أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - ابني في غرفته














المزيد.....

ابني في غرفته


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6614 - 2020 / 7 / 9 - 19:49
المحور: الادب والفن
    


السادسة مساءً وما زال خليل في مكتبه في الجريدة التي يعمل فيها محررا للصفحة الثقافية. دوامه ينتهي هذا اليوم عند الرابعة عصرا، لكنه قرّر ان لا يعود الى البيت قبل ان يُسدلَ الستار على الفصل الأخير من روايته.
حتما سأعالج الأفكار التي تحوم في ذهني وأمنعها من التشتت هنا وهناك او حتى الهروب كليا من محيط رأسي، إذا بقيتُ لعدة ساعات في المكتب بعيدا عن متطلبات البيت ومَن فيه، وعن ضوضاء الشارع الذي اضطرتني ظروفي المادية للسكن فيه. قال خليل لنفسه وأسقط جسده على المقعد امام حاسوبه. مضت ساعتان، وخليل يصارع أفكاره من جهة، ويصارع الحروف على شاشة حاسوبه من جهة أخرى. لعله صدق في تصريحه لإحدى القنوات الفضائية في احدى المقابلات معه حيث قال؛ أن الكتابة بالنسبة له هي مخاض عسير لولادة. فها هو بعد مرور ساعتين من الزمن لم يفلح ان يترجم الا القليل من أفكاره الى كلمات؛ لعل عمله منذ الصباح قد نال من طاقته الجسدية والذهنية، وربما عدم تناوله وجبة الغداء ساهمت في ذلك أيضا؛ وربما، احتلت ظروفه المادية السيئة في الآونة الأخيرة مساحة من تفكيره، فعرقلت تسلسل أفكاره وشوّشتْ تنظيمها.
ترك خليل مقعده وسار نحو النافذة، اسند ذراعيْه على حافتها وأطل برأسه خارجها، أخذ قسطا من الهواء النقي بعد ان قلَّت كمية الاكسجين من هواء غرفة مكتبه بسبب حرقه للكثير من السجائر، ثم عاد ليجلس في مقعده أمام حاسوبه. وقبل أن يعود لمتابعة الكتابة، تناول هاتفه النقال وولج الى شبكة الفيس بوك يتصفحها ظانا انه بذلك سيروِّح عن نفسه قليلا، ويأخذ استراحة لدقائق معدودة من عناء الكتابة الجادة. لكن سوء حظه، قاده الى صفحة ذلك الصحفي الذي لا يكلُّ ولا يملّ من الظهور ببث حي ومباشر لينقل ما لديه من أخبار، وهي في الغالب أخبار سيئة ترفع ضغط الدم وتحرق السكر فيه. تجمد خليل امام شاشة هاتفه وهو يشاهد الصحفي يمسك بميكروفونه ويسمعه يقول: شجار عنيف في حي الرمّان بين ثلاثة شبان في الثامنة عشر والتاسعة عشر من أعمارهم، أسفر عن جريح بحالة خطرة، ويُخشى ان يتوسع الشجار بين سكان الحي... توقف خليل عن متابعة بث الصحفي للحدث، خرج من شبكة الفيس بوك، وبيدين مرتجفتين أسرع يهاتف زوجته. تأخرت زوجته بالرد على هاتفه؛ زاد قلقه، تسارعت نبضات قلبه، شحب لون وجهه، شعر بدوار في رأسه، وراح يتمتم غاضبا والقلق من المجهول ما زال يتملكه: "قد يكون صهيب أحد الشبان الثلاثة؛ او انه بعد قليل سيكون في ساحة المعركة في الحي".
- صهيب في غرفته. قالت أم صهيب بصوتها الانثوي الهادئ مجيبة عن سؤال زوجها خليل عندما سألها عن ابنه.
كان يكفي خليل ان يسمع هذه الجملة: "صهيب في غرفته"، هي زبدة المقال، وأما ما قيل بعدها من جمل وعبارات، فقد قيل فقط ليخدم زبدة المقال.
أنهى خليل محادثته مع زوجته، انفرجت أسارير وجهه، أشعل سيجارة، وضعها بين شفتيه وسحب نّفّسا عميقا وقال: الحمد لله ابني في غرفته.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعورٌ بالذنب*
- لماذا تذبل الأزهار؟
- الصراع ما بين إختيار المرأة لتحقيق ذاتها من خلال عملها واستق ...
- طفل التوحد
- التهمة؛ عربي
- أحرق الوقت
- الخيار الصعب
- كيم
- أمل
- فنجان قهوة
- يا آهتي
- كالنهر كوني
- عروس في زمن الحرب
- الخاصرة الرخوة، والمرأة الفلسطينية في مجتمع سلطوي، ذكوري
- الوفت
- ما زالوا يكتبونَ القصَّة
- كثيرة العثرات انا
- شمس الخريف
- رحلة
- ما هكذا يُودع الآباء


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - ابني في غرفته