن يدخل الطلاب الى صفوفهم قبل أن ينتهي وقت الاستراحة تفاديا لأي تطور قد يحدث، وهكذا كان.
" سالم"، ابن الصف السادس، لم يدخل مع زملائه الى الصف؛ إنما اصطحبه الجنود معهم بعد أن باءت المفاوضات بينهم وبين نائب المدير بالفشل.
- أنت مصدق أن الولد لوّن مسطرته الخشب بألوان علم فلسطين ولوّح بها للسيارات في الشارع الرئيسي فقط للهو؟ قال أحد الجنود لنائب المدير.
- نعم أنا مصدق الولد. أجابهم بحزم.
ولم يستطع ثلاثتنا، نائب المدير وأنا والمعلمة تغريد، من إقناع الجنود بأن ما فعله سالم ما هو الا نتيجة لفعالية نُفذت في حصة الفنون؛ بل أجبروا نائب المدير على مرافقهم هو أيضا الى مركز الشرطة لإجراء تحقيق معه ومع سالم، بعد أن اتهموه بالتستر على سالم وعمله الإرهابي.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابني في غرفته
- شعورٌ بالذنب*
- لماذا تذبل الأزهار؟
- الصراع ما بين إختيار المرأة لتحقيق ذاتها من خلال عملها واستق ...
- طفل التوحد
- التهمة؛ عربي
- أحرق الوقت
- الخيار الصعب
- كيم
- أمل
- فنجان قهوة
- يا آهتي
- كالنهر كوني
- عروس في زمن الحرب
- الخاصرة الرخوة، والمرأة الفلسطينية في مجتمع سلطوي، ذكوري
- الوفت
- ما زالوا يكتبونَ القصَّة
- كثيرة العثرات انا
- شمس الخريف
- رحلة


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - طفل وعَلَم