|
التعايُش القَلِق
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6725 - 2020 / 11 / 6 - 16:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل هنالك غسيل أدمغة يقوم به حزب العمال الكردستاني PKK لمؤيديه ؟ هل يُقنعهم بأن تواجدهم في جبال أقليم كردستان العراق والمناطق الحدودية ، أمرٌ طبيعي ومن حقهم ؟ بل هل يُثّقِف منتسبيه بإتجاه مُحاربة سُلطة الأقليم إذا إقتَضَتْ الظروف ؟ وهل ان " الظروف " وصلتْ الى المدى الذي لابُد فيه من مُواجهة مُقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني ؟ [ تعمدتُ إيراد " سُلطة الأقليم " وليس الحكومة ، وكذلك " مُقاتلي الحزب الديمقراطي " وليس البيشمركة ] لأنهُ من الناحية الفعلية ، ليس هنالك جيش او بيشمركة مُوّحَدة بل ليستْ هنالك أيضاً مؤسسات حكومية رصينة وإنما هنالك سُلطة في اربيل وسُلطة في السليمانية . مَهما كانتْ الأسباب الظاهِرة وحتى الخَفِية ، فأن مُجّرَد وجود بعض مُقاتلي PKK [ مُستعدين ] لضرب مُقاتلي الحزب الديمقراطي او الإتحاد الوطني ، هو خطأٌ فادِح ، ويعني ببساطة ، عدم الإستفادة من تجربة الحرب المُدمِرة بينهم في التسعينيات بكُل مرارتها ، ويُلقي الشكوك أيضاً على شعاراتهم أي ال PKK حول وحدة الصَف . لأنهُ ( ورغم كل السلبيات المتراكمة ، فأن تجربة أقليم كردستان العراق ، ينبغي المُحافظة عليها والدفاع عنها ) ، وأي حربٍ بين ال PKK وسلطة الأقليم ، إضعافٌ حتمي لكيان الأقليم . أرى ان تَوّفُر مُقاتلين من ال PKK متحمسين لِخَوض معارك ضد سُلطة الأقليم ، فيه إحتمالَين : فأما هُم فعلاً عملاء لل " ميت " التركي مُندسين بين صفوف ال PKK ، أو ان التثقيف والتوعية التي إكتسبوها من حزب العمال ، مُشّوَهة وخاطئة في تشخيص أولويات وإتجاهات النضال . " … في برنامجٍ حواري في فضائية FRANCE 24 ، قال أحد المتحدثين : لو وضعوا جميع مقاتلي ال PKK المتواجدين على أراضي أقليم كردستان العراق ، على سفينةٍ فضائية ضخمة ، إفتراضاً ، وبعثوهم الى المريخ ، فأن تُركيا ستُسارع إلى إرسال مجاميع مسلحة الى أقليم كردستان العراق ، وتقول بأنهم من حزب العمال ، لإدامة توفير [ ذريعة ] للتدخُل " . هل هنالك بعض مُقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني او حتى الإتحاد الوطني " مُتحّمسين " لِخَوض الحرب ضد مقاتلي ال PKK ؟ إذا كانوا موجودين ، فأن ذلك خطأٌ فادِح ويُثبت عدم إستفادتهم من عبرة الحرب المشينة بينهم في التسعينيات ، وكذلك مُؤشِرٌ على عدم صدقية شعاراتهم حول وحدة الصَف . إذا كانوا موجودين أي المتحمسين لمُحاربة ال PKK ، فأن هنالك إحتمالَين : فأما هُم عُملاء لل " ميت " التركي ومُندسين بين صفوف الحزب الديمقراطي ، أو ان التثقيف والتوعية التي إكتسبوها من الحزب الديمقراطي ، مُشوهة وخاطئة في تعيين أولويات وإتجاهات النضال . ……………….. الوضع صعبٌ ومُعقَد … فتواجُد " الأمر الواقِع " لمقاتلي ال PKK في أقليم كردستان العراق منذ بداية التسعينيات ، ماعدا توفيره ذريعة للحكومات التركية المتعاقبة ، للتدخُل السافر في شؤون الأقليم ، فأنهم تسببوا أيضاً بصورةٍ غير مُباشرة ، في تهجير عشرات القرى الحدودية ودمار الحقول والمزارع ، بل وفي التضييق على القرويين في مناطق واسعة كذلك . من ناحية أخرى ، فأنهم أي ال PKK كانوا سبباً في عدم سيطرة عصابات داعش على مناطق عديدة من بينها مخمور وجبل سنجار وغيرها . حقائق مريرة : ـ الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وضعَ ( نتيجة قِلّة تجربة أو إضطراراً ) معظم بيض الأقليم في سّلة تُركيا ، وما جّرهُ ذلك من بعض التبعية الإقتصادية ومن ثم السياسية ، مما يجعل من الناحية العملية ، مجال " المُناورة " لديهم ، ضّيِقاً . ولكن حتى مع قِلة حيلة الديمقراطي ، فأنهُ يستطيع " لو أراد " إعادة النظر في العقود طويلة الأمد والمتعلقة بملف النفط والغاز ، مع الجانب التركي ، بشرط التنسيق المُحكَم مع بغداد من خلال حَل كافة المشاكل العالقة . ـ رغم تمتُع حزب العمال ال PKK بشعبية واسعة في كردستان تركيا وكردستان سوريا ولا سيما من خلال ال HDP و PYD وحتى لهُ بعض المؤيدين في أقليم كردستان العراق وكردستان إيران أيضاً ، ناهيك عن الجاليات الكردية في أوروبا وأمريكا ، فأن حزب العمال مُصّنَف دولياً بإعتباره منظمة إرهابية ، للأسف . وعندما أقول " دولياً " ، أعني مِن قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين ، فبضغطٍ من تركيا العضو في حلف الأطلسي ، صُنِف حزب العمال إرهابياً بغير وجه حَق . لم ينجح حزب العمال وبكل منظماته وجمعياته الرديفة النشيطة في أوروبا وأمريكا ، وبكل ثُقل ال HDP ونوابه في البرلمان التركي و سُلطة الأمر الواقع في شمال شرق سوريا التي يديرها ال PYD وبكل الكريلا في جبال أقليم كردستان العراق … لم ينجحوا لحد الآن ، في إقناع العالَم ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية ، لرفع أسم ال PKK من قائمة الإرهاب . ……………. كمواطن بسيط … اُفّضِل إستمرار [ التعايُش القَلِق ] بين ال PKK و الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني ، كما كان طيلة العقدَين الماضيين ، رغم عّلاته … على الحرب وسفك الدماء بين الطرفَين . اُفّضِل تفاوُض سلطة الأقليم مع تركيا في كافة المجالات ، رغم الغُبن الناتج عن أخطاءنا السابقة وعقودنا طويلة الأمَد وإعتمادنا المُبالَغ فيه عليهم في المرحلة الماضية ، التفاوُض بالتنسيق مع حكومة بغداد . التفاوض أحسن عموماً ، من المجابهة المسلحة ، لا سيما ونحن الطرف الأضعَف . اُفّضِل أن لا يقطع الحزب الديمقراطي الكردستاني " شعرة معاوية " مع ال PKK ، ففي كُل الأحوال ، ربما يستطيعان في مُفترِقٍ ما ، إيجاد أرضيات مُشتركة ووضع لبنة حقيقية لحلٍ شامِل . ذلك أفضَل من التناحُر والقتال . تغييرات عديدة مُنتَظَرة ، عالمياً وأقليمياً ، بعد الإنتخابات الأمريكية التي جرت قبل أيام ، والإنتخابات التركية المرتقبة ولاسيما في خضم هبوط الليرة التركية وإنخفاض شعبية أردوغان ، والإنتخابات العراقية القادمة … لم تبقَ لدى أحزابنا ولاسيما ال PKK و HDP و PYD والحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني … الخ ، أية حجّة إطلاقاً ، بعد كل التجارب المريرة المتراكمة ، أن لا ترتقي الى مستوى الأحداث وتتخلى عن بعض مصالحها الأنانية الضيقة ، في سبيل الصالح العام .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المُقّدَس
-
سيداتي .. سادتي ، الكِبار
-
إلى أينَ نحنُ مُتَجِهون ؟
-
الإجهازُ على ما تبقى من وَطَنْ
-
وقودٌ .. وعَدَسٌ مجروش
-
وزير الدفاع الإيطالي ومُستَقبَل ميسي
-
كاريكاتير
-
مِنْ أي عشيرةٍ أنتَ ؟
-
الطائفية والقومانية
-
كُرسي إمبراطور اليابان
-
عسى أن لا تحتاجوا إلى خدماته
-
رَعي غَنَم أم تحليل سياسي ؟
-
الولايات الإبراهيمية المتحدة
-
مشاكِل عائلية
-
- الفضائيين - لحمهُم مُرْ
-
تكميمُ أفواه ... ومنافِذ حدودية
-
- كثر شاكوك .. وقّلَ شاكروك -
-
أخبارٌ من هنا وهُناك
-
تعقيم مركز المدينة
-
هل ستُشارِك في المُظاهَرة ؟
المزيد.....
-
مياه وردية اللون من الصنابير.. شاهد كيف يتعامل سكان هذه المد
...
-
كيف سينعكس التقارب بين تركيا ومصر على الصراعات الإقليمية؟
-
البولونيون يستعدون للهجوم على بيلاروس
-
الأمريكيون مصدومون من الأوكرانيين الذين يتدربون على F-16
-
نشطاء من حركة -تمرد ضد الانقراض- يغلقون الطريق السريع في لاه
...
-
صاروخ باليستي يسقط في إسرائيل من اليمن، والجيش يحقق في فشل ا
...
-
التضليل الإعلامي ـ سلاح روسيا -الناعم- لزعزعة الديمقراطيات
-
دراسة: الإنسان البدائي مر بنفس مراحل بلوغ الإنسان الحديث
-
تفاصيل مثيرة عن مرض نادر.. بريطانية تنفق نحو 8000 دولار على
...
-
طهران: قمر -جمران-1- رد إيراني على من يفرضون العقوبات
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|