أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - جريمة قتل فراشة














المزيد.....

جريمة قتل فراشة


فتحي البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 6 - 01:15
المحور: الادب والفن
    


بعض الحوادث..
تأتي على وجه هبّة ريح..
بغباء آلة
لقيس المسافة
بين عينيّ والأفق البعيد,
أو آلة
لوزن الأجسام الضّخمة,
لم أكن أرى المأساة تحت نعليّ و أنا أدوس قوافل النّمل.
بسبب هذا العمى
لم أضغط على المكبح لأتلافى صدم كائن يطير بألوان الفرح.
قتلُ فراشة:
لا يستددعي التوقّف لمعاينة أثرِ قطرة دم علِقت بالبلّور الأماميّ للسّيّارة.
نحتاج
عدسة مكبّرة –ربّما-
كي نرى مأساة فراشات تخطئ الطّريق إلى النّار
على وجه هبّة ريح!
نحن لا نعرف الفرق بين أن تختار الأجنحةُ رقصة الاحتراق,
و بين أن تحملها عاصفةٌ مثلما تحمل نعشا من غبار!
الرّقص,
الاحتراق,
رفرفة الأجنحة..
قد تكون بعضَ طقوس الحرية
غير أنّ ممسحةَ بلّور السيّارة تجعلنا أكثر عمى.
ممسحةُ بلّور السيّارة
تلمّع الفضاء من خطيئة الأجنحة.
لم أكن أعلم أنّ هبّة ريح واحدة تكفي لتغيير
دورةِ السّاعة
خطوطِ الخرائط
قوانينِ الجاذبية...
لن أتحدّث
عن حرائق غابات أستراليا
لن أتحدّث أيضا
عن تحطّم طائرة بوينغ عملاقة
و لا عن الأسلحة الفسفوريّة و قنابل النابالم تلحس أجنحة الملائكة الصّغيرة..
في جنوب الفيتنام
في غزّة
في العامريّة.
ربّما,
لأنّ أبي سيغضب في قبره إن قلتُ:
"للآلهة
أجفان رفّت..
سقط العالم من أياديها."
بوسعي -فقط-
أن أتحدّث عن رفيقتي تجلس إلى جانبي
هذا حديث لا يحيّر التّراب الجاثم على صدر والدي:
هبّة ريح واحدة..
تكفي لتكسر منطق الأشياء.
أنا لا أعتبر نظريّة الجاذبيّة,
و لا كلّ المعادلات الفيزيائية
مسلّماتٍ علميّةً!
أظنّ أنّ الرياح تتلاعب بصرامة هذه المسلّمات:
شعر رفيقتي –مثلا-
لم يحافظ على ترتيبه,
وشاحها
يسخر من تفّاحة نيوتن.
وشاحها
لا يسقط..
يطير بعيدا.
المرآة العاكسة..
لا تفسّر قوانين السّرعة
في الرّحلة..
في الوداع..
في فرار الوشاح من يدي رفيقتي
على عجل
يمارس المسافرون الهروبَ بدمعة أثقل من جبل.
المرآةُ العاكسة
لا تفسّر أيضا قوانين الحنين
إلى الأزمنة القديمة,
إلى الأشياء التي فقدنا,
إلى الطّرقات وراء ظهورنا.
و لأنّ الأحجام الضئيلة لا تخضع لآلات الوزن والقيس الغبيّة
اخترع الشّعراء قصائدهم.
قتلُ فراشة ليس جريمة بسيطة إذن.
وشاحُ رفيقتك
أثقل من أن تأخذه ريح النّسيان
دمعة الوداع
لا تجفّفها المسافات.
نفس الشعراء الذين يكذّبون المسلّمات العلميّة
لا يصدّقون أنّ هذه الأرض تتّسع لكلمة واحدة,
لذلك يروّضون قصائدهم على حالات نيرفانا
يكسرون سقف الحرّية
ثمّ يطيرون
لا يهتمّون إن أطعموا النّارَ أجنحتَهم.
سأجرّب مثلهم أن أحفر
كوّةً صغيرة
(بقصيدة,
بكأس نبيذ,
بجناح فراشة أو بريشة عصفور)
في جدارِعالمٍ يشبه الزّنزانة.
لن أشغّل ممسحة بلّور السيّارة,
كي لا تصيبني بالعمى..
كي لا تلمّع الأفق من خطايا أجنحة الفراشات.



#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأس البيرّة الأخيرة قبل أن أصير شجرة قابوق
- الشّاعر ليس نبيّا
- تفّاحة أكلت الجنّة
- قتلتُها على وجه هبّةِ ريحٍ
- حبّ غير صالح للمطر
- نعُوشة
- عن رسالة إرنستو و بسمته
- -كوكاكولا و لاكريموجان- (قصّة أخرى لعشقنا)
- القبلة –أيضا- لا ترمّم الرّماد
- قيامة الجبل
- الملائكة معَكَ تمدّ أياديها إلى كبد أمّكَ
- حياة إلّا ربع جسدي السّفليّ.
- أوصال الوطن في حقائب المهرّبين أو من سرّنا المشتهى إلى أسرار ...
- بحجم مزهريّة أو أصغر
- القياس الشعريّ بين القُبْلة و الاستعمار الاستيطانيّ
- السرّ في جِراب جامع القمامة
- تداعيات إصبع قدم صغير
- متلازمة اللّعنة و متلازمة الاحتراق
- التّفكير في طريقة ممتعة للانتحار.
- رُهَاب الرّقص على مزامير الملوك..


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - جريمة قتل فراشة