أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - إنَّهُ خَليلي : نَبَاتُ الصّبَّار














المزيد.....

إنَّهُ خَليلي : نَبَاتُ الصّبَّار


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 02:03
المحور: الادب والفن
    


(ما سأدوّنهُ هو قَصَصٌ مِن الأَقدَارِ ومَا هو بحَصَصٍ مِن الأفكَار).
عاتبني فقالَ:
ماليَ أرى هوى الأفئدة ياسميناً وهوى فؤادك : الصّبّارُ!
وماليَ لا أرى سوى قلمكَ قلماً هامَ بهِ بغرامٍ وإعتبار!
مَهلاً يا ذا ذوق …
فَمَا بي من ضَلالَةٍ عَن تذَوق جمالٍ وتَدقيق , ولَستُ بفَقِيرٍ من تَفَوقِ كَمالٍ وتَحقيق , فلا تعجَبَ مِن غَرامِي بِهِ وَالإيثَارِ ؟
إنَّهُ خَلِيلي , الصّبورُ ذُو صَبرٍ عَتيدٍ وَ مِن صَبرِهِ شُقَّ إسمُهُ فَنُودِيَ :
( صَبرٌ و صُبَيرٌ وصَبَّار)..
ولقد بَصُرتُهُ أنا عن جُنبٍ في زقَاقِ الحيِّ , إذ كانَ عَنِ الأَنظارِ مُتَوَار ! كأنَه عَابِرُ سَبيلٍ غَلَّفَتهُ النَائِبَاتُ فَتَوَارى لِوَاذَاً عَنِ الأبصارِ!

وهو الحَفِيُّ هُوَ, إليِهِ الفَرَائِسُ تُهرَعُ وبِهِ تَلوذُ فلا يَستَجيرُ بَل آنَسَ أن يُستَجَار.
وهو الأبِيُّ هُوَ ذُو بَأسٍ فَمَا رَضِيَ مَقطَناً إلّا فَيافِي صَمَّاءَ قِفَار.

سَيِّدُ الأشجَارِ هُوَ و قُرَّةُ عَينِها هوَ, وهُوَ عِندي عبقُ و دُرَّةُ الأزهَارِ !

أَفَمَا رَأيتَ صُمُودَهُ المُنسَكِب في السَّمُومِ وَعَمُودَهُ المُنتَصِب في اليَحمُومِ بإصرَار!
أَوَمَا رَأيتَ هَامَتَهُ لا تَجزَعُ لظَمَأٍ وَقَامَتَهُ لا تَفزَعُ لِلَمَأٍ ولا تَهزَعُ طَويَاً ولا إنكِسَار!
أَوَمَا رَأيتَ تَجَلُّدَهُ بِلا ماءٍ حَولاً فَحَولاً ثمَّ حَولاً فَلا يَغتَمُّ ولا يَنهَار !
أَوَمَا رَأيتَ جُفُونَهُ كيفَ إكتَفَت بِقناعةٍ من حَبَّاتِ غَيثٍ بِإنهِمَار!
أَوَمَا رَأيتَ عُرُوقَهُ كيفَ إحتَفَت ترتَوِي وتَغتَسَلُ بلا طَمَعٍ وَلا إكتِنَازٍ وَإدِّخَار!
أَوَمَا رَأيتَ هَيأتَهُ وَكَيفَ عَفَت , فَلا تَكَلّفَ تطلبُ ولا إستِجدَاءَ لإنبِهَار!
رَاسِخُ هُوَ في الأَرضِ و مُستَقِرٌّ خليلي بِإقتِدَار .
نَاسِخٌ هُوَ و مُستَنكِرٌ مَا حَولهُ مِن إنغِمَارٍ فِي غُدُوٍّ وإنتِشَار .
مُتَشَفِعٌ هُوَ بِجَلَدِهِ أَمَامَ رِيحٍ عَاصِفٍ بِلا إهتِرَاءٍ أو إدبَار .
مُتَرَفِعٌ هُوَ وَسَلَمٌ عَن وَطِيسِ مَن حَولهُ مَابَينَ خُسرٍ مُهلِكٍ وعُسرِ في إنتِصَار!

لَكَأنّي بهِ يَسخَرُ مِن بَأسِهمُ بِأشواكٍ ضَئيلَةٍ تَتَحَدَّى كُلَّ إستِنفَارٍ قِبَلَهُ بِازدِرَاءٍ وَإحتِقَار؟
إنّهُ المُتَمَنِّعُ العزيزُ هُوَ و مِن نَسَبٍ ينهى عَن إستِغَاثَةٍ و حَسَبٍ ينأى عن إستِنصَار.
وَلَقَد بَصُرتُهُ أنَا عَن جُنبٍ وَهُوَ عَن الأنظَارِ مُتَوَار , فدنوتُ فشدوتُ فِي مَسمَعِهِ بِلَوعَةٍ وَإعتِذَار:
إيِهٍ , يَا سَيِّدَ الأزهَارِ عِندي وَالثِّمَار! أيُّها الصَيدَلِيّ في صَحرَاءَ خَلَت من غَداءٍ وشفاءٍ وإزدِهار…

مَالِ مُقلِ عُيونِكَ في جَوىً تَتَأفَفُ وتَبُوءُ بِأثقَالٍ وأَسرَار!
مَالِ عُقَلِ خُدُودِكَ في أسَىً تَتَعَفَفُ وتَنُوءُ عَن فَضفَضَةٍ وإِشهَار؟
كَأنَّكَ قَصَدّتَني إلى (بَغدادَ) ضَيفَاً رَغمَ أهوَالٍ وأَخطَار؟ فَضَلَلتَ السَّبيلَ فَأصَابَكَ أهلُ المَدينَةِ بِشِرَاكٍ نَصَبُوها بِلا إضطِرَار, فَلا هُمُ إِستَقبَلوكَ بِوِدٍّ بعدَ تِرحَالٍ وَأسفَار, ولاهُمُ إِستَدبَروكَ بِنِدٍّ وَإِنكَار, وَإنَّمَا إِحتَكَرُوكَ لِمَيلٍ فيهمُ طموعٍ أهوجٍ فِي جَمعٍ وَأحتِكَار.

يَا لِمَثلَبَةِ مدينَةٍ خَفَرَت جَبِينَكَ فَأضحَى حَالِكاً فَتَوَلَّى عَنهُ بهيجُ ما فيه من إخضِرَار !
ويَا لِشَائِبَةٍ وَضِيعَةٍ كَفَرَت بَدَنَكَ فأمسَى سَالِكَاً لِجِراحَاتٍ وَتَجَلَّى بِقرحٍ وأَضرَار!
هَلُمَّ مَعي ..
حَلَلتَ أهلاً وَنَزَلتَ سَهلاً وبِكَ أزهو سُمُواً بإِفتِخَار. وتَبَّاً لِمَن تَقَلَّبَ مِن أهلِ مَدينَتي في سَوءَةٍ غشيَتهُ وَصَغَار .
سَتَجِدُني عَلى رِعَايَتِكَ -إن شَاءَ اللهُ – قَائِماً فِي عَشِيٍّ وإبكَار.

فحَمَلتُهُ فَوَلَّيتُ بهِ شَطرَ مَسكَنِي, فَأتَيتُ بِهِ صبيتي بِبَهجَةٍ وإستِبشَار.
فغَرَسنَاهُ جمعاً حَذوَ صنوِهِ في الشّمُوخِ والإعتِبَار, حَذوَ نَخلَةٍ هيَ تَوأَمي فِي رُّزْنَامَةِ الأيَّامِ والأَعمَار .
ثمَّ..
إنطَلَقَ خَليليَ الصَبّارُ يَتَشَافَى بِإحتِرامٍ مِنّا وإِكبَار, وَيَتَلافَى ندبَ وقَهرَ أَهلَ المَدينَةِ ومَا لَقِيَهُ مِن أستِهتَار,
وَعجبي واللهِ !..

فما هما إلّا يومان حَتى وَهِبَني زَهرَةً آخَّاذاً لَونُها مُكتَحِلَةً بِطيفٍ من بَياضٍ ناصِعٍ, وَإخضِرارٍ واقعٍ, ومن فَاقِعِ إصفِرار!
كأنّي بهِ لَم يَصبِر -وهوَ الصّبّارُ – حَتى تَلتَئِمَ جراحَاتٌ ألَمَّتهُ وَأوزَار. وها قد مضى الآن حولاً فما أزهرَ بعدها,بل أراه منشغلاً بترميم بدنه وتكاثرٍ وإعمار.

أَفَكُنتُ ضَالّاً أنا – يا ذا ذوقٍ – حِينَما إنتَخَبتُهُ سَيِّدَاً لِلأشجَارِ كُلِّها وَالأزهَار؟
فَأَسِمِع بِهِ مِن حَدَسٍ لِيَ فيه, وَأبصِر بِهِ مِن إعتبار.
وَأَنعِم بِهِ مِن هَمسٍ ليَ معه, وأَكرِم بِهِ مِن إختيار :
ذاكَ هو خليلي الصبار.
***
نَبَاتُ الصَبَّار يدعى: صَيدَلِيّ الصَحرَاء لِكَثرَةِ فوائدِه.
(لَمَأَ: يَلمَأُ ، لَمَأً,ولَمَأ الشيء:أخذه كله) ,
(حَصَصاً:حَصَّ,يحص،حصصا, حص الشعر:تساقط).



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (أنكالُ صاحبي الحَمَّال مابين بَشرَلَونَة وخَصِيمِها الرِّيا ...
- [ القتل االصامت ]
- -$- هارونُ الرّشيد في خطابِ مُتَلفَز -$-
- ( أيُّنا المُستَبِدّ )؟
- * غَبَشُ الغُرُورِ وَ جَهلُه *
- * يُسمعني جرذي حينَ يقاطعني *
- *مَضَارِبُ الصَمتِ *
- *ضيفي اللزِج*
- ( أنينُ الجِسرِ : وفراكُهُم بَجَّانِي )!
- همسةٌ بقلم -الفيلسوف- عنترة بن شداد
- تأملات في أمواجِ فنجانِ قهوةٍ عربيٍّ
- ( سَأُحاجِجُكِ عِندَ ذي العَرشِ أُمَّاهُ )
- *لا قُبحَ في الوُجُودِ*
- * خَرِيفُ العُمرِ*
- * رِحالُ الكَلِماتِ!!!*
- *نَواميسُ الصُدفَةِ*
- والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ
- إي وَرَبِّي : إِنَّ الأَرضَ بِتِتكَلِّم عَرَبيّ
- -لحظةَ أنْ سَبَّحَ البُلبلُ وسَبَحَ في صحنِ الوَطن-:
- (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟


المزيد.....




- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - إنَّهُ خَليلي : نَبَاتُ الصّبَّار