أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة16














المزيد.....

ظل آخر للمدينة16


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6649 - 2020 / 8 / 17 - 12:14
المحور: الادب والفن
    


كانت تتحدث عن "رَصَد" يقيم في بئر تملكه إحدى العائلات، ليس بعيداً من بيتنا، قالت إنها رأته وهو يخرج ليلاً، مستدلة على وجوده من الضوء المنبعث منه كأنه ضوء مصباح، يركض في الطرقات وقتاً ثم يختفي.
ازدادت مخاوفي حينما أصبح رَصَدٌ يتحرك على مسافة عدة أمتار من بيتنا، كلما شاء له مزاجه العنيف. فقد أقدم أحد أقاربي ذات فجر على قتل زوجته الشابة بعد أن اختلف معها (لم تكن تستحق أية عقوبة بحسب ما رواه أفراد العائلة من رجال ونساء، عن سلوكها الطيب وأخلاقها الحميدة). جاء إلى عمي الكبير يستعير منه شبريته لأنه ينوي الذهاب إلى البحر الميت لإحضار الملح مع الخطّار. وبينما كانت زوجته تخبز العجين على الصاج لتعدّ له زوّادة يحملها معه أثناء سفره، اقترب منها دون أن تراه، وظل يهوي بالشبرية على جسدها حتى فارقت الحياة، ثم غادر القرية متخفياً، وظل كذلك، حتى ألقي القبض عليه، ولم يمكث في السجن سوى بضعة أشهر، ثم غادره، حينما أنهى الإنجليز انتدابهم على البلاد.
في ذلك الصباح، مضيت مدفوعاً بفضول غريب إلى الكوخ الذي تقبع فيه جثة المرأة القتيل، نظرت من بعيد ولم أجرؤ على الاقتراب منها. لكنني سمعت النسوة يتحدثن عن جسدها المعفر بالدم، وعن دم كثير يملأ المكان، فبقيت عرضة للخوف طوال ليال كثيرة.
جاء عسكر الإنجليز، وأجروا تحقيقات مطوّلة حول الجريمة، ولم يغادروا محيط بيتنا إلا بعد أن نقلت جثة المرأة إلى مثواها الأخير (كم أشفقت على كلبنا، وهو يدس ذنبه بين ساقيه، وينطوي على نفسه مبتعداً عن صخب الجنود، دون أن يجرؤ على النباح! وكم تألمت حينما مات هذا الكلب إثر شجار ضار مع كلاب ضالة بقرت بطنه، وتركته في حالة شديدة من الإعياء!).
كان جدي هو أكثر المتألمين لما وقع، لأن الجريمة وقعت في محيط بيته، ولأنه مضطر إلى العناية بأطفال ثلاثة تركتهم خلفها المرأة، فأخذ يكثر من الذهاب إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه، وكأنه بذلك يستلهم ما قاله بشر بن الحارث الحافي، أحد رجال الطريقة من كبار الصالحين، قبل ذلك بقرون عدة: "ما بقي عندي من لذات الدنيا إلا أن أستلقي على جنبي تحت السماء بجامع بيت المقدس".
ولم يعد يكترث للمذياع الذي منحته إياه سلطة الإنتداب، وحينما تعطل عن البث، لم يبادر إلى إصلاحه، بل إنه أهمله، ولم يدخل المذياع إلى بيتنا من جديد، إلا بعد ذلك بسنوات.
يتبع..



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة 15
- ظل آخر للمدينة14
- د. حنا ميخائيل.. مثقف ثوري لا يمكن نسيانه
- ظل آخر للمدينة13
- ظل آخر للمدينة12
- ظل آخر للمدينة11
- ظل آخر للمدينة10
- ظل آخر للمدينة 9
- ظل آخر للمدينة8
- ظل آخر للمدينة7
- ظل آخر للمدينة6
- ظل آخر للمدينة5
- ظل آخر للمدينة4
- ظل آخر للمدينة3
- ظل آخر للمدينة2
- ظل آخر للمدينة1
- عن نجوم أريحا لليانة بدر
- مرغريت أوبانك صديقة الأدب العربي
- بحر الحب والرغبات/ نص
- عن رواية يحيى يخلف: نجران تحت الصفر


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة16