أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة4














المزيد.....

ظل آخر للمدينة4


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6600 - 2020 / 6 / 23 - 13:12
المحور: الادب والفن
    


أذهب في الصباح إلى شارع نابلس، لاستعادة بطاقة الهوية الشخصية التي فقدتها طوال سنوات الإبعاد. ألتهم بنظراتي تفاصيل المكان، وأعطي ذاكرتي الحق في استعادة التفاصيل التي ظلت مختزنة فيها. تفاصيل كثيرة تشتبك مع ما في الذاكرة من صور المنفى، فأبدو كما لو أنني أحيا في مكانين معاً: هنا وهناك.
أقترب من بناية المكتب التابع لوزارة الداخلية الإسرائيلية. ألتحق بحشد من الناس. أقف في الطابور المضطرب. الحراس الإسرائيليون غير معنيين بتنظيم حركة الدخول إلى المبنى، وهم يتلكأون كي يؤخروا دخول الناس، ما يجعل الموقف كله، تحت حرارة الشمس، مدعاة للتذمر والاستياء.
أدخل المبنى، وأنشغل في تأمل الجالسين على الكراسي من رجال ونساء. ثمة ما يغري بتأمل أناس عاشوا حتى هذه اللحظة كل هذه السنوات تحت الاحتلال، ومن المؤكد أن هذا الأمر لم يمر دون أن يترك أثراً ما في نفوسهم. ومن نافذة المبنى، أرى شارع نابلس الذي يبدأ من باب العمود، وثمة أشجار حرجية تمتد ذؤاباتها من خلف سور حديقة القبر المقدس، وفي الجهة الأبعد تظهر بناية كلية شميدت للبنات. يبدو المشهد ظاهرياً كما عهدته من قبل (كم أمضيت من وقت وأنا أنتظر إحدى التلميذات على مقربة من بوابة الكلية!)، ويستقر على رصيف الشارع عدد من كتبة الاستدعاءات، وأمامهم تجثم آلات كاتبة لها أحجام صغيرة، وتلك إضافة جديدة على المكان استدعاها وجود مكتب للداخلية في هذا المبنى.
لم يعد المبنى من الداخل مثلما كان قبل سنوات، فقد هدمت وزارة الداخلية الإسرائيلية القواطع بين غرفه العديدة، التي استخدمها موظفو التربية والتعليم العرب قبل الاحتلال، وأصبحت قاعة واحدة متصلة، ينتصب على أطرافها كاونتر، تعلوه قواطع من خشب وزجاج.
لهذا المكان علاقة بوظيفتي الأولى.
قرأت اسمي ذات صباح من أيام تشرين الأول عام 1959 في صحيفة "الجهاد" المقدسية، مع عدد آخر من الأسماء تحت عنوان بارز: مطلوبون لمراجعة مكتب التربية والتعليم. دخلت المكتب، وكنت في الثامنة عشرة من العمر، نحيفاً مرتدياً بدلتي الوحيدة التي لها جاكيت فضفاض. قابلت عدة موظفين، سلموني في نهاية المطاف، رسالة موقعة من مدير المكتب، تؤكد أنني عينت مدرّساً في مدرسة قرية خربثا بني حارث التي تبعد من القدس حوالي أربعين كيلومتراً، فانطلقت إليها صحبة خالي - الذي يجيد سرد الحكايات- في اليوم التالي. ومنذ ذلك اليوم تعرفت إلى أنماط كثيرة من الموظفين وغيرهم من بني البشر. كنت رومانسياً إلى حد ما، وذلك بتأثير بعض قراءاتي الأدبية، وكان هذا يعني أن ثمة صبية جميلة تتراءى لي في أحلام يقظتي، وأنني لا بد سألتقيها ذات مساء في مكان ما.
يتبع..



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة3
- ظل آخر للمدينة2
- ظل آخر للمدينة1
- عن نجوم أريحا لليانة بدر
- مرغريت أوبانك صديقة الأدب العربي
- بحر الحب والرغبات/ نص
- عن رواية يحيى يخلف: نجران تحت الصفر
- من قديمي الجديد: عندما تشيخ الذئاب.
- من قديمي الجديد: معين بسيسو ما زال معنا
- عن رواية الخاصرة الرخوة
- عن رواية سرير المشتاق لفاروق وادي
- من قديمي الجديد عن المسرح الفلسطيني/ مقالة
- عن سيرة الكاتب جميل السلحوت
- الشخصية الإشكالية في رواية خسوف بدر الدين لباسم خندقجي
- غسان حرب مناضل ومثقف واسع الأفق
- مشهد من رواية ظلال العائلة
- مشهد من رواية مديح لنساء العائلة
- مشهد من رواية فرس العائلة
- خمس وأربعون سنة من الكتابة للأطفال/ شهادة.
- أهل البيت/ قصة


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة4