أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل امليلح - الربيع العربي، التمرين الأول والدروس المستفاذة















المزيد.....

الربيع العربي، التمرين الأول والدروس المستفاذة


عادل امليلح

الحوار المتمدن-العدد: 6359 - 2019 / 9 / 23 - 22:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلنا شهدنا موجة من الاحتجاجات التي انتشرت في مجمل الدول العربية منذ سنة 2011، وما ترتب عن ذلك من فوضى ماتزال مستمرة حتى اليوم، فبستثناء تونس، نجد أن الدول الأخرى سواء تلك التي عرفت احتجاجات قوية مثل مصر وليبيا وسوريا واليمن، أو تلك التي عرفت احتجاجات متوسطة مثل الأردن والبحرين والمغرب والعراق.. أو التي لم تعرف احتجاجات بتلك الحدة التي عرفتها الشعوب الأخرى مثل السعودية والكويت ولبنان.. فالطرف الأول سرعان ما وجدت نفسها وجها لوجه مع قوى عظمى حيث تلتقي مصالحها، والثانية إذ حاولت تبني الخطاب الإصلاحي الإمتصاص غضب الجماهير، لكن الأوضاع لم تزداد سوى سوء على سوء فكل الأفات الإجتماعية انتشرت وتعززت سلطة الإستبداد.. أما الثالثة فقد وظفت أموال النفط لشراء النخب وعقد التحالفات في الداخل والخارج..
يقال اليوم إن الربيع العربي قد فشل، فالمطالب الإجتماعية المتمثلة في الحرية وتحقيق العدالة الإجتماعية والديمقراطية، ظلت حبرا على ورق ولم يؤدي الأمر سوى إلى ظهور إستبداديات وفوضى هددت السلم الاجتماعي دفعت وتدفع الشعوب ثمنها... لكنني أقول إن الربيع العربي لم يبدأ بعد، بل إن ما كان لا يعدو عن كونه تمرين أولي على الرغم من أن غرضه لم يتحقق، إلا أنه كشف عن أمور تعد فائقة الأهمية للموجة الكبرى القادمة، وإن الأنظمة المستبدة التي تقود حملة مضادة وليس ثورة مضادة كما يدعى، إنها تقود نفسها إلى حتفها، ذلك أنها عرت عن نفسها وفضحت خبياها والتي لم تكن مفهومة تماما قبل هذا التمرين، إنها حقا مأساتها..
وهذه هي الدروس المستفاذة من هذا التمرين، والذي ينبغي علينا جمعينا كأبناء الوطن العربي أن نعتبر بها في مرحلتنا المقبلة.
- إن المطالبة بتغيير النظام السياسي وحده أمر غير كافي لإحداث تغيير حقيقي، فالإستبداد لا يسقط بسقوط الأنظمة الحاكمة، وإنما بسقوط الهياكل الإقتصادية التقليدية المتمثلة في نخب شبه برجوازية متحالفة مع النظام السياسي القائم، بمعنى أن المرحلة القادمة ينبغي أن يتم فيها إلاء البعد الإقتصادي أولوية قصوى، لقد كشف التمرين أن هذه النخب هي من تتكاثف حول النظام وتدعمه بالمال في شراء النخب وقمع المظاهرات والإلتفاف على مطالب الشعب، وبدا ذلك واضحا في دول النفط التي وظفت أموال النفط في هذا الأمر لإسكات الأفواه وشراء الأسلحة وتعزيز القبضة الأمنية، وهي من مولت الحركات الرجعية وحاربت أخرى، وربطت علاقات مباشرة مع القوى العسكرية كما في مصر والسودان وليبيا والجزائر..
- إن المؤسسة العسكرية ليست مستقلة عن المؤسسة السياسة وليس دورها كما إتضح في حماية أمن الدول، وإنما أداة طيعة موجهة ضدا على الشعوب وضبط المجتمع بما يستجيب لمصالح القوى العليا وحلفاءها، وقد لاحظنا في سوريا وليبيا كيف شرعت هذه القوى في تخريب البلدان وتدمير البنية التحتية، حتى إذا ما عجزت لم تتوانى في طلب الدعم الأجنبي سواء من قوى إقليمية أو قوى دولية.. لذلك ينبغي أن يكون من بين الأهداف المقبلة كشرط للتغيير تجديد هذه المؤسسة، وتغيير رمزها العليا، لأن الجيش في نهاية المطاف جزء من المجتمع، وهو بدوره يعاني كسائر المواطنين من تبعيات الإستبداد والنهب.. وإلا سنقع في حالة مصر، حيث إلتف الجنرال السيسي على الشعب المصرى ولم يتوانى في سفك دماء الأبرياء وهضم مطالب الشعب، والتحالف مع أعداء الشعب في الداخل والخارج.
- إن الإصلاحات التي قامت بها بعض الأنظمة مثل الأردن والمغرب والسعودية.. كانت خديعة مفضوحة للإلتفاف حول المطالب المشروعة، ومن خلالها إستطاعت هذه الأنظمة إمتلاك الوقت الإعادة ترتيب الأوراق والبحث عن مزيد من التحالفات، والدليل أن هذه الأنظمة ترجمت توصيات المؤسسات الدولية بحذافرها، وسارت عكس النهج الإصلاحي الذي نادت به، فلم يزد ذلك هذه الشعوب سوى تفقيرا وتقتيرا.. لذلك في المرحلة المقبلة ينبغي رفض كل اصلاح ينادي به أي نظام سياسي، ليست هذه الأنظمة المستبدة هي ما ينبغي عليها أن ترينا أي طريق سنسير فيه، لأنها فقدت شرعيتها ومشروعيتها وحانت لحظتها.. فهناك حتمية سياسية تقضي بسقوطها..
- لا يمكن الوثوق بالحركات الدعوية والأحزاب الإسلامية، إن أي خطاب ديني أو ايديولوجي أو حتى طائفي أو عشائري... مهما كانت طبيعته لا يمكن القبول به، بمعنى أن العلمانية أصبحت الحل الوحيد والممكن لتصحيح المسارات والقفز نحو الأمام، لذلك فالدولة المدنية وليس غيرها هي المشروع الهدف..
- عرفنا كيف وظف الإرهاب سياسيا لبث الرعب بين أبناء هذه الشعوب والقضاء على ثرواتها وقمع الإحتجاحات السلمية والتضيق على الحريات العامة وتزايد الرقابة بمختلف أشكالها، فبواسطتها شرعن سيسي مصر قبضته الحديدية، والقوى المعادية للتغيير مثل النظام الإماراتي والسعودي ومن يدعمهم في إرتكاب جرائم دولية واسعة النطاق في اليمن والعراق وليبيا.. وتحولت الدول العربية إلى ثكنات عسكرية أصبحت فيها الأسلحة والمخبريين أكثر من حبات الرمل الموجودة فيها..
- إن الأحزاب السياسية سواء كانت محافظة أو يسارية غير موثوق فيها تماما، ولا يمكن التعويل عليها أبدا في قيادة المرحلة القادمة، لأنها فقدت مشروعيتها السياسية منذ أمد، فهي لم تعد سوى هياكل متحالفة مع قوى الإستبداد والغرض منها تشتيت الانتباه وإقرار التوازنات الشكلية، لذلك ضرورة البحث عن قيادات يسارية جديدة لقيادة الجماهير وتوجيهها وبناء تصوراتها النظرية والعملية..
- لقد إتضح جليا أن أنظمتنا المستبدة والبئيسة لم يعد بمقدورها أن تقدم أي شيء، وأصبح هوسها الأول والأخير الحفاظ على مقاعدها وتحصين نفسها، معتقدة أنها أكبر من الشعب، ولكن كما قلت إنها فقط تضيق على نفسها لا أكثر، فلم يعد لها من موئل ولا من باعث على البقاء، إذ إستطاع تمرين بسيط وسهل للغاية أن يكشف كل أوراقها، ويستنفذ كل مجهوداتها، فسيسي مصر رغم كل أشكال القمع وإحناء الظهر وتقبيل الأيدي، رغم ثناء أسياده فقد حان دوره، ولن يكون بمقدوره فعل أي شيء..
- لا تنتهي الثورة بسقوط الأنظمة، هنا فقط هي تبدأ، ولن تتوقف حتى يتم تصفية كل رموزها السياسية والإقتصادية، وهذا ما فهمه الشعب الجزائري الحر وغاب عن باقي الشعوب العربية الأخرى، ينبغي تجفيف كل المنابع والبيئات الحاضنة التي يتخفى خلفها الإستبداد، وإلحاق هزيمة نكراء بكل رموزه وقياداته وكل من تحالف معه ويدعمه إن في العلن أو في السر، وحتى يتسنى لنا كشف بعض القوى التي تندس بين الجماهير وتتحدث بلسانها وتتبنى مطالبها، ولكنها عدو لذوذ ينبغي الضرب عليه بقوة.
- كل تحالف تقوم به القيادات الإحتحاجية أو الثورية مع القوى الأجنبية خاصة العظمى هو مجرد وأد لهذه الإحتجاحات، لأنها ستعمل ولا ريب على ممارسة لعبتها النكراء في دعم النخب المناهضة للتغيير سواء كانت قائمة أو جديدة، لذلك ينبغي الحيطة والحذر..
- إن موجة الربيع العربي المقبلة هي ليست ضد الإستبداد وحسب، وإنما ضدا أيضا على الإمبريالية العالمية، وما بلغت له الرأسمالية المتوحشة، ولا أستبعد أن تنتقل الموجة إلى الدول العظمى مثل فرنسا وروسيا والتوركيا والصين وكذا الولايات المتحده الامريكية والبرازيل وغيرها.. لكن ينبغي عدم الإنسياق وراء الإعتقاد أن ذلك سمة مشتركة، بل إن ذلك يشكل حافزا دوليا للربيع العربي لبلوغ أهدافه ومراميه، لأن والبرجوازية العالمية ستجد نفسها محصورة من كل جانب، ببساطة عولمة الربيع، فكما تم عولمت الإستغلال ينبغي عولمة النضال والاحتجاج...
- ينبغي في هذا الشأن أن تنطلق الموجة القادمة في كافة البلدان العربية في الوقت نفسه، بمعنى ضرورة التنسيق بين مختلف القيادات في كافة الوطن العربي، وذلك حتى لا تترك فرصة لبعض الأنظمة لدعم بعضها البعض، وأعتقد أن الأمر سيأخذ هذا المنوال، فالإحتقان الإجتماعي اليوم يجثم على كل الشعوب العربية، لما تعرضت له من إهانة دولية وحضارية، خاصة مع تقديم القدس هدية للكيان الصهيوني بتواطؤ مباشر من لدن الأنظمة المستبدة لشراء مقاعدها، والإستمرار في السلطة.. لذلك ستكون الموجة المقبلة واسعة النطاق وأكثر حدة وقوة، ولن تجد الأنظمة إزاءها ما تقدمه أو تأخره، وحتى نتجنب أيضا تعدد المسارات..
- كشف التمرين عن الشرخ الكبير بين الذهنيات لدى الشعوب المتحررة والمتعطشة للعدالة والديمقراطية والتصدي للفساد، والرافضة للقهر والإحتقار، وبين الممارسات التي تقوم بها هذه الأنظمة وهي تعمل عكس ذلك، وهذا الشرخ غير قابل للرتق، بل لن تتمكن هذه الأنظمة أبدا من تبنى الديمقراطية والحقوق العادلة والحريات.. لأن ذلك يعنى حتما كشف جذور الإشكالية من الأساس، لذلك فحقنا في الكرامة والعدالة الإجتماعية والديمقراطية لن ولن يتحقق أبدا إن إستمرت هذه الهياكل.
- كشف هذا التمرين أيضا عن خديعة مفضوحة الغرض منها إهام الرأي العام العربي بوجود خطر شيعي يهدد المجتمع، وهكذا تم إقحامنا في صراع لا يعنينا بالخصوص، إن عدونا الأول والأخير هي هذه الأنظمة، فهي سبب هذا الشقاء وهذا البؤس الذي نعيشه اليوم، كما تحاول أن تضفي على مشروعها الشخصي صفة الشعب، فالصراع السني الشيعي هو صراع بين النخب السياسية والإقتصادية الدولية والإقليمية، ولا علاقة له بمصالح الشعوب العربية المقهورة، فصراعنا الحقيقي مع النخب الحاكمة ومن يدعمها..
لذلك أعتقد أننا تعلمنا ما يكفي وكونا رصيدا مهما لقيادة المرحلة المقبلة والتي لن نخرج منها إلا منتصريين، فهذه فرصتنا جميعا لنعيد الأمور إلى منطقها ونصابها وننهي كل أشكال الإستبداد والإستغلال، ولا يسعنا سوى أن نشكر كل شهداء هذه المرحلة، ونؤكد لهم أن دماءهم لن تذهب هباء، وإنما حان الوقت لقطف الثمار المباركة، وحانت لحظة إبعاد الغشاوة عن أعين خصومنا لوضعهم أمام أمر الواقع..
# ليسقط الإستبداد ورموزه
# الثورة المستمرة
# الشعب هو الفصل والكلمة



#عادل_امليلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر شعرية: بين ثنايا قلبي تقبع مرارة كل هذا الوجود
- العطش المعرفي اي واقع في المحتمع العربي
- التنمية الترابية بالمغرب ملاحظات منهجية
- الأستاذ الجامعي بالمغرب، من الوظيفة التربوية إلى الممارسة ال ...
- هل يعاني المغرب من مأزق إجتماعي أم أزمة ضمير سياسي؟
- ما هو التنوير؟
- المرجة والحراث


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل امليلح - الربيع العربي، التمرين الأول والدروس المستفاذة