أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل امليلح - -جائحة كورونا وضرورة مشروع تجديد وطني في المغرب-















المزيد.....

-جائحة كورونا وضرورة مشروع تجديد وطني في المغرب-


عادل امليلح

الحوار المتمدن-العدد: 6639 - 2020 / 8 / 7 - 13:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعيش المغرب اليوم كما سائر العديد من بلدان العالم هاجسا دوليا مشتركا، اثر انتشار جائحة وباء كورونا، وهو ما أدى الى خلق ديناميات متسارعة تنبئ بمخاطر كبرى على صعيد كل المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. فنحن لسنا أمام خلل ظرفي، وإنما أمام تهديد وجودي، غير أن الأزمات في حد ذاتها والقلق الذي يتولد عنها من وجهة نظر موضوعية، هو ما يولد الرغبة الايجابية في مساءلة نسق الواقع في كل امتداداته الزمنية، وإن هذا الواقع في نهاية المطاف هو الذي يحتم علينا خياران لا ثالث لهما، إما أن نتجاوز كل الشقاقات والخلافات غير المبررة وننخرط في مشروع وطني شامل، أو نركن إلى مسلمة الصراع في اطار كليات مجردة لا علاقة لها بواقعنا المعاش، إذ بدأ منطق تصنيف الناس سلفيين ورجعيين وعلمانيين يطفو على السطح، وهو ما لا يعد كافيا لمواجهة الخطر المحدق بنا، وربما لن نجد المزيد من الوقت لنندب حظنا، ولأننا نرى أن الضرورة هي ضرورة الإسراع في بناء مشروع تجديد وطني، لأن ذاك نابع من منطقية راسخة وهي أن منطق السوق تأكل واختل، وأن فكرة المقاولة كرهان للتحديث الاقتصادي والاجتماعي لم يعد مسلمة كافية لمواجهة رهانات عالم ما بعد العولمة " أو عالم الديناميات القصوى" وإن الواقع يفرض ما هو أبعد من نموذج تنموي قائم أو تهيكله مفاهيم ستصبح عما قريب متجاوزة.. ذلك أن مفاهيم الأمس لن يكون بمقدورها تقديم اجابات عن اشكالات الغد القريب.
وعليه فإما أن نوازن الأمور بواقعها، أو ننزاح جميعا في تيار التجريد الذي لا يخدم سوى أصحابه، وليس الهاجس هاجس استقطاب أو اعادة احياء، بل إنه هاجس بقاء من ناحية أولى، ثم هاجس طبيعة الدور الذي يمكن أن يناط ببلادنا في زمن متغير، زمن الحساسيات، يحتم التكيف السريع والمنافسة الشرسة، وبما أننا أمام نقطة فارقة يمكن أن تعيد صياغة التاريخ البشري برمته، فإنها فرصتنا لنعبر عن مدى مساهمتنا في عالم الغد، بدل أن نترك أنفسنا في هذا الموت السرير البطيء، بين مفترق طرق تعبد بعنف من طرف القوى العظمى الساعية إلى الامساك بالصراع على التاريخ...
وبما أن الجائحة بينت بالملموس أن مفاهيم التخلف والتقدم لا أساس لها إلا في مخيالنا الجمعي، وتصبح بدون معنى، فهو الأسلوب نفسه في التعامل مع الكوارث، إنه أسلوب روما، وأسلوب الحضارة الإسلامية وأسلوب العصور الوسطى، بل وحتى أسلوب القبيلة التي كنا نمقتها حتى حين..
وإن الذي لا يستفيد من الأزمات لا يمكن أن يستفيد في أوقات الرخاء..
إنني أملي المسألة الإرادوية السياسية أهمية قصوى في بناء مشروع وطني، أو على الأقل تحرض عليه بداعي ايجابي، إن الحسم في المسألة السياسية يفرض علينا نوع من "الهبزية" لا بمنطقها السلبي بل بمنطقها الايجابي، فلا أحد يستطيع اليوم أن يضمن الوحدة السياسية والتماسك الاجتماعي غير الملك، لذلك فإن الالتفاف حول شخصه مسالة حتمية، فشرط التاريخ يفرض علينا أكثر من أي وقت مضى كقوة اجتماعية حية أن نتكتل حول شخصه، لأن لا أحد يستطيع أن يلعب هذا الدور غيره نظرا لما يتمتع به من رمزية تاريخية ودينية متغلغلة في الوعي الجمعي للمجتمع، والتي تخوله الشرعية والمشروعية التامة في قيادة هذا البلد لما هو أرقى، لذلك فهو عماد الحفاظ على النظام الاجتماعي، وضبط المتغيرات الجديدة التي ستكون صدمتها قوية لمجموعة من البلدان...
ولعل أنجع السبل لإدارة الأزمات هو أن نضع ثقتنا في قيادة راشدة وحكيمة تمتلك من المؤهلات ما يخولها أن تقود البلاد إلى بر الأمان بأقل تكلفة ممكنة..
ولعله الممكن الوحيد لبناء مغرب قوي وحديث يتماشى مع موقعه الجيو-استراتيجي، إن التهديد الحقيقي لبلادنا هو التفسخ السريع الذي بات يشهده النظام الدولي والذي ستخرج من رحمه امبريالية جديدة أكثر فتكا وأكثر خطرا تقودها قوى محلية مفلسة حضاريا بإيعاز من شركات كبرى تماما كما يقع في ليبيا, وفي حالة إذا لم نمتلك المرونة الكافية لتعامل مع المتغيرات ربما ستكون النتائج وخيمة، لأن ما بعد كورونا هو زمن الفوضى الدولية، ولذلك فالنخبة بمختلف مشاربها مدعوة إلى الالتفاف حول الملك واعادة اشاعة رمزيته ورمزية الدولة، وإن ما يستنزف مجتمعاتنا في الأساس هي الانقسامات الثقافية الملغمة التي تنتج تيارات نائمة سيسهل استقطابها في المستقبل..
لذلك فضرورة الوقوف جنبا إلى جنب من أجل لحظة تصحيح تاريخي شاملة، تنبني على أساس مصالحة وطنية سريعة، تتخذ من الملك مركزية ارتكاز، لكل المخرجات والتوجيهات التي ينبغي أن تخدم في الأساس وقبل كل شيء وحدتنا الوطنية، وتقوية يقظتنا وتماسكنا الاجتماعي والشعور الوطني، فلم يعد هناك المزيد من الوقت لنخدع أنفسنا، فبدون ثقة موضوعية على الراية الحمراء والنجمة الخضراء لن نظفر بشيء، فمغرب الغد هو مغرب بملكة وشعبه، مغرب مترفع عن الصراعات المناسباتية والمزايدات السياسوية والريعية غير المسؤولة، فقد أصبح من المؤكد أنه في وقت الأزمات لا أحد يمتلك مواهبا مميزة وأن الحلول تصبح رهينة التماسك الحاصل بين البعد السياسي والاجتماعي، إن العمل السياسي هو الأساس في مثل هذه الظرفية الصعبة، حيث يستعيد نفسه من الاقتصادي الذي لا يفلح في حل الأزمات التي ينتجها، وحضور الإرادوية السياسية والمجتمعية هي التي من شأنها أن تبلور لمشروع تجديد وطني، تستعيد فيه الدولة هيبتها وسلطتها، على أساس أن يكون ذلك موجه لخدمة الصالح العام والضرب مع كل أشكال الفساد والظلم والحيف.. إن المشروع الوطني هو مشروع تحترم فيه كل القوى دورها، وهذا ما يمكن أن يؤهلنا لإمساك بمصيرنا كشعب وكأمة لعبت أدوارا وازنة في تاريخها، واليوم يمتلك المغرب فرصة أكثر من أي وقت مضى لإعادة صياغة توجهاته وترصيص استراتيجياته، إن الوحدة الداخلية هي وحدة الملك وشعبه وحدة الوطن وترابه وحدة النخبة والمجتمع... انها وحدة الواجب السياسي والتضامن الوطني، لذلك كفانا من الخيال المترف، حول مستقبل لم نستعد له ولم نعيد مراجعة أنفسنا لنكون فاعلين فيه، وعندما ستتحقق الوحدة السياسية والاجتماعية وتدرك النخبة أن التاريخ الراهن يفرض تنازلات مشجعة لأجل انقاذ ما يمكن انقاذه، وتجنب كارثة اقتصادية وانسانية أصبحت تلوح في الافق، فالحكم ليس لخطاباتنا وإنما الحكم للأجيال المقبلة التي ستتساءل عن كل أفعالنا، إن هذا المشروع وحده من سيتحمل التبعيات لاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا الذي لربما ليس سوى مقدمة لحرب بيولوجية فتاكة ترعاها شركات ضخمة، يجب أن تكون بلادنا مستعدة لتجنب الهزات الكبرى التي ستضرب بقوة هائلة في القريب العاجل، كما أن المشروع الوطني الدي نطالب به ليس مجرد تصور لفعل تنموي بل هو تعاقد صريح بين كل القوى الحية للمجتمع من أجل تحمل المسؤولية المشتركة في قيادة البلاد والعباد نحو بر الأمان.



#عادل_امليلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حصاد وأحلام غير بريئة-
- تطور الحركة النقابية في المغرب بين 1919-1942
- خواطر شعرية: -أيها الغريب-
- -من جغرافية المجال الى جغرافية التراب: قضايا التجديد!!-
- كورونا الويل!!
- -روح الموسم-
- خواطر شعرية: -البحر يا أمي-
- رسالة وداع إلى سيدة أصبحت من الماضي
- في أحضانٍ عاهرة
- اليسار بين وعي الفرد وثقافة التنظيم
- المنظومة التربوية المغربية، وضرورة بناء منظومات تربوية جهوية
- وجهة نظر حول النموذج التنموي الجديد في المغرب
- السقاع والغيمة
- حرق العلَّم الوطني أية دلالات؟
- خواطر شعرية: بين السجن والمقبرة
- قضية تجديد تاريخ المغرب عند عبد الله العروي
- خواطر شعرية: تخبرني أنني هنا
- الربيع العربي، التمرين الأول والدروس المستفاذة
- خواطر شعرية: بين ثنايا قلبي تقبع مرارة كل هذا الوجود
- العطش المعرفي اي واقع في المحتمع العربي


المزيد.....




- مقتل فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية في أريحا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /23.04.2024/ ...
- تجمع في براغ لدعم أوكرانيا من خلال -الخطة الأستونية-
- الحرب على غزة في يومها الـ200.. استمرار للقصف واكتشاف مقابر ...
- WSJ: ترامب يصف أوكرانيا في محادثاته مع الأوروبيين بأنها جزء ...
- مراسلنا: القوات الإسرائيلية تكثف قصف شاطئ البحر في رفح وخان ...
- بكين تدعو واشنطن إلى التفكير بمسؤوليتها في الأزمة الأوكرانية ...
-  10 قتلى بتصادم مروحيتين عسكريتين في ماليزيا (فيديو)
- تايوان تسجل أكثر من 200 زلزال وهزة ارتدادية خلال يوم واحد
- الخارجية الأمريكية: إيران -لا تحترم- السيادة العراقية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل امليلح - -جائحة كورونا وضرورة مشروع تجديد وطني في المغرب-