أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - اسماء تستحق التبديل … ! ( حكاية … من الواقع العراقي المعاصر )














المزيد.....

اسماء تستحق التبديل … ! ( حكاية … من الواقع العراقي المعاصر )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6696 - 2020 / 10 / 6 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


هل تضايقتَ يوما او شعرت بالاحراج من اسمك ، او من اسم ابيك اذا كانا لا يتناسبان مع موقعك الاجتماعي ، او مع ما وصل اليه المجتمع من تغيير ؟
اكيد فعلت … ومن حقك ان تفعل … فانت لم تختار هذا الاسم ، ولست مسؤولا عنه بالتاكيد ، اليس كذلك … ؟
في ستينيات القرن الماضي … انتشرت بين الناس انتقادات ساخرة ، وأُطلقت نكات ، وعقدت ندوات ، واذيعت تمثيليات ، ومسرحيات تسخر من هذه الاسماء القبيحة ، وفاقدة المعنى للكثير من العراقيين في الصحف وغيرها من وسائل الاعلام المتاحة …
وبعد اخذ ورد اتفق الجميع على حق المواطن بتغيير اسمه الى اسم اخر جديد يختاره هو ، ويتحمل مسؤوليته بعيدا عن سطوة الوالدين وجهلهم …. وبناء على ذلك اصدرت الحكومة العراقية يومذاك قرارا بان من يريد تغيير اسمه عليه ان يذهب الى المحكمة ، ويقدم طلبا ، ويختار اسما جديدا ، ويبدء معه حياةً جديدة !
فتقاطر الناس على المحاكم افواجا … خاصة فئة الشباب المظلومين باسمائهم المحرجة لتغييرها الى اخرى اكثر موائمة ، فتحول من كان اسمه : زغيّر الى زهير ، و محيبس الى فاروق ، و لازم الى ناظم ، و شلتاغ الى شاكر ، و خنجر الى خالد ، ودايخ الى ماهر ، و حرچان الى حامد ، و عريان الى … وهكذا .
وعلى هامش الموضوع اليكم هذه الحكاية :
قرر الاخوة السبعة : جبار واسماعيل ومحسن وحسن وحسين … الخ تغيير اسم والدهم ( مصلّخ ) الى اسم اخر جديد يتناسب مع مكانتهم الجديدة في المجتمع ، وتجنبا للاحراج والسخرية من الاصدقاء والاعداء على حد سواء الغير ضرورية والغير مبررة ، والتي لازمتهم سنين وسببت لهم مشاكل نفسية كثيرة هم في غنى عنها ، وحان الوقت لتصحيح الامر …
وكانت العقبة الاولى في الموضوع هي كيف يمكن للاخوة اقناع الحجي بتغيير اسمه الذي يعتز به على اعتباره ذكرى من والديه يجب ان يصونها ، ويحترمها ما دام يحترم والديه ويصون ذكراهما … !
وبعد مناقشات ومساجلات تم الاتفاق على اسم جديد اكثر حداثة ، ووسطية ، وليكن ( طلال ) فاقنعوا الحجي بشق الانفس … وعُهد بهذه المهمة الشاقة الى الاخ الاكبر جبار بان ياخذ الحجي في اليوم التالي الى المحكمة لتثبيت الاسم الجديد امام القاضي ، وينتهي الامر … وكان الحجي كبيراً في السن ويعاني من الزهايمر … !
في صباح اليوم التالي اخذ جبار والده الى المحكمة ، وانتظروا على باب القاضي ، وكان الانتظار مملا ، والازدحام شديدا ، والهواء حارا خانقا بفعل حرارة الجو ، وتلاطم الانفاس ، وكان قد تم الاتفاق ان يدخل جبار مع والده لتذكيره بالاسم الجديد حتى لا يمسحه النسيان ، والزهايمر من الذاكرة ، وتفشل المحاولة … !
وتشاء الصدف ان يلبي جبار نداء الطبيعة في تلك اللحظة الحرجة من عمر الزمن ، ويذهب الى التواليت ، وتشاء الصدف التعسة ايضا ان يصيح الحاجب باسم الحجي في تلك الفسحة من الوقت فيدخل الحجي الى القاضي مكرها ، ولكن بدون جبار … !
يقف حجي ( مصلّخ ) امام القاضي وهو يلهث من تعب الانتظار ، واختناق المكان بانفاس المراجعين ، فيتكئ على عصاه بانتظار الآتي … يطلب منه القاضي ان يقول الاسم الجديد ، ويردده امامه ، وهو سياق متفق عليه … يقف الحجي مذهولا ، وهو يهرش لحيته مستدعيا كل ما يستطيع من ذاكرة لاعنا الزهايمر وابو الزهايمر … فقد نسي الاسم الجديد تماما ، ثم اعاد عليه القاضي الطلب بعصبية ، ونفاذ صبر بان ينطق بالاسم الجديد حتى تصدر الموافقة …
يشعر الحجي بالحرج الشديد ، وكأن الدنيا تميد تحت قدميه … ويستنكر على اولاده هذا الموقف البايخ … ولكنه يبتلع احساسه هذا بالحرج بعد ان طرأت فكرة غريبة في راسه … وبما انه كان من اشد المعجبين بجارهم المسيحي ( جورج ) فقد قرر ان يستغيث باسمه عله يخلص من هذه الورطة التي اوقعوه بها اولاده الملاعين الوالدين …
اي عيب في اسمه ؟ هو مقتنع به مالهم هم يريدون تغييره ، اولاد الكلب …
المهم
عزم الحجي ان ينطق باسم الجار ، وهو اسم كبقية الاسماء ، ويخلص من هاي البلوة … فقال للقاضي بسرعة :
جْرج … ! اي جورج ، ولكن بطريقة الحجي في لوي الكلمات وتحريفها خاصة الغريبة منها … !
دهش القاضي … فقال مستفسرا ، وهو ينظر من فوق نظارته المستريحة على ارنبة انفه الكبير … :
نعم … ؟!
تنحنح الحجي مستجمعا ارادته ، واعاد نطق ما تصوره اسما :
جرج … !
جرج … ؟! كررها القاضي متسائلاً … ما معنى جرج ، حجي ؟! ولما لم يملك الحجي ما يمكن ان يقوله … اضاف القاضي بعصبية كمن يريد انهاء الموضوع :
لو تبقى ( مصلّخ ) على اسمك القديم حجي مو احسن … ؟
وهكذا فشلت المحاولة الاولى ، وفسدت الخطة ، وذهبت جهود الاخوة ادراج الرياح … !
ولكن الابناء لم يكفوا عن الالحاح على تغيير الاسم ، بل ازدادوا اقتناعاً ، وعنادا ، واصرارا في السير في الطريق الى منتهاه ، وقبل ان يغير الحجي رأيه عقد الاخوة اجتماعا اخر قرروا فيه ان يصاحب الحجي هذه المرة اثنين من ابنائه حتى اذا اضطر احدهم ان يقضي حاجته كما حصل في المحاولة الاولى يبقى الاخر معه … !
وهكذا كان ، ونجحت المحاولة ، وخرج الحجي باسمه الجديد حجي طلال عابسا متضايقا ساخطا على اولاده لانهم ارغموه على التخلي عن ارثه الغالي ، والوحيد من والديه ، ووسط فرحة الاخوة التي لا توصف ، وتهليلهم بنجاح مسعاهم … !
وبينما هم في طريق الخروج سمعوا رجلا مسنا يبدو من مظهره انه قرويا من الارياف ، وهو يصيح على الحجي بصوت جهوري :
حجي مصلّخ … ؟ حجي مصلّخ … ؟ حجي …
تضايق الاولاد كثيرا عند سماعهم لذلك الاسم المشؤوم متصورين بانهم قد تخلصوا منه الى الابد ، ودون رجعة ، واصبح من مخلفات الماضي … فقاطعه احدهم بعصبية : عمي اسمه حجي طلال … انت متوهم !
فغر الرجل فاه دهشة كانه مصعوق ، ولكنه سرعان ما عاد الى رشده فاعاد ما بدء ، ولكن باصرار اكثر من المرة الاولى : عمي تعلموني باسم صاحبي وحبيب عمري … حجي مصلّخ !!
ملاحظة : كامل احترامنا لكل الاسماء العراقية ، وغير العراقية !!



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهة نظر حول التطبيع … !
- الاخوان … وتوالي الاحباطات !
- موهوب ، ولكن بطريقته الخاصة … ! ( قصة قصيرة )
- المصيدة جاهزة تنتظر فأرا … !!
- هل للسعادة من باب … ؟! ( قصة قصيرة )
- سعيد ، ولكن … ! ( قصة قصيرة )
- ابن زنا … ! ( قصة قصيرة )
- ما موقف الاخوان في حال وقوع صدام بين مصر وتركيا ؟!
- ماذا بعد الضم ان حصل … ؟!
- الاخوان … والنفخ في صورة مرسي !
- هل العقوبات الاقتصادية تُسقط نظاما … ؟!
- هل ( صدق الله العظيم ) بدعة … من صنع بشر ؟
- الاسلاميون … والمتاجرة بكورونا !
- هل يستطيع الاردن مواجهة اسرائيل عسكريا ؟!
- الاخوان … اعداء الاوطان !
- امريكا : الجوهرة … المدفونة في العفن !
- امريكا … نار تحت الرماد !
- الاخوان عصا في الدولاب … الغنوشي نموذج !
- القضية الفلسطينية … وقبلة الحياة !
- يكاد المريب ان يقول خذوني … !


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - اسماء تستحق التبديل … ! ( حكاية … من الواقع العراقي المعاصر )