أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - مشهد من رواية مديح لنساء العائلة














المزيد.....

مشهد من رواية مديح لنساء العائلة


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6355 - 2019 / 9 / 19 - 15:04
المحور: الادب والفن
    


كان عليّ أن ألغي الرحلة. تذمّرت سناء ثم لاذت بالصمت كعادتها كلّما دهمها أمر مفاجئ، وراحت تشغل نفسها بتفقّد ملابسها التي رتّبتها في حقيبة السفر، تخرجها ثم تعيدها إلى الخزانة. تتأمّل بمزيج من الأسى والإحساس بالخسران ملابس السباحة التي اشتريتها لها قبل أيّام.
تحمّست سناء للسفر ولزيارة المدينة التي تمتاز بأجوائها الحرّة وببحرها. وكنت زرتها مرّة واحدة قبل زواجنا، وأخرى بعد الزواج حين أمضينا فيها عشرة أيّام، فبقيتُ معجبًا بها راغبًا في زيارتها عددًا من المرّات. وكنت أنوي أن نحتفل بعيد زواجنا العشرين هناك. قالت: كم أنا مشتاقة إلى زيارة الأماكن التي كنّا فيها آنذاك!
وكنّا ننظر إلى النزهات التي يقوم بها بعض الناس هنا كما لو أنّها هروب من الأوضاع التي نحيا في ظلّها، أو كما لو أنّها استسلام لهذه الأوضاع وتسليم بها، وانصراف إلى الشأن الخاصّ ونسيان الشأن العام. ولَمّا انتبهنا إلى أنّ الأوضاع باقية على حالها إلى أمد غير معلوم، أدركنا أنّه لا يعقل أن نظلّ في حالة استنفار، بحيث نواصل حرمان أنفسنا من أبسط المتع التي يمكنها أن تعيننا على تحمّل الأعباء. صرنا نخرج إلى هذا المكان أو ذاك، لاقتناص بعض المسرّات.
حين قمنا معًا برحلة إلى البحر الميّت، ارتديت ملابس السباحة وسبحت في الماء. اكتفت سناء بممارسة طقسها الخاص: خلعت حذاءها ورفعت فستانها إلى ما فوق ركبتيها، غسل الماء ساقيها وبلّل ذيل الفستان. وعندما التقت نساء العائلة في إحدى الأمسيات حدّثتهن عمّا فعلت، ليصبح ذلك دليلاً على عدم مراعاتها لشروط الحياء. أتعاطف معها وتتعاطف معي لأنّني أحمل على كاهلي عبء العائلة، العبء الذي حَمّلني إيّاه أبي. وكنّا، أنا وسناء، نتوق إلى التحرّر من العائلة وهمومها لوقتٍ ما.
أنا محمّد بن منّان العبد اللات الملقّب ب "الأصغر" للتمييز بيني وبين أخوين آخرين أطلق أبي عليهما الاسم نفسه، تقديرًا لوالده الشيخ محمّد الذي كان له شأن وأيّ شأن في البرّيّة، أحدهما لقبه"الكبير" والثاني لقبه "الصغير". وقد سار كلٌّ منهما في طريق مناقض للطريق الذي سار عليه الآخر. وكان لأبي موقف متذمّر منهما. أعلن مرّات عدّة أمام أبناء العائلة أنّه يضع ثقته فيّ، ويعلّق آمالاً عليّ، بأنْ أجمع شتات العائلة، وأن أقوم بأعمال مجيدة ترفع اسم عشيرة العبد اللات التي اتّسعت وتشعّبت وتناثر أبناؤها في كلّ مكان.
ولولا نصيحة سناء التي لا تقدر بثمن، لبقيت حائرًا في أمر هذه المهمة الشاقة؛ لكنني الآن مستعد لأدائها على النحو الذي قد يرضي أبي.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد من رواية فرس العائلة
- خمس وأربعون سنة من الكتابة للأطفال/ شهادة.
- أهل البيت/ قصة
- أدب الأطفال والتشجيع على القراءة
- أنا والرواية/ شهادة
- أدب الفتيان وتحديات الانتشار في زمن الثورة التقنية
- عن صفقة القرن وورشة البحرين
- عن أدب السجون
- الغسيل/ قصة قصيرة
- الاتحاد الحيفاوية مسيرة نضالية حافلة
- قصص عدي مدانات/ مقالة
- عن العودة وحلم العودة
- عن الجبهة الوطنية الفلسطينية وتجربة الاعتقال والإبعاد
- إشكاليات التحديث الثقافي في فلسطين للباحث سعيد مضية.
- الفارس/ قصة
- زجاجة ماء/ قصة قصيرة جدًّا
- من دفتر اليوميات 24/3/2008
- عيد ميلادها
- من دفتر اليوميات23/03/2008
- من دفتر اليوميات/الاثنين17/03/2008


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - مشهد من رواية مديح لنساء العائلة