أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - هموم القصيدة ورسالة الشعر عند الشاعر فاضل حاتم














المزيد.....

هموم القصيدة ورسالة الشعر عند الشاعر فاضل حاتم


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 12 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


يمتلك الشاعر فاضل حاتم، ما يمتلك من اسلحة ومن ادوات معرفية وكلامية يعبّر من خلالها عن: المه ومعاناته، والتي من خلالها يبوح بسر وطن، ولا جدوى حياة، ومأساة الانسان وسط هذا الكم الهائل، من اللا جدوة العدمية التي تعصف بالإنسان عمومًا، ويعبّر، كذلك عن قيمة معرفية مهدورة وسط ضياع لا يعبه به الآخر، واعني به الشاغل زمام الامور الحياتية، وبيده كل شيء، بينما الانسان فاقد لكل شيء، بما فيه كرامته التي هي لديه أعز من كل شيء. فالشاعر فاضل حاتم، كأنه ينصّب نفسه كقاضٍ يريد أن يحاكم الوجود أو "المتسلط": عن كل هذه المأساة، التي يتعرض لها الانسان، بل واحيانا يحاكم الظروف التي حدت بهذا الانسان أن تقع عليه كميات هائلة من مظالم، احطت من انسانيته، وجعلته يحتقر نفسه احيانا، ولا يعير اهمية لحياته، ما لم تستعاد كرامته، فيعود لمواصلة الحياة، ليعيشها معززًا.
ففي قصيدة له بعنوان "النخــــلة ُ الباســـــقة" يقول فيها:
كلُّ شَيْءٍ معتمُ
الدروبُ والظلالُ والضياء
وحدها الأنجمُ
تدركُ سرَّ الغناء
وليلنا الأدهمُ
يقبعُ وسطَ الفناء
النخلةُ الباسقة
تسجّلُ الذكريات
كم مرةٍ في ظلِّها استراح
جدي.. أبي.. واستطال النواح
رأيتُها.. تنحني على تابوتهِ
حين مات
رأيتُ في قلبها ( الجمّارَ) يسودُّ
سمعتُ في عروقها يدمدمُ الرعدُ
نخلتنا قبل حلولِ الصباح
أصابها الرمدُ
واستحال المدى إلى أجنحةٍ تخفقُ
وقلبٍ على الطوى يصفّقُ
إذ ينزلُ الغريبُ بالمطار
يبحثُ عن مشفىٍ يداويهُ
أو غرفةٍ تأويهُ
يخافُ الاحتضار
كالنيزكِ الذاوي يلمسُ الجدار
يودُّ لو ينام فِيهِ فلا نهار".
من مجموعته: "عند منتصف اللوعة"
فهنا يرسم لنا الشاعر لوحة مأساوية لشعب بأكمله، عاش مأساة وتجرّع لوعة، فلم تنصفه الظروف، ولم ينصفه الزمن كذلك. والمعني بهذه اللوحة، هو أنا، أو انت أيها القارئ، بل ويعني الشاعر نفسه هو، ومأساته هي مأساة اجيال بحالها، عاشت حقب من الالم، ولا تزال كذلك.
وليس هذا فحسب، بل فهو يعبّر عن المه من خلال "المرأة" وموضوع المرأة، وهو موضوع كبير جدًا وهائل، يصورها الشاعر فاضل حاتم، جزء لا يتجزأ من فلسفة وجودية لأسئلة حياة ضاعت تحت سنابكها اتربة نسفتها الحياة نفسها.
اذ يقول:
يمضي التكبّرُ والغرورُ
كلٌ إلى أجَلٍ يدورُ
ما كان حسنُكِ خالداً
يذوي كما تذوي الزهورُ
فَتَمَتّعي حيناً إلى
تهوي أناملها الدهورُ
تتسكَّعينَ طريدةً
وتنالُ ضحكتكِ الشرورُ
تنأى عليكِ لياليٌ
وتُغَلَّقُ.. تلك القصورُ
تذوي شفاهُ تَحَمّرت
وتجفُّ بالكأسِ الخمورُ
تيهي بحسنكِ ساعةً
فالتيهُ عنوانٌ مثيرُ
فجواري شمسِكِ صابها
كَسَفٌ وإعصارٌ عسيرُ
مصباحُ وجهِكِ كالذبالةِ
باقياً.. ومضى الحضورُ
وهكذا يستمر الشاعر، فيصور لنا لوعة الحياة ومرارتها المستديمة، من خلال عشرات القصائد وبمختلف الموضوعات، ويكون بطلها الانسان، الانسان لا يغير، لأن الانسان هو المصاب بأبجدية الحياة، المتدثر بغطاء المأساة والالم معًا، منذ وجوده على هذه الارض، ومجيئه الى حياة لم يفقه كنهها، ولا يدري لما جاء ولما يغادر بصمت، وهو لا يعي ما يدور في اروقة هذه الحياة التي وجب عليه أن يعشها، ابى ذلك أم رفضا. "ومن كُتبت عليها خطى مشاها". وكل هذا ما عبّر عنه شاعرنا فاضل حاتم بقوله، من قصيدة رسم فيها لوحة مأساوية حقيقية، من دون رتوش، كشاهد على الحدث:
"لم يبقَ لي زَمَنٌ بهِ أتطاوَلُ
هَدَّت شموخَ جباليَ المعاوِلُ
أسعى لعصرِ الكرمِ بين أصابعي
فيشيحُ عنّي راغباً وأحاوُلُ
وَمُنُعْتُ من كأسِ الصبابةِ حقبةً
يَبُسَتْ بها-عهدُ الشباب- جداولُ
لا طائرٌ غنّى لغُصنيَ لحنَهُ
أو مرَّ في أُفُقِ الوداعِ زواجلُ
قد ينثني عودٌ إذا هبَّت رياحُ
فراقِهِ يوماً ويصبحُ ناحلُ
لكن على رغم المآسيَ حاضرٌ
مُستَبشرُ اللحظاتِ حين أنازلُ
ولكم نَحتُّ من النساءِ قصائداً
ونسجتُ أثواباً بهنَّ روافلُ
لكن وجدتُ الشِّعرَ يهوى حرَّةً
ولها صدورُ العالمين منازلُ
إن اومَأت منها الأصابعُ سارعت
تهفو لها قبل القلوبِ أناملُ
وأضعتُ من شعري لآلىءَ جَمةً
سارت بها بين الأنامِ قوافلُ".
ثم يباغتنا بقصيدة أخرى، كأنه لا يكتفي بما نفث به من بوح، واماط اللثام عن سر مكنون، ليريد بذلك أن يختبر عزلتنا النفسية خارج اطار هذه الحياة، التي نعيش جحيمها بصبر متزايد. فيقول:
"لستُ تمثالاً..
انطقني بكلماتكَ
فروحيَ
من حروف
هل تدركُ ماذا تعني رقصتي
وأنا أفردُ
ذراعيَ كالصليب.
خذني إليكَ
فارسٌ يتشحُ
بالصفاء.
على قَدَمٍ واحدة
اراقصُ السماء
وعيناكَ كوكبان.
من رأسيَ إلى أخمصِ قَدَمي
اسّاقطُ بين كفيكَ
نوتاتِ موسيقى.
غجريةٌ..
في ليلكَ الفضّي
أداعبُ
أوراقكَ الملوّنة".
بل، وهنا الكثير من الذي قاله فاضل حاتم، ورسمه بريشة ابداعه، ولا ندعي بأننا قد احطنا على هذه العجالة، كل قالها في مجاميعه الشعرية التي نشرها بثلاثة عشر مجموعة شعرية، هي عصارة ابداعه، ولا زال معطاء وقلمه ينفث باللوعة التي يعبر من خلالها الى شكوى انسانية تعج بالاعتراض عما يجري في هذا الوجود. وهذه هي رسالته، وقد تكون هي رسالة كل شاعر يفيض بالجمال، ويمطر بالإبداع، ويشعر بالألم تجاه ما يراه من غبن لأبناء جلدته.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أمسك بتلابيب ذهولي؟
- ظاهرة (الشعر الشعبي) آفة تستفحل
- القصيمي و دايروش شايغان.. مقدمة اولية(1)
- أرُيدُ أن اطعن ثغركِ بالقُبلات
- القصيمي و دايروش شايغان.. مقدمة اولية
- تسلية في فراغ جامح
- الفيلسوف الذي انتقد ماركس بشدة ووصفه بالنبي الكذاب
- تحدي
- بقايا وطن
- مجنون!
- رجلٌ مرشّح للهذيان
- هذيان في الحجر الصحي!
- انت تدخّن ايامك
- في ذلك الشارع الهرم!
- الحُسين!
- الحاكم العربي
- بساتين أحلامنا غزاها الشيب
- إنها الحرب يا صديقي
- اغتيال قصيدة!
- لو كنت امير المؤمنين


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - هموم القصيدة ورسالة الشعر عند الشاعر فاضل حاتم