أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - حصّتي من -المرهوجة-














المزيد.....

حصّتي من -المرهوجة-


فتحي البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6645 - 2020 / 8 / 13 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


حارس السّجن
يفتّش سِلاَلَ الزّيارة..
يَسْتَبْعِدُ رغيفا
بشبهة أنّه معجونٌ بمخدّر "المرهوجة"(1).
يستبعد أيضا كتابا
بدعوى أنّه يشبه سِكِّينا.
لا شيء..
يخدّر الأفكار القلقة اللّيلةَ في رأس المساجين.
لا شيء..
يساعدهم على قطع أوردتهم.
***
منذ العواء و الظّلام,
كان النّاس يقدّمون دمهم قربانا يصون القمر من اغتصاب الذّئاب.
منذ أوّل قَبْوٍ,
كانت الأفكار تموت من الصّقيع إذا نامت على بلاط زنزانة.
نحتاج بعض اللّهو و نحن نشيّع الأحلام إلى مثواها..
نحفر الأرض..
نظنّ أنّ الصّلوات محاريثَ تشقّ السّماء.
الحقيقةُ أنّ ثقب المفتاح بباب السّجن
قبرٌ أضيق من عيون الموتى.
***
في مواكب الدّفن
ألْهُو قليلا..
قليلا أبكي..
أقطع رأسي..
أضعه بين قدميَّ.
أحبّ ركل حزن تكوّر في تجاويف دماغي
منذ كنت طفلا,
يغرورق الجمر بعينيّ كلّما أطَلَّت أصابعي من حذائي.
لا أعرف لماذا يوصي الآباء أبناءهم خيرا
بالنّعال,
بالحجارة؟
لماذا يعاقبونهم إذا مزّقوا أحذيتهم و قد عوّدهم الفقرُ على السّير حفاة؟
أمّا عنّي
فأنا لم أحافظ
على عادات الآباء..
على وصاياهم.
ربّما
لأنّي كنت أقدّس وشمَ "تانيت" في ذقن جدّتي..
كنت أصدّقها إذا أقسمت بِرأْس الربّ الأزرق.
أظنّ أنّ الوشمَ صورةُ ربٍّ تروي عنه الجدّةُ خرافاتها!
لذلك
مازلت أؤمن بحكايةٍ
"عن نِسرٍ أراد أن يقلّد مِشية الحمام,
فأضاع مِشيَته..."
لم أُرِد أن أصير حمامة!
ظننتُني نسرا!
أحببتُ السّماء البعيدة.
لم أحبّ السّير على الأرض كثيرا.
علّمتُ بنات أفكاري الطّيران.
علّمتها
أن تهرِّبَ
[روايات "غارسيا ماركيز",
قصائد "بابلو نيرودا",
علبَ سجائر "جلبير نقّاش"(2)]
إلى الزّنزانة.
علّمتهنّ
يَحْرُسْن الأقمار من أنياب الذّئاب
بِبَساتين ورْدٍ تسيل
من الوريد..
إلى الرّحيق.
من الشّوك..
إلى الوريد.
علّمتهنّ كذلك
أنّ الأفكار بلا أثداء,
لذلك تموت جوعا,
و لا تأكل قُوتَ العاهرات.
الأفكار:
نسورٌ
تكسّرت مخالبها..
انتحرت.
***
رأس السّجين بين قدميْه.
أحتاج حصّتي من المرهوجة,
لأرْكُلَ
ذاكرتي,
يوميّاتي,
أحلامي.
لأنسى
إصبعا يطلّ من حذائي المثقوب..
لألهوَ
في جنازتي قليلا..
لأُفرِغَ
تجاويف دماغي من حزنِ
[ماركيز,
نيرودا,
جيلبير.]
***
على جدران الزنزانة
أحطّم أفكاري,
مثلما يحطّم نسر رأسه على صخور الجبل.
___________________________________________________________________

1-المرهوجة اسم يطلق على حبّات مخدّرة تُعْجَن مع الطّعام ليسهل
تهريبها داخل السجن في سلال الزيارة التي يحضرها أهل السجين.
2-جيلبير نقاش كاتب و مناضل يساري تونسي وسم كتابا ألّفه
لمّا سُجِن في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة ب"كريستال"
و سرّ هذا العنوان أنّه كان ممنوعا في سجنه من ورق الكتابة
لذلك لجأ إلى حيلة تتمثّل في استعمال أغلفة علب السجائر التونسية
من نوع "كريستال" لتحبير كتابه.



#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناسخُ أرواحٍ
- طَاوِلاَتٌ
- فرخٌ نَبَتَ الرّيشُ بجناحيْهِ
- جثّة ألقى بها البحّارة من مركبهم
- نصٌّ بِلاَ جنس
- بشفتها السّفلى علّقتْ شمسا
- هروبا من ضفدع يقبّلني بلسانه الطّويل
- دخان أسود و نقاط دمGalerie
- شيْطان يثقب السّماء
- أضغاثُ الحَجْر بين الزّعانف و الأجنحة
- يوميّات]] الصّباح الفيروسيّ العظيم
- جريمة قتل فراشة
- كأس البيرّة الأخيرة قبل أن أصير شجرة قابوق
- الشّاعر ليس نبيّا
- تفّاحة أكلت الجنّة
- قتلتُها على وجه هبّةِ ريحٍ
- حبّ غير صالح للمطر
- نعُوشة
- عن رسالة إرنستو و بسمته
- -كوكاكولا و لاكريموجان- (قصّة أخرى لعشقنا)


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - حصّتي من -المرهوجة-