أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجنابي - [ القتل االصامت ]















المزيد.....

[ القتل االصامت ]


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6703 - 2020 / 10 / 14 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ريبَ أنَّ الغربةَ ذو طَعمٍ علقم, ذُقتُ أنا -خلال دراسة جامعية- ما حوى من بلغم , لذلك وإزاء : تهديدٍ بمسدسٍ بصوت كَتم, أو إذلالٍ في مهنةٍ بإستهجان أو لَجم, أو فاقةٍ في عيشٍ ذي عسرةٍ وذي هضم, وأزواجٍ وأزواج من جور ومن ألم, وجبَ عليَّ أن ألتمسَ العذر لإخوةِ دراسةٍ أو مهنة, هجرونا نحو ديار الغرب إلتالف الخَرم, لكنّ صديقاً طلبَ مني تهنئته بإتصالٍ هاتفيّ ناشز النغم, فقال مانصّهُ : (قد رميت بجنسيتي الأولى جنسيةِ الذلِّ والوهم, في سلة مهملات وأتهاتف معك الآن من ساحل ميامي الساحر الحُلُم, ف" الوطنَ يا أخي هو حيثما يكون المرءُ بخيرٍ, بلا همٍّ ولا صداع ولا وجم).
ويحه! آلوطن فندقٌ هو! وهل تستحق هويتنا العربية قبراً في حاويات "ميامي" البغية, من مهندسٍ أوفده بلده- وإذ البلد في غمار حرب فريّة, وكان آنئذٍ على جيشه فيها ان يختار: أمّا غازٍ أو غزية- أوفده لدراسة هندسة نادرٌ تخصصها حفيّة ؟ فماهكذا يا صاح تورد الأبل وما هكذا تُرَدُّ الهدية وتُحسَم القضية! وسأدعْ معك أمرَ العقيدة جانباً لهنيهةٍ – وإنَّ العقيدةَ لنقيةٌ من كل عنصرية - ولنتحدث عن عشيرتي: "الامة العَربية" .
وإبتدأً,كامل مودة واعتزازاتي الوفية الاخوية, لأخوتي إخوة الوطن من قوميات ومذاهب اخرى رفيعة الشأن بهية.
انا هيمان بالعروبة وعاشق لها انا رغم أنها الان "مشتتةٌ بين قافيةِ الموتِ وقافلةِ الرحيلِ" ,وإنّي لأسألُ اللهَ الجليل, أن يهديَ أمَّةَ الضّادِ سواءَ السبيل, وأن يُعيدَ الفوت من تأريخٍ أصيل, ويزيدَ الصوت من بأس الصهيل. ويعلم الله أن خَيطَ جلبابٍ هزيلٍ لصعيديّ من"مصرَ"أصيل,كَشَفَ عن ساقيهِ مُتناسياً رَفعُهُ وخَفضُهُ, أو قرَويٍّ في ريف"صنعاءَ"نحيل, تراه ذا وَجهٍ حاسمٍ في بَيعَتِهِ , وبَاسمٍ هو رفضُهُ, أو شاميٍّ في هضابِ "حلب" كحيل, بِسَمَرٍ عَفَويٍّ غُنَّتُهُ ولَفظُهُ, أو بَدويٍّ خلفَ كثبان "ذي قار" نزيل , يُحِيطُه دَجاجٌ وخَريرُ ماءٍ ولِتغريدِ الطّيرِ منها حَظُّهُ, خيطَ جلباب أحدِهم ليعدل عندي "برلين" وخَرجَها الجزيل, و"باريس" وبرجها الجديل, و"لندن" ومرجها الجميل , ولقد علمتَ - يا صاح - أني لبثتُ في ديارهم عُمُراً ماهو بقليل, وعلى علمٍ بحضارتهم (الكونكرايت) المرجفة الزائفة الرذيل, وأعلم بعمق ما يمكرون من سوءٍ وتضليل.
عاشق للعروبة انا , عاشق؟
كلا, بل متطرفٌ حتى النخاع, وأتساءلُ أحياناً:
لو كان أبي"بورمياً" وجبةُ غذائهِ : كبابُ مشوي من فخذ كلبٍ يلتقمه بلا إرتياع, أو كان عمّي "مكسيكيّاً" بقبعةٍ نصف قطرها مئة باع , أوكان خالي"دنماركياً" مؤخرته ترفض الحشمة قائماً أو قاعداً أو في إضطجاع , فأنّى يتأتّى ليَ أن أستنشق نسيماً يرافقني لا يفارقني طرفةَ عينٍ من نسائم ( قصي بن كلاب وعبدالمطلب والوليد وعتبة , ثمّ الصدّيق والفاروق وذي النورين وقاضي القضاة علي وسعد خال النبيّ وطلحة العّفويّ والزبير الحواريّ وخبّاب الابيّ وأويس القرني, ثمَّ المثنى القوي وهارون الرشيد البهي والمأمون الندي والحسن البصري التقي وإبن الجوزية الزكي والقرطبي السويّ والفخر الرازي الوفيّ , ثمَّ النابغة الذبياني وطرفة بن العبد الشجيّ وجزل الخنساء الحفيّ وهجاء الفرزدق الدويّ وبحور الفراهيدي ومفاعيل إبن جنيّ وابي تمام الجليّ وابي فراس الحمداني وابي الــعتا... لحظة:
(سمعتكَ يا فلان وما تمتمتَ الآن! كلا, ما أنا بسلحفة متحجرةٍ في رمالِ ماضٍ فان , بل انا مثلك حلوٌ وجميل كغصن البان , فانا أجيدُ (إتكيت) فتح الشمبانيا وللصبايا إحتضان, (الشمبانيا: أسم لخمور وليس صنفاً لقردة أو مردةَ من جان, رغم ان القردة تأبى ان تقرب مافيها من صنان, لكننا رتعنا بها حتى الثمالة تحت عباءةِ تحضرٍ لبسناها وكان, أن ذاب في هواها الفكرُ وماع, وهزَّ وسطهُ في ليالٍ حمراء وغنّى: ماعٍ ثمَّ ماع... ولولا رحمة من الله لتاه الفكرُ في دهليزها وضاع. ثمّ أومأتُ للنادل بجودة القارورة ليملأَ الكأس والقماع, وإذ بمطربة السهرة قد تركت جوقتها والإنارة والإجتماع , لتغني بين يديَّ بلغةٍ عربية متكسرة وبإلتياع, وأنا منتفخُ الأوداج حين الإستماع, أغنية داليدا الفرنسية : (يا مصطفى يا مصطفى أنا بهبك يامصطفى.. ).
أحيانا, أكاد أن أجزم ان رَنّةَ الشمبانيا و جنّة داليدا وحفنة الأفلام, هم سبب هجرة 75% من أهلينا وليس اضطهاد الحكام ! فلمَ لم نرَ هجرةً نحو اليابان مثلا والكوريتين وجنوب اسيا المتطورة بإنتظام؟ والعجبُ أنّ المضطهدين ماكثون في أوطانهم رغم الاضطهاد والإلتحام, والمترفين وبعض أهلِ فكرٍ مترف هم مَن فَرَّ من الاوطان ل(عدم الإنسجام) تحت راية ( الوطن هو حيثما يكون المرء بخير وبإحترام)! وكأنّ الوطن منتجع وبالعريّ إستجمام!
هل أيقنتَ الان يافلان اني لستُ سلحفاة, بل مثلك وفي سنام ال(تحضر)؟ وهل هدأت نفسك الان من التبَطّر؟ كلا , انا ادنى منك بدرجة في سُلّمِ التفكّر, لانك تجيد تجرّع كأس ال (كونياك) الصغير دفعةً واحدةً وبتهوّر, وهو ما فشلتُ أنا فيه رغم ماعتدي من (تطوّر) , ثم إنك تجيد نزع ..
(لا فزع !) أقصدُ نزع سترة السيدة رفيقتك هوناً بلا توتّر, وتتناوش منها قبعتها ذي ريشة الطاووس المتبختر, قبيل دخولِكما صالة المسرح لسماع سمفونية "فيردي"المتحضر- و فردي هذا هو ليس كلبُ سيدة الريشة المتنمر, بل إسم لموسيقار ايطالي يأتي تسلسله في عالم الموسيقى ثالثا بعد بتهوفن ثم موزارت المتضجِّر .(أنا أهوى الثلاثة- لكني أفضلُ سمفونية : "كوكوكو في الفجريّة" على "زواج فيغارو" ).
إن عشيرتي – يا صاح- عشيرةَ العرب نبيلٌ بنانها, أصيلٌ بيانها, ظليلٌ حنانها ولذيذٌ طعامها, نقيض شطيرة "الهامبركر" المُعَقَّد كيانها, فمرقة "الباميا" ألذُّ مع رغيف بائتٍ منقوع, إذ ينازعك على الماعون صغيرُك ذو شعرٍ منفوشٍ وحاجبٍ مرفوع, فتدخلا كلاكما صراع تغميسٍ وتلويصٍ هوعند ربة البيت ممنوع.
تحية عظيمة..
لأنفاس كل عربي من المحيط الى الخليج وكلِّ عربيٍّ مغتربٍ عن ظلم, كلِّهم أجمعين مؤمنهم وفاسقهم - نعم فاسقهم! فلربما صباح غدٍ ينقلب المؤمن فاسقا والفاسق مؤمنا. وتحية معطرة للألحان صحارى العروبة- نعم فإن لصحارى العُرب نغمات تحت الصوتية ( أقل من 20 هرتز) لا يسمعها إلّا عربيّ أصيل لا مهجنٍ ولا لافٍ نزيل.
نحن منقوعون بحبٍّ نقيٍّ فخور, لكل ماهو عربي وفيٍّ غيور, ونتمنى على ذوي الأحلام والأقلام الألتفات والمرور, لصد غزوٍ غربيّ فكريٍّ جامح مسعور, للتنصل من كل إرثٍ عربي عزيز طهور, تحت ذريعةٍ مسمومة:" كفى إجتراراً وتغنٍ بأمجاد ماضٍ مقبور, وإنطلق لعملٍ مثمرٍ عامرٍ معمور"!
وَيْ خيّو !
وشو يمنع إنّه نحنا نفعل التنتين سوا سوا؟ وليش ما بتكون عبارتك تشخيصاً ودوا :
" كفى صمتاً عن الظلمِ والجور, وإنطلق من إرث ماضيك لبناء حُلمك ببهجة وحبور" ؟
الجواب: لانه أنت يا ذا قلمٍ "خفيفَ الوجدِ " تقطنُ أرضنا أو في "باريسَ" أو قابع في شقة في لندن وبرلين, نراك تقذفننا كل ساعة بمقالات ذمٍّ للأصالة (ولا أقول القومية) والانفتاح على "العولمة" رغم ان صانعي "العولمة" هم اكثر الناس اعتزازاً بقومياتهم مع انها قوميات خاوية بئيسة. انت ومَن هم على شاكلتك من حكام و(مفكرين) سذّج ومِن خُدَّجِ حاضناتِ الفكر الغربي, أنتم الذين نثرتم بذور "البطالة " في أرضنا ثمّ تشبكونَ- بمكرٍ مُبَيَّتٍ- بين علاقة تخلف الامة بإجترار الماضي, وماذا عسانا أن نجترَّ غيره وقد مَحَوتم حاضرنا محواً جليّاً ,لتقتلوا بصمت ولتدمّروا في انفسنا نفخة ماضينا , لفحة حاضرنا, ونفحة مستقبلنا وتلك هي بعينها خيوط جريمة :
[ القتل االصامت]
للأمانة :عبارة: أمتنا "مشتتةٌ بين قافيةِ الموتِ وقافلةِ الرحيلِ" نقلاً عن الاستاذ رئيس تحرير صحيفة "صوت العرب".



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -$- هارونُ الرّشيد في خطابِ مُتَلفَز -$-
- ( أيُّنا المُستَبِدّ )؟
- * غَبَشُ الغُرُورِ وَ جَهلُه *
- * يُسمعني جرذي حينَ يقاطعني *
- *مَضَارِبُ الصَمتِ *
- *ضيفي اللزِج*
- ( أنينُ الجِسرِ : وفراكُهُم بَجَّانِي )!
- همسةٌ بقلم -الفيلسوف- عنترة بن شداد
- تأملات في أمواجِ فنجانِ قهوةٍ عربيٍّ
- ( سَأُحاجِجُكِ عِندَ ذي العَرشِ أُمَّاهُ )
- *لا قُبحَ في الوُجُودِ*
- * خَرِيفُ العُمرِ*
- * رِحالُ الكَلِماتِ!!!*
- *نَواميسُ الصُدفَةِ*
- والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ
- إي وَرَبِّي : إِنَّ الأَرضَ بِتِتكَلِّم عَرَبيّ
- -لحظةَ أنْ سَبَّحَ البُلبلُ وسَبَحَ في صحنِ الوَطن-:
- (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجنابي - [ القتل االصامت ]