أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟














المزيد.....

(أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6671 - 2020 / 9 / 8 - 03:19
المحور: الادب والفن
    


عَانقني بعدَ طولِ فراقٍ. زميلُ دِراسةٍ فَشِلَ فَرمى عليها يَمينَ الطَّلاقِ. بَادَلتُهُ ذاتَ العِناقِ. العِناقُ كانَ ذا رِيبةٍ بِلا مَذاق, أو هكذا شَعرتُ أنا, أو هكذا هو حالُ العِناق إن تَعَصْرنَ زُوراً وأثّاقَلَ عن حَملِ أصالةٍ وأخلاق , فتَراهُ يَبَسَاً مَالَهُ مِن خَلاق, يَقُصُّ خُطى أزقةٍ زائفةٍ لاهِثاً في أذيالِها والأفَاقِ، فضاعَتْ مِنهُ لَمَسَاتُهُ ورَسَماتُهُ وعَهدُهُ والوِثاقُ, ونَسَمَاتُهُ وبَسَمَاتهُ وَوِدُّهُ والتَواقِ! تَبادَلنا كذلك حَبّةً مِن بَسمةٍ مِن كَذِبٍ مُعاصِرٍ أو لرُبَما مِن نِفاق!
ثُمُّ..
إنفَجرَ فُجأةً بِضِحكةٍ سَاخرةٍ ما رَغِبْتُ فيها أن أشَارِكَ, فَأنا لا أجِيدُ حِياكَةَ بَسَماتِ الكَذِبِ ومِا أنا بخَبيرٍ بصُنعِ التّضاحِكِ.
أفَحَقّاً نَثرُ عَبَرَاتٍ لَحظةَ راحَةٍ في قِرطاسٍ دفعَتْ زميلي لهُزُوٍ مُتهالِك؟
أسررتُ مُندَهشاً:
إنَّ (أَخا الجَهَالَةِ فِيْ الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ)وهوَ وَحدهُ لها مالِكٌ!
فهلّا غَضَّ طَرفَهُ عن خَلَجاتي إن لم يَنقدْ أو يَتفاعلْ أو يُباركْ؟
إنْ هي إلّا نَفَحاتٌ مِن فضائيَ ولَفَحاتُ بَعضٍ من مَسالِك؟ فضَائي صَفِيُّ نَقيٌّ وبِعَمَدٍ من أهل الضَّادِ سَقفُهُ مُتماسِك. أنجُمُهُ..
قَبَسٌ من عَقيدةٍ سَماويةٍ ونَفَسٌ من عُلومٍ هَندسيةٍ وأَنَسٌ من خَيمةٍ بَدويةٍ, تَنبَجِسُ منها حِكَمٌ زكيّة, فُرُشُها رملٌ طاهرٌ, ظِلُها كرَمٌ باهرٌ, وَتَدُها بأسُ قاهرٌ وحَرفُها يَعِدلُ سِجلّاً من قَولِ أديبٍ مُعاصرٍ ظنَّ قائلُه أنّهُ مُعجِزٌ سَاحِرٌ.
وفي فضائي هنالِك ظِلالٌ لِجَلَساتِ رِيفٍ بِسَمَرٍ عَفَويٍّ لَفظُهُ, وبِوَجهٍ حاسمٍ في بَيعَتِهِ, وبَاسمٌ هو رفضُهُ, وبجِلبابٍ كَشَفَ عن ساقيهِ مُتناسياً رَفعُهُ وخَفضُهُ. جَلَساتٌ يُحِيطُها دَجاجٌ وخَريرُ ماءٍ ولِتغريدِ الطّيرِ منها حَظُّهُ.
وفي فضائي شَجَنٌ لأماسيّ مَقهىً شعبيّ, ذي نِزاعٍ أبَدِيّ, عَمَّن سَيدفعُ أجورَ شايِّ سهرةٍ بَهيّ. مقهىً شَغفُهُ قصصٌ وأخبار, وَوَصفُهُ مقامٌ بَغداديّ وأوتار, وَسَقفُهُ مَوَدَّةٌ وإيثار.
وفي فضائي شُهُبٌ لصَولاتٍ في صَالِاتٍ غربَ الأرضِ, ذي زَخارُفَ فاخِرةٍ, تَغشاها أجوَاءُ مُجونٍ بَاسِرة, بفُنونٍ فُسوقُها فاقِرة, مَصابيحُها تَتَراقصُ! كأنها نفوسٌ حَائرة! أو لَعَلّها تحكمُ نفسَها بِنَفسِها كديمقراطيتِهم الخائرة! أنوارُها تتلوّنُ بلمحِ بصرٍ, ويّكأنها مُتمرِّدةٌ ثائرة!
كانت صولاتٌ بعد الغروب بكبرياء في أروقةِ صالاتٍ شَهباء, أتَمَطّى بِخُيَلاء أنّي أنطِقُ بلسانِ أهلِ تلك البلدةِ الشقراء, مُتَشَرنِقاً ب (جينز)عَلاهُ ثوبٍ لونُهُ سَماء بخَتمِ مرساةٍ حمراء, ولتنتَهيَ الصولةُ بمغنيةٍ "تَهَبُ كلَّ شيءٍ بسخاء", هَبَطَت من عَرشِها صوبَ مقعدي في زاويةٍ من الصالةِ ظلماءَ, تَصحَبُها دائرةٌ من إنارةٍ خضراء, تردفها نظراتٌ مِمّن حَضَرَ السهرةَ الضوضاء, ولِتُنهيَ وصلتَها بين يديَ مابين تَفاخرٍ منّي وإِصغاء.
أفقُ فضائي مُزخرفٌ كذلك بمطالعةٍ لجبالٍ من شعرٍ وأدبٍ, وتلالٍ من تاريخِ حضاراتٍ صَبَب, ولغاتٍ وعِلمِ عقيدةٍ عن عِلمٍ وبصيرةٍ مُنتَخَب, وكلُّ أولئكَ كانَ متوجاً بخدمةٍ مشرّفةٍ طويلٌ أمدُها تحتَ رايةِ موطني:
في رُبَاهُ خُلِقَ الجَلالُ والجمالُ والسناءُ والبهاءُ, وفي هواهُ عِطرُ الحياةِ والنجاةِ والهناءِ والرجاءِ, فغايتُهُ تُشرِّفُ ورايتُهُ ترفرفُ, وهل أطيقُ إلّا أن أراهُ سالماً منعَّماً وغانماً مكرَّماً..
سَيبقى في عُلاه، يقهرُ عِداهُ:
إنّهُ مَوطني.
هذا فضائيَ وما يَطِلّ, فَلِمَ سَخِرَ مني زميلي ومِن ضِحكِهِ لا يَمِلّ, وفضاؤه مُعتِمٌ لا يَهِلّ!
وَلَئن بَدا ظاهرُ فضائِهِ لامِعاً وَنيساً, فباطنُهُ دامِعاً بئيساً! مُلَبَّداً بِسُحُبٍ من لُحُومِ نِعاجٍ ولبَنٍ من جَواميس, وأمطارٍ من مَلبسٍ ومَداسٍ مَنضودةٍ في كراديس, وأجهزةِ حاسوبٍ وإتصالٍ جاهلٌ هو بكُنهِها والمَقاييس, ودليلِ عَناوينَ لكائناتٍ آدميّةٍ بأوصافٍ هي أقربُ للنسانيس, وماركاتِ عطورٍ جَعَلَها مِعيارَهُ لفَهمِ معادنِ الرجالِ والنواميس, ومِن الإنصافِ أن نذكرَ بسماتٍ له كاذبةٍ ونفاقَهُ والتَّدليس, ليَضمَنَ دراهمَ شهواتهِ الطاغيةِ خلفَ الكواليس.
أفمِن شيءٍ غفَلَ الذكرُ عنهُ ضَمَّهُ فَضاؤُهُ التعيس؟
فضاؤهُ لا يَسعفُهُ في مَواطنِ البَصائرِ ومَجلسِ أصالةٍ أنيس, بل يَبرُقُ هُناكَا...
حيثُ مُغنية الدائرةِ الخضراءَ, فهنالك فقط سيسعفُهُ حَمْيُ ماعِندَهُ من وَطيس.
فأيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بضحكاتِهِ يَزأر؟
وأيُّ الفَضَائينِ لهُ حقٌّ أن بِمَحكاتِهِ يَجأر؟
لا سَبقَ, وسَأذَرُهُ مُحتَفِظا بضحكاتِهِ وأنّهُ بذاكَ الحقِّ أجدر, فلا رصيدَ له إلّا أن بضحكاتهِ يَجأر.
دَعهُ مَستمتِعاً بِعَومٍ في بحورِ الموائدِ ونَومٍ بأنفٍ في الليلٍ يَشخر, يَعزفُ عَزفاَ منفرداً نوطاتُهُ كبابٌ وبَصلٌ وخَمرٌ يُعصَرُ.
دَعهُ وكيفَ يَحلمُ في صَفقةِ بناءٍ لقاعاتِ عَسكَر, يُتِمُّها بتضاحكٍ وغِشٍّ أَحوَلٍ اَبتَرٍ.إنَّهُ فَزِعٌ وكلّما رأى سنا الأقلأمِ فَرَّ وأدبَرَ.
عجباً!
كيفَ لهُ أن يُسرفَ في ضِحكهِ فلا يَفترُ ولا يَقترُ؟ عالياً بصوتٍ كصوتِ الذي لهُ الإنسانُ أنكَرَ! مسكينٌ زميلي!



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟