|
مِنْ أي عشيرةٍ أنتَ ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6686 - 2020 / 9 / 24 - 20:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لِحَد اليوم ، من الشائِع في دهوك مثلاً ، أن يسألكَ سائق تكسي أو صاحب دكان : مِنْ أي قريةٍ أنتَ أو من أية عشيرة ؟! مُفتَرِضاً أنهُ لابُدَ أن تكون قُروياً مُنضوِياً تحتَ عشيرة . ولغاية اليوم ، تتنافس الأحزاب السياسية المتنفِذة والتي تّدَعي الحداثة والمدنية زَوْراً ، على كسب وِد العشائر والآغوات والشيوخ من خلال رشوتِهم بالإمتيازات والمال ، من أجل ضمان الحصول على أصوات أبناءها وبناتها في الإنتخابات . وليس نادراً أن تتحول مُشاجرة بسيطة بين مُراهِقَين إلى عِراكٍ بين عشيرتَين … بل هنالك العديد من النساء ضحايا النهوة او الفصلية العشائرية … ولا زالَ الثأرُ مُتفشِياً كأحَد تجليات العصبية والقَبَلية . الأحزاب الحاكمة في أقليم كردستان العراق ، تُكّرِس العشائرية وتُشّجِع قِيَمها المتخلفة ، لأن من خلالها تستطيع إدامة سيطرتها على المُجتمع وإطالة ممارستها للسُلطة . أما في باقي أنحاء العراق ، فحّدِث ولا حرج .. فصدام ألغى عملياً ، تشريعات عبد الكريم قاسم الخاصة بتحجيم دَور العشائر في المجتمع العراقي ، ومن أجل ترسيخ حكمه الفردي الأرعن ، كسبَ صدام ولاء العشائر عن طريق الترهيب والترغيب وحتى تنصيب شيوخ مزيفين موالين له . وبعد التغيير ، فأن الحُكام الجُدد و" المالكي نموذجاً " كرئيس وزراء وقائد عام للقوات المسلحة ، قاموا بإحياء وترويج العشائرية بل وتوزيع المسدسات على الشيوخ تعبيراً عن السماح بتسليح العشائر وإستخدامها طائفياً وميليشياتياً . و " النُجيفي نموذجاً ثانياً " كرئيس لمجلس النواب ، حيث عقد مؤتمرات عشائرية لتجييش قبائل بني خالد لمواجهة الميليشيات الطائفية المُقابلة . جرى ذلك لتهميش وإضعاف القوات المسلحة الرسمية من جيشِ وشرطة محلية وإتحادية .. وبالفعل مّهدَ الأمر ، لسيطرة مايُسمى دولة الخلافة الإسلامية / داعش على مساحات شاسعة من الوطن ، ومن تداعيات ذلك ، إنبعاث الحشد الشعبي بفتوى من المرجعية الشيعية تحت مُسّمى الجهاد الكفائي .. والذي مع دوره البارز أي الحشد الشعبي ، في كسر شوكة داعش ، فأنهُ وّفَرَ ذريعة لتفريخ المزيد من الميليشيات غير المنضبطة وحتى الخارجة عن طَوع المرجعية أيضاً . أن التمازج بين تسليح العشائر والميليشيات المنفلِتة ، أدى بمرور الزمن إلى فوضى عّمتْ الشارع العراقي ولا سيما في البصرة والناصرية وبغداد والعمارة وغيرها … والتي من تداعياتها إندلاع ثورة تشرين 2019 ، التي هّزَتْ عروش الطبقة السلطوية الفاسدة ، والتي لم تترددْ أي السُلطة ، في توجيه السلاح لصدور الشباب السلمي المنتفض فقتلت المئات وجرحت الآلاف ، عدا عن المُغيبين والمختطَفين من نُشطاء الثورة والمُغتالين بواسطة الكواتم . في " بروفة " مُتأخِرة خجولة ، كّلفَ الكاظمي جهاز مكافحة الإرهاب ، بالتدخُل لإنقاذ مُختطَفٍ في الناصرية … لكن لقطاتٍ سريالية عجيبة برزتْ على السطح ، مُعّبِرةً عن هَول ما نحنُ فيهِ من إنحطاط : فمجاميع عشائرية مُسلَحة بالتماهي مع مجاميع ميلشياوية خارجة على القانون ، تعترض على مايقوم به جهاز مكافحة الإرهاب … بل ان عشيرة إحتجتْ على إختراق سمتيات الجيش ل [ مجالها الجّوي ] !! . أن فَرض القانون وإسترجاع هيبة الدولة ، لن يكون نُزهة قط . فالفساد الرسمي المُقَنَن من أحزاب السلطة طيلة سنوات والإنتهاك المُنّظَم للسيادة والحَط من قَدْر المؤسسات الأمنية وإفساح المجال واسعاً للأفاقين والسَفَلة لللعب بمقدرات البلد … كُل ذلك يستدعي إرادة فولاذية ونَفَساَ طويلاً وإعتماداً على دَعم الشعب الحقيقي المتمثل في شباب الثورة في ساحات الناصرية وبغداد والبصرة وكل المحافظات ، لكي تكتمل غاية الإنتفاضة التشرينية ، بكنس كل الفاسدين وإسترجاع الأموال المنهوبة وبناء عراقٍ مُعافى على اُسُسٍ صحيحة . نحنُ بحاجة إلى إدامة ثورة الشباب في ساحات مُدننا المختلفة … حتى نصل لليوم الذي لن يسألنا فيهِ أحد ، هذا السؤال البائس : " مِنْ يا عمام إنتَ ؟ أو من أي قريةٍ أو عشيرةٍ أنتَ ؟ اليوم الذي تصبح فيه مُفردات : الدّگة العشائرية / النهوة / الفصلية … شيئاً من الماضي .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطائفية والقومانية
-
كُرسي إمبراطور اليابان
-
عسى أن لا تحتاجوا إلى خدماته
-
رَعي غَنَم أم تحليل سياسي ؟
-
الولايات الإبراهيمية المتحدة
-
مشاكِل عائلية
-
- الفضائيين - لحمهُم مُرْ
-
تكميمُ أفواه ... ومنافِذ حدودية
-
- كثر شاكوك .. وقّلَ شاكروك -
-
أخبارٌ من هنا وهُناك
-
تعقيم مركز المدينة
-
هل ستُشارِك في المُظاهَرة ؟
-
هموم وشجون حمكو
-
مناقَشة مع حمكو
-
تَمّخَضَ البرلمانُ فَوّلَدَ إحباطاً
-
ألله يِطّوِل عُمر المرحوم !
-
حمكو .. الذي لا يعرفني
-
تنبؤات رجُلٍ بغيض
-
الطماطة ... عندما تَفسَد
-
بغداد وأربيل .. إلى أين ؟
المزيد.....
-
وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني -
...
-
-لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق
...
-
أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
-
شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر
...
-
قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل
...
-
وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال
...
-
أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا
...
-
آلهة الحرب
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|