أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من قديمي الجديد: معين بسيسو ما زال معنا














المزيد.....

من قديمي الجديد: معين بسيسو ما زال معنا


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6480 - 2020 / 2 / 2 - 02:48
المحور: الادب والفن
    


رغم مضي سنوات طويلة على رحيله، فإنه لم يبتعد عنا ولم يغب، وهو ما زال معنا.
ما زال يتأمّل بحر بيروت كلّما لاحت له فرصة مواتية، وما زال يتمشّى بين الحين والآخر على رمال الشاطئ قريبًا من بحر غزّة، بقامته العالية وبشعره المنعوف على جبينه، وبملامح وجهه الكارزمية التي تجعله شبيهًا بنجوم السينما، أو كأنّه أحد ثوّار القرن العشرين الذين لطالما رغبت في رؤيتهم جموع الناس، بل هو بالتأكيد أحد هؤلاء الثوّار الذين نقشوا على جدار الزمن حضورهم الحي بتضحياتهم وبوفائهم للقيم النبيلة التي نذروا أنفسهم لها منذ الشباب الأول وإلى آخر ما في العمر من لحظات.
إنه شاعر الجماهير الكادحة والشعب المشرّد الرافض لمؤامرة التوطين في الصحراء منذ ابتدأت ضدّ هذا الشعب المؤامرات، وهو الذي اعتنق الفكرة النيّرة وبشّر بها وتحمّل من أجلها صنوف التنكيل والعذاب حين كان لسنوات الأمين العام للحزب الشيوعي في قطاع غزة، ثم صار بعدها رمزًا من رموز الحزب الشيوعي الفلسطيني، فما تراجع وما استسلم أمام قسوة السجن والسجّان، وقد استطاع ومعه رفاقه الشجعان وأبناء شعبه الأوفياء دحر المؤامرة قبل أن يُكتب لها أيّ نجاح.
وهو شاعرالمقاومة الذي كان قريبًا من القائد ياسر عرفات، عاش معه في بيروت أصعب أيّام الثورة، وظلّ هو وعدد من زملائه الكتاب الفلسطينيين والعرب، يبثّون روح الصمود في المقاومين أثناء الحصار، بالكلمات المقاتلة وبالأشعار.
وهو الشاعر الأممي المؤمن بأخوّة الشعوب وبتضامنها الأكيد مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ومع نضاله وتضحياته، وهو الذي تباهى أيّام عزّ الاتحاد السوفياتي بمواقف هذا الاتحاد المناصرة للشعوب وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني، وكان يحقُّ له آنذاك أن يقول: الاتحاد السوفياتي لي. كان ذلك قبل أن ينكشف حجم الفساد في بنية المجتمع السوفياتي والدولة السوفياتية مع الأسف الشديد.
إنّه معين بسيسو الذي ما زال معنا وبيننا، بسيرته النضالية، وبمواقفه المبدئية التي زاوجت بين القول والفعل، وبشعره المقاوم الذي لطالما ردّدت بعضه الجماهير الغاضبة في الشوارع والساحات من أجل حريتها وكرامتها وحقوقها:
أنا إنْ سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
وانظرْ إلى شفتيّ أطبقتا على هوج الرياح
وهو الشعر المقاوم نفسه الذي لطالما ردّده المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وما زالوا يردّدونه:
نعم لن نموت ولكنّنا/ سنقتلع الموت من أرضنا
وعن جدارة، كان معين بسيسو أديبًا متعدّد المواهب، أنجز خلال حياته القصيرة عددًا من الدواوين الشعرية والنصوص المسرحية والمقالات السياسية والأدبية، وكتب كتابه المتميز: دفاتر فلسطينية، الذي دوّن فيه جانبًا من سيرته الكفاحية وما عاناه من تعذيب وتنكيل في السجون المصرية أيّام الإشراف المصري على قطاع غزة. كتب معين كلّ هذه الكتب وعينه وقلبه على مأساة شعبه الفلسطيني وعلى نضالات الجماهير العربية وتضحياتها من أجل إباحة الحريات العامة والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية. كان معين مؤمنًا بأهمية الالتزام في الأدب، وبضرورة أن يكون الأدب ملهمًا للجماهير ومعبرًّا عن همومها وتطلّعاتها، ومن هنا جاءت فرادته وصدق انتمائه في زمن القمع والاستبداد.
لذلك، فإنّ من حقّ معين بسيسو على الأجيال الجديدة أن تتعرّف إلى شعره وأدبه، وأن تحيط علمًا بنضالاته التي امتدّت لسنوات طويلة من أجل صيانة كرامة الفلسطينيين أينما كانوا، ولتحقيق الحلم بتحرير أرض الوطن والعودة. وبالمقابل، فإنّ من واجب هذه الأجيال أن تُغني وجدانها بما تركه معين من زاد ثقافي نضالي مجبول بأبعاد وطنية وتقدّمية وإنسانية، وأن تعي أنّ نضالها الراهن من أجل الحرية والاستقلال ليس مقطوع الحذور أو مشيّدًا على فراغ، فثمة من أسّسوا لهذا النضال ومهّدوا الطريق المفضي إلى الحرية والكرامة بالدم وبالتضحية بأجمل سنوات العمر.
كذلك، فإنّ من حقّ معين بسيسو على دارسي الأدب ومؤرّخي الثورة الوطنية الفلسطينية المعاصرة أن ينتبهوا إلى فرادة النموذج الذي مثّله معين بسيسو، نموذج الشاعر المناضل، لعلّه يضيء بفرادته ما نحن بحاجة إليه في أيّامنا هذه: المزيدَ من التزام الأدباء والفنانين والمثقّفين بهموم شعبهم، والمزيدَ من انتباه السياسيين إلى نبض الجماهير، كي لا تتعثّر خطاهم أو تضلّ الطريق.
للشاعر التقدمي المناضل الإنسان الرفيق معين بسيسو البقاء الأبديّ في وجدان شعبه، وفي قلوب رفاقه وأصدقائه ومحبّيه.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رواية الخاصرة الرخوة
- عن رواية سرير المشتاق لفاروق وادي
- من قديمي الجديد عن المسرح الفلسطيني/ مقالة
- عن سيرة الكاتب جميل السلحوت
- الشخصية الإشكالية في رواية خسوف بدر الدين لباسم خندقجي
- غسان حرب مناضل ومثقف واسع الأفق
- مشهد من رواية ظلال العائلة
- مشهد من رواية مديح لنساء العائلة
- مشهد من رواية فرس العائلة
- خمس وأربعون سنة من الكتابة للأطفال/ شهادة.
- أهل البيت/ قصة
- أدب الأطفال والتشجيع على القراءة
- أنا والرواية/ شهادة
- أدب الفتيان وتحديات الانتشار في زمن الثورة التقنية
- عن صفقة القرن وورشة البحرين
- عن أدب السجون
- الغسيل/ قصة قصيرة
- الاتحاد الحيفاوية مسيرة نضالية حافلة
- قصص عدي مدانات/ مقالة
- عن العودة وحلم العودة


المزيد.....




- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟
- -كأنه فيلم خيال علمي-: ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
- قمر عبد الرحمن لـ -منتدى البيادر للشعر والأدب-: حرب الوجود ا ...
- -الشاطر- فيلم أكشن مصري بهوية أميركية
- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من قديمي الجديد: معين بسيسو ما زال معنا