أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة6














المزيد.....

ظل آخر للمدينة6


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6606 - 2020 / 6 / 30 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


لا أذكر متى دخلتها أول مرة.
كنت أصحو على صافرات القطارات في المحطة التي لا تبعد كثيراً من قريتنا. وكان أهالي القرية يعتمدون على أسواقها في أمور معيشتهم. يذهبون إليها في الصباح المبكر لبيع منتوجات أغنامهم من جبن وحليب وألبان. وتذهب النسوة إليها لبيع الدجاج البلدي والبيض والخبيزة التي يلتقطنها من سفوح الجبال (قلة قليلة منهن كن يذهبن إلى حمّام المدينة للاغتسال مرة أو مرتين في السنة، فيتعرضن جرّاء ذلك لتعليقات ساخرة من نساء أخريات ورجال، باعتباره ترفاً لا داعي له. متزمتون في قريتنا رأوا فيه أمراً غير مألوف، وقالوا: على المرأة أن تستحم في بيتها، ورددوا إشاعات روتها بعض النسوة، عن محاولات تلصص على النساء المستحمات، يقوم بها رجال عابثون من أبناء المدينة. آخرون تحدثوا همساً عن أحد أبناء عشيرتنا الذي كان يكمن للنساء العائدات من حمّام المدينة، في طريق عودتهن إلى بيوتهن، يغازلهن، وهو متلهف على جسد ناعم خارج لتوه من تحت الماء الساخن والصابون والبخار).
وفيما بعد، تحول قسم من أهالي القرية إلى الاعتماد على الزراعة، وأصبح سوق الحسبة الواقع أمام باب الساهرة، قبل أن يجري نقله إلى نزلة الصوانة، موقعاً أساسياً بالنسبة لهم، يبيعون فيه الخضروات التي ينقلونها على ظهور الدواب، ثم يعودون إلى القرية حاملين معهم ما يلزمهم من سلع المدينة. كان الأطفال يترقبون عودة ذويهم بلهفة، للظفر ببعض الحلويات والفواكه والأطعمة التي يجلبونها معهم من المدينة، كالحلقوم والملبس والحلاوة والخبز المدني والتمر والبرتقال.
يصطحبني أبي معه في بعض الأحيان إلى المدينة، أشعر بالفرح حالما يبدأ استعدادنا للرحلة مشياً على الأقدام. نصعد، في رحلة الذهاب إلى المدينة، قمة الجبل.
نجتاز الطريق المحاذي لقصر المندوب السامي (جرى بناؤه بعد سنوات من دخول القوات البريطانية إلى البلاد، وقد عمل فيه أبي، وهو في سن الشباب، عاملاً، وكان يتقاضى ثمانية قروش فلسطينية في اليوم). أتعجب من الهدوء الذي يخيم على القصر، فلا أرى أولاداً يلعبون ولا كلاباً تنبح. ونظل سائرين في الطريق الترابي، ندخل منطقة البقعة، وشارع الخليل. نجتاز جورة العناب، وبركة السلطان. نقترب من باب الخليل حيث "القهوة المعلّقة" (التي هدمها الإسرائيليون بعد حرب 1967 لكي يبنوا بناية جديدة، ولكي يواصلوا طمس الهوية الأصلية للمكان). يصعد أبي، وأنا أتقافز خلفه، درجات البناية نحو المقهى المطل على باب الخليل، يجلس في الشرفة مع رجال آخرين. يبهرني مشهد السيارات، ويجعل للمدينة مذاقاً لا ينسى.
تصيبني كثرة الحوانيت وما فيها من سلع وأطعمة، ونحن ندخل أسواق البلدة القديمة، بالدهشة، فلا أكف عن التلفت والتحديق في كل اتجاه، معتمداً على أبي الذي يقبض على يدي، فلا أضيع في أحد الأسواق.
غير أنني تعرضت ذات مرة لاحتمالات الضياع.
يتبع..



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة5
- ظل آخر للمدينة4
- ظل آخر للمدينة3
- ظل آخر للمدينة2
- ظل آخر للمدينة1
- عن نجوم أريحا لليانة بدر
- مرغريت أوبانك صديقة الأدب العربي
- بحر الحب والرغبات/ نص
- عن رواية يحيى يخلف: نجران تحت الصفر
- من قديمي الجديد: عندما تشيخ الذئاب.
- من قديمي الجديد: معين بسيسو ما زال معنا
- عن رواية الخاصرة الرخوة
- عن رواية سرير المشتاق لفاروق وادي
- من قديمي الجديد عن المسرح الفلسطيني/ مقالة
- عن سيرة الكاتب جميل السلحوت
- الشخصية الإشكالية في رواية خسوف بدر الدين لباسم خندقجي
- غسان حرب مناضل ومثقف واسع الأفق
- مشهد من رواية ظلال العائلة
- مشهد من رواية مديح لنساء العائلة
- مشهد من رواية فرس العائلة


المزيد.....




- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة6