أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - عطر الورد














المزيد.....

عطر الورد


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6616 - 2020 / 7 / 12 - 15:27
المحور: الادب والفن
    


ابتعدت ابتسامتُها كثيرا عن شفتيها؛ تلك الابتسامة التي ارتسمت على محياها كل الوقت حتى بعد ان كانت تخلد الى النوم. وها هي منذ شهرين مضيا اختفت اشراقة بسمتها، وحلَّت مكانها أَمارات حزن وتيه غزيا قسمات وجهها. أصبحت تقضي جلَّ ساعات يومها تغسل بدموعها الحدقات وتجلي عنها الملح، ظانة انها بذلك ستبرِّد شغاف قلبها من حر اللوعة؛ لوعة فقدان وحيدها.
بعمر الورد رحل وردُ ابن الثالثة عشر ربيعا عنها، ابتلعه البحر في يومٍ ربيعي أضاءت شمسُه سماء حيفا، وغمزتْ بعينها لوالد ورد ودَعته ليستمتع بدفئها على شاطئ البحر برفقة افراد عائلته وأصدقائه.
يقولون ان البحر غدّار، وفي ذلك بعض من التجني. لماذا لا ببحث الأفراد عن الجاني الحقيقي الذي يدفع بالبحر لأن يبتلع الورود ويُغرِق المراكب؟ أليست الريح هي التي تقرِصه من بطنه ومن متنه فترغمه على الكفِّ عن سكونه فيثور؟! ألا يُحتمل ان تكون الورود غير معتادة بعدُ على سحب الاكسجين من رئتيْ البحر فيغضب لعجزه عن مساعدتها فيضمها الى صدره؟! ألا يحتمل أن تكون ثقة المراكب الزائدة بثقلها وثباتها قد استفزت غرور البحر، فصفعها على مؤخرتها ليلقّنها درسا بالتواضع؟!
مضى شهران وأم ورد متغيّبة عن عملها في روضة الأطفال. هي بالكاد تمد يدها الى طبق الطعام بضغط من زوجها لتتناول منه لقمة واحدة او اثنتين تضمن لها البقاء على قيد الحياة، ولم ينجح زوجها ووالديها أو غيرهم بأن يخرجوها من حالة الكآبة والعودة الى حياتها العملية، رغم كل ما وفّروه لها من دعم وتشجيع. ومثلما تغيبت ام ورد عن عملها في الخارج، تغيبت عنه في المنزل أيضا، وأوكلت مهمة القيام بالأعمال المنزلية الى عاملة تأتيها ثلاث مرات في الأسبوع؛ تدخل المطبخ والغرف بما فيها غرفة نوم ام ورد، وكأنها تدخل غرف بيتها لتنظفها وتعيد الترتيب فيها. كانت هذه العاملة سعيدة لأنها استطاعت ان تنال ثقة واستحسان ام ورد بعملها؛ فهي نشيطة، تتقن عملها والأهم أنها لا تجيد الثرثرة؛ الى ان دخلت ذات يوم غرفة نوم ام ورد وراحت تمسح الغبار عن الأثاث والأسطح، وبحركة من يدها غير محسوبة ناتجة عن فرط سرعتها بالعمل، أسقطت إحدى زجاجات العطر على الأرض. تكسّرت زجاجة العطر، سمعت أم ورد صوت تحطمها، فأسرعت تفحص ما حدث. أسِفت عندما رأت زجاجة عطرها من النوع الفرنسي الفاخر غالي الثمن قد تحطمت على ارض الغرفة. كانت أم ورد تفاخر امام زميلاتها بعطرها المفضّل وبأنه فرنسي من شركة شانيل، تحضره معها من السوق الحرة بعد عودتها كل مرة من سفراتها الى خارج البلاد. لم توبخ ام ورد العاملة على قلة انتباها، ولماذا توبخها؟ فكل الخسارات بعد خسارتها لابنها لا تساوي شيئا.
الغريب بالأمر، ان أم ورد ظلّت لأسبوع تتنشق رائحة العطر الذي انسكب على ارض غرفتها، وتنتعش كلما دخلتها. وفي اليوم السابع، هاتفت محامي العائلة، ليتخذ الإجراءات القانونية، ويسجل الجمعية التي ستترأسها باسم، عطر الورد.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفل وعَلَم
- ابني في غرفته
- شعورٌ بالذنب*
- لماذا تذبل الأزهار؟
- الصراع ما بين إختيار المرأة لتحقيق ذاتها من خلال عملها واستق ...
- طفل التوحد
- التهمة؛ عربي
- أحرق الوقت
- الخيار الصعب
- كيم
- أمل
- فنجان قهوة
- يا آهتي
- كالنهر كوني
- عروس في زمن الحرب
- الخاصرة الرخوة، والمرأة الفلسطينية في مجتمع سلطوي، ذكوري
- الوفت
- ما زالوا يكتبونَ القصَّة
- كثيرة العثرات انا
- شمس الخريف


المزيد.....




- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...
- برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر ...
- دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة
- تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد ...
- انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي ...
- محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي ...
- بعد 35 عاما من أول ترشّح.. توم كروز يُمنح جائزة الأوسكار أخي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - عطر الورد