أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل امليلح - التنمية الترابية بالمغرب ملاحظات منهجية















المزيد.....



التنمية الترابية بالمغرب ملاحظات منهجية


عادل امليلح

الحوار المتمدن-العدد: 6351 - 2019 / 9 / 14 - 03:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد قام المغرب كسائر معظم بلدان العالم الثالث بتبني التخطيط التنموي في النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. فمباشرة بعد حصوله على الإستقلال شرع في تبني المخططات الإقتصادية (مشاريع ثنائية وثلاثية وخماسية) إرتبطت بالمجمل بالرهانات السياسية المطروحة خلال تلك الفترة، بحيث كان الغرض منها في المقام الأول إضفاء الشرعية السياسية، وتحقيق الحد الأدنى من المقومات لإستمرار مؤسسات الدولة.. إلا أن هذه المشاريع ظلت محدودة الأثر، وبعضها مني بفشل ذريع، وذلك لأسباب متعددة مثل قصور في التصور، والمزايدات السياسية وضعف الموارد المالية، وسوء التدبير والتنزيل، بحيث اتضح ذلك جليا في بداية عقد التسعينات، إذ سيلجأ المغر لتبني سياسة التقويم الهيكلي كاستجابة لما يمليه أمر الواقع، أي توصيات البنك الدولي...
إلا أنه ومع نهاية العقد الآخير من الألفية الثانية تعالت الصيحات الرسمية معترفة أن البلاد مشرفة على سكتة قلبية خطيرة.. ليتبنى المغرب منذ سنة 2000 سياسة تنموية جديدة تمثلت في نهج سياسة إعداد التراب الوطني كمنهج لتحقيق التنمية المندمجة والتصدي الإختلالات المجالية، أخذًا في عين الإعتبار خصوصيات المجلات وطبيعة الاستراتيجيات، إذ تم الإنتقال من المقاربة القطاعية القائمة على التوجيه المركزي التي لا تولي المستويات الترابية والمعطيات المحلية أي أهمية، إلى إعتماد الإستراتيجيات المجالية الحديثة، بما تحمله من قيم جديدة متمثلة في تقاسم السلطة والإعتراف بالتراب كبعد إستراتيجي في التنمية، التي ينبغي أن تبنى من القاعدة، في إطار ما يعرف بالتنمية الترابية.
تنطلق هذه المقاربة من إعتبار أن التراب هو نتاج تفاعلات خاصة تتدخل فيه المعطيات المادية المتمثلة في مختلف الموارد الطبيعية.. واللامادية المرتبطة بالعلاقات الرمزية المعبر عنها إجتماعيًا وثقافيًا وتاريخيًا، وكذلك معرفيًا وسياسيًا.. هذه المعطيات في تفاعلها المستمر هو ما يضفي عليه هوية خاصة تميزه عن باقي المجالات الترابية الأخرى، فالتراب إذن ليس مجرد معطى جغرافي، بل كيان معاش من لدن مجموعة بشرية مرتبطة به إرتباطًا وثيقًا، وهو في نهاية المطاف ليس سوى إنعكاسا لطبيعة هذه الإرتباطات، في تداخلها وتفاعلها، وبحكم الثباث النسبي للمعطيات المادية فإن السلوك الذي ينهجه مختلف الفاعلين الترابيين هو ما يبلور حقيقةً لشخصية التراب..
فالتصور الجديد يعكس إلى حد ما ذلك التصور المقولاتي الذي يرى أن المقاولة ليست سوى إنعكاس لسلوك المقاولين ذاتهم، وما الجماعة الترابية سوى مقاولة يراد منها أن تكون فاعلة ومنافسة، قادرةً على أن تسوق ذاتها بغية الترويج لرأسمالها بهدف جلب الاستثمارات وعقد الشراكات المربحة... بمعنى أوضح إن المعرفة والقيم والأنماط السلوكية.. هي محفزات الفعل التنموي، أي أن العنصر البشري هو محور التنمية الترابية.
ولهذا الغرض شرعت الدولة المغربية في تبني النموذج الجهوي، من خلال إعتماد الجهوية المتقدمة في إطار اللامركزية الادارية، بحيث تم إعادة تقطيع التراب الوطني سنة 2012 إلى 12 جهة بدل تقطيع 1997 الذي إعتمد فيه 16 جهة، بالإضافة إلى إضفاء الشرعية الدستورية والتنظيمية عليها، والإرتقاء بها إلى مستوى جماعة ترابية، إذ خُصص لها بابًا كاملا في الدستور "الباب التاسع، من الفصل 135 إلى الفصل 146"(1)، كما حددت كيفية عمل الجماعات الترابية وعلاقتها ببعضها البعض، وبالسلطة المحلية وباقي الفاعلين، وكيفية تدبير شؤونها من خلال القوانين التنظيمية (111/14، 111/13، 111/12)(2)
وسواء كان هذا التحول يستجيب لمتطلبات التنمية الداخلية، أو مجرد استجابة عفوية للثورة الترابية في العديد من الدول المتقدمة..
فإن التقسيم الترابي وطبيعة الرأسمال الترابي بالإضافة إلى نظام الحكامة هو ما يبلور حقيقة مفهوم التنمية الترابية.
- التقسيم الترابي: لا ينظر للتقسم الترابي باعتباره مؤشرا جغرافيا محضا، وإنما نجد أنفسنا أمام مجالات عدة متداخلة ومعقدة، فهل نقسم التراب على الأساس السياسي والإقتصادي أم الإجتماعي والثقافي؟ إن تقسيم التراب يقتضي الأخذ بكل الأبعاد أي بكل المجالات في تجانسها وتباينها.
يتضح أن عملية التقسيم الترابي عملية شاقة تقتضي تدخل مجموعة من التخصصات وإعتماد جملة من المناهج لمقاربة ذلك، با عتبار أن التراب هو مسرح للوقائع والأحداث الإجتماعية والإقتصادية والتاريخية(3)..
وكلما كان التنسيق أكثر بين المختصين كان الإطار الترابي أكثرا تماسكا وتكاملا.. وهكذا تم تقسيم التراب الوطني إلا ثلاث مستويات تراتبية مع إضفاء الإستقلال المعنوي والمالي عليها، وهي الجهات، الأقاليم والعمالات، الجماعات القروية والحضرية. وتسمى مجملا بالجماعات الترابية، باعتبارها مجالا لتدخل الفاعلين وتحقيق التنمية الإقتصادية والاجتماعية، وأرضية لبلورة مخططات التهيئة المجالية وتنزيل برامج ومشاريع التنمية الترابية.. كما يسمح التقسيم الترابي في تملك السلطة للتحكم في المجالات وتوجيهها وفق الإستراتيجيات المرسومة، وهو أيضا أداة واعية لتنظيم المجال..
- الرأسمال الترابي: لكل تراب رأسماله متمثل فيما يتوفر عليه من موارد طبيعية (الرأسمال المادي) ومؤهلات بشرية (الرأسمال اللامادي) كما يتمثل في طبيعة العلاقات بين مختلف الفاعلين فيه (الرأسمال العلائقي) تقتضي التنمية الترابية تثمين الرأسمال الترابي في كافة أبعاده، بما يسمح بتدبير ناجع ومستدام للموارد الملموسة، والرفع من جودة وفعالية العنصر البشري، إذ أن العنصر البشري المؤهل هو السبيل لتحقيق الغايات والأهداف من التنمية.
- نظام الحكامة: بما أن التراب هو نتاج الفاعلين المتدخلين فيه، فطبيعة أنماط العلاقات بين هؤلاء الفاعلين، تقتضي أليات للضبط والإرشاد والتوجيه، وهو ما يعرف بنظام الحكامة، أي مجموعة من الضوابط القانونية التي من خلالها تتحدد أدوار كل الفاعلين واختصاصاتهم وسلوكهم... بما يتماشى وأربع قواعد أساسية وهي، ربط المسؤولية بالمحاسبة، إقرار الديمقراطية التشاركية، الشفافية ووضوح الأهداف والأفعال، وأخيرا الذكاء الترابي ودوره في تحقيق النجاعة الترابية.
فالحكامة إذا تضرب مع كل السلوكيات غير المسؤولة، وتتجنب العفوية والإرتجالية، وتتعالى على التصورات الأحادية في تدبير التنمية، إذ تلزم ضرورة تدخل كل الفاعلين، سكان، خواص، إدارة، مجتمع مدني.. بمعنى أن التنمية رهينة بنشر المعلومة ومشاركتها اجتماعيا، والتنسيق والتشارك بين مختلف المتدخلين، ورصد مختلف المصالح المتضاربة بهدف التوفيق بينها...
هذه العناصر الثلاث هي ما تؤسس للتنمية الترابية، وتؤهل الفاعل الترابي لتملك القدرة على توظيف المنهجية الترابية المتمثلة في التشخيص الترابي التشاركي لواقع الحال بالنسبة لتراب معين، بغية رصد رأسماله الترابي، من خلال معرفة المؤهلات وفي نفس الوقت الاكراهات والتحديات، وترجمت ذلك في نظام معلوماتي عام للحيز الترابي، أو ما يعرف ببنك المعلومات، كذلك ينبغي على الفاعل الترابي أن يبلور لمشروع ترابي كاستراتيجية واضحة ومستدامة للفعل والتدبير، وللتقييم والتقويم، بالإضافة إلى القدرة على إستشراف أفاق الحيز الترابي ومساراته المستقبلية..
إن هذه المقاربة الجديدة تأتي كردة فعل تجاه العولمة وإختراقاتها ومحاولتها لتطميس الهوية المحلية، وفرض التبعية ومنطق السوق..
لكن والحال هذه، فإن محاولة الإنتقال من التنظير إلى الممارسة يطرح صعوبات جمة ويخلق أزمات كبرى هي المسؤولة عموما عن الأزمة التي يعيشها مغرب اليوم، إنها أزمة بلد غير مهيكل إداريا، والمجتمع غير المؤطر سياسيا والإقتصاد غير المنظم بنيويا(4)
إذا كان هذا هو المراد بالتنمية الترابية فهل معنى ذلك أن البنية الوظيفية للدولة والمجتمع قادرة على إستعاب وممارسة هكذا التصورات؟ سنحاول هنا أن تتطرق الأمر من خلال بعدين بعد ماكروي يرتبط بالبنى العامة للمركز وطبيعة العلاقات التي ينسجها، وبعد ميكروي مرتبط بالوحدات اللامركزية، وذلك في إطار مركب.
-ان المغرب وإن كان قد غير في واقع الحال الكثير من خطابه التنموي، وتبني المقاربات الجديدة في التنمية القائمة على البعد الترابي، والفعل التلقائي، والبعد المندمج.. فإنه رغم ذلك ظل في جوهره خاضعا لفكرة "اللحاق التنموي" باعتبارها منهجية خطية تنبني أساسا على تشخيصات معينة لواقع الحال بغية استشراف سقف معين للتنمية في أفق محدود زمنيا، مع المقارنة مع نماذج اقتصادية مختلفة، فهي عندما تتصور سقفا لإقتصاديات معينة، فإنها تتعاطى معها على أساس أنها هي الأخرى تتخذ مساراً خطيًا، وبالتالي تعيد قراءة الأشواط التي قطعتها، وتحاول بلوغ سقفها من خلال إعادة إنتاج نفس الشروط وقطع نفس الأشواط، وحتى لو افترضنا ذلك، فكيف إذن الإقتصاد من حجم الاقتصاد الوطني أن يكون في نفس الخطية مثلا الإقتصاد التركي أو البرازيلي؟ هذا السؤال يتم تغييبه خاصة من طرف التقارير الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية، والتي تريد اقناعنا بإمكانية قطع هذه الأشواط، والتي تقتضي تمويل ستكون هي مصدره في الأصل، فمعلوم أن الإقلاع التنموي للاقتصاديات الصاعدة والمندمجة، إرتبط في الأساس بسياقات تاريخية مختلفة تماما عن بعضها البعض، مهدت بشكل أو بأخر لحدوث طفرات اقتصادية تمثلت في قفزات نوعية نحو تحقيق الركب التنموي، وهذه السياقات تضبطها شروط موضوعية داخلية وخارجية للبلد المعني، أي أن التنمية فيه ليست الا انعكاس لتجربته التاريخية التي تبرز تفرده وتميزه، فلا يمكن الفصل بين توركيا (أتاتورك) وتركيا (اردوغان)، ولا بين فرنسا (الثورة ونابليون) وفرنسا (ماكرون).. وعليه فكل تجربة تنموية تجد تفسيرها في التاريخ، أكثر مما تجده في أرقام كمية حول الناتج القومي والدخل الفردي.. كما أن للإرادة السياسية والإقتصادية أهمية قصوى، لأن هذه الأخيرة تلعب دورا حيويا في أي تنمية، فمعلوم أن سياسة أي بلد لها تأثير مباشر في العملية التنمية، فمثلا تؤدي سياسات التحديث الشامل وتبني التصنيع، إلى حدوث طفرات عجيبة في ميزان القوى للبلد، خاصة في مجال تقسيم العمل الدولي، حيث يتم التحرر من فخ التخصص في الإنتاج الفلاحي وإنتاج الخامات باعتباره تخصص موطد للتبعية الصناعية والإقتصادية، كما أن بعض الاقتصاديات تستفيد من دورها في السياسات الخارجية بحيث تمتلك المقدرة على أن تكون فاعلة ونشيطة في النظام الدولي، وتستطيع فرض مصالحها وضمان الموارد الضرورية لصناعتها..
في حين يفتقد الإقتصاد المغربي إلى الميكانيزمات التي تؤهله للمنافسة الدولية في ظل طرح العولمة وتصاعد وطيس الحروب التجارية، وهو في الحقيقة اقتصاد دولة أكثر مما هو اقتصاد شعب، ويهيكله الريع وتغذيه بنيات إزدواجية، وكذا بنى تقليدية متوارثة من العصور الوسطى، مع غياب شبه كلي لصناعة وطنية وبنية لوجستيكية قوية تدعم ذلك، فالتصنيع لا يتحقق بمجرد توطين شركات أجنبية، وإستراد التكنولوجيا، بل في وجود صناعة وطنية ذاتية قوية ومبتكرة فهناك فرق شاسع بين التحديث الإسترادي والتحديث الإستراتيجي، وهذا لا يمنع من للإستفادة من تجارب الاخرين، لكن كضرورة لبناء تجربة ذاتية، ومن هذا المنطلق نعيد طرح السؤال، فهل خطية اقتصاد فلاحي-حرفي قوامه الريع والزبونيىة والإحتكار، هي ذاتها خطية إقتصاد صناعي-خدماتي تغذيه صناعة وطنية وتؤطره إرادة قوية في التقدم؟ والحال أن هناك بن شاسع بينهما، لذلك وجب التحرر من عقلية اللحاق إلى عقلية بناء تجربة تنموية ذاتية ومتفردة.
- على الرغم من الدعوات المستمرة لجعل العنصر البشري محور الفعل التنموي، إلا أن الأمر يعكس حقيقة هاجسا نخبويا، ذلك أن التنمية في المغرب ليست سوى تخطيط نخبوي يوطد الفوارق واللاعدالة، إذ نجد أن الرهان الاقتصادي حاضر باعتباره المعطى الأساسي للنموذج التنموي، مما يعكس حتما الخلفية الإيديولوجية للنظام الاقتصادي المغربي، القائم على الإختيار الليبرالي، وبالتالي فالنظرة الليبرالية للتنمية تحضر بقوة، إن فكرة المقاولة والقيمة المضافة والاستثمار في الإنسان.. كلها مفاهيم تطورت في تطور النظام الرأسمالي، والمراد من خلالها الرفع من الإنتاجية، إلى ذلك الحد الذي يفوق عائدات الرأسمال المادي، كما أن الإنخراط في نظام العولمة الاقتصادية، يحتم على الفاعل السياسي والاقتصادي جعل المسألة الإقتصادية في قلب أي تنمية.. يتماشى هذا مع فكرة جديدة تقضي الإعتماد على القطاع الخاص كعمود إستراتيجي للتنمية، والحال أن المسألة الإقتصادية ليست سوى رافد من روافد التنمية الترابية، ذلك أن التنمية الترابية كما أسلفنا تحيل إلى البعد الإجتماعي من خلال تجويد حياة المواطنين وتوسيع من حرياتهم ودائرة اختياراتهم، وتلبية حاجياتهم. فقد تتحقق الوفرة الإقتصادية لكن دون أن يكون لذلك أيما أثر على الوقع الإجتماعي، والرهان الإقتصادي يخفي خلفه طموحات نخبوية في مساعي متزايدة لتركيز الثروة وخلق دوائر الهيمنة، صحيح أن النمو الإقتصادي يساهم في زيادة مستويات الدخل الفردي، والحد من ظاهرة البطالة، وتوسيع عرض الإستثمار العمومي، لكن يتحقق ذلك في سياقات سياسية محددة، في حين قد يعني إنتاج الثروة التقليص من الإنفاق العمومي "الخصخصة" وتوسيع دائرة الضرائب والديون.. أكثر مما يعني خلق الثروة من خلال الإبتكار والبحث عن مصادر جديدة لذلك، وتثمين وتجويد الرأسمال الترابي، كما يؤدي الرهان الاقتصادي إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتزايد الضغط على البيئة.. وخاصة إذا كانت مساهمة الرأسمال اللامادي ثانوية في عملية إنتاج الثروة. ويبقى السؤال حول طبيعة الثروة المراد انتاجها، هل هي الثروة المادية بمفهومها المالي والنقدي؟ أم الثروة المعرفية والإجتماعية من خلال بناء مجتمع المعرفة وبناء الإنسان لاعتباره أساس كل تنمية ترابية؟
- اشكالات ترتبط بالبنية السياسية ذاتها، ذلك انه لايمكن الفصل بين التنمية كفعل اقتصادي واجتماعي وثقافي.. عن الفعل السياسي والخلفيات التي تعتمله، كما أن البنية السياسية لأي بلد تشكل معطى أساسي لكل تنمية، فهل البنية السياسية القائمة في المغرب قادرة على إستعاب هكذا التصورات كما تدعي؟
في المغرب هناك اتجاهان، اتجاه المركز الذي يرتبط بالسلطة العليا والدولة العميقة ويعرف اصطلاحا في المغرب "بالمخزن" وله جذور تاريخية إرتبطت بالتجربة التاريخية للبلد ويخفي خلفه تراكمات تقليدية مستمدة من هذه التجربة، فنظام البيعة وتأدية الولاءات وطقوس امارة المؤمنين، وكذا الإمساك بزمام الامور، والمحافظية... كلها أشكال متوارثة، وباستثناء الإدارة التي توطدت مع المستعمر يبقى المركز في أساسه قائما على بنيات تقليدية على الرغم من الدعايات المغرضة التي تسعى لصبغه بمفهوم "الدولة الحديثة، والدولة المدنية" وتمتد هذه البنية داخل المجتمع الحزبي والنقابي، كما تفرض وجودها من أعلى الهرم "سلطة الملك" إلى أدناه "المقدم والمريد"، والاتجاه الثاني معبر عنه في شكل تنظيمي جديد متمثل في الجهة والجهوية ذات الأسس اللامركزية الادارية والتي تشكل القاعدة، على عكس المركز الذي يشكل القمة، وعليه فالعلاقات الجدلية بين القاعدة اللامركزية والقمة الممركزة، تشكل معطى هام لمسار التنمية في المغرب!! ولا نعني بالعلاقات الجدلية الإطارات المؤسساتية والادارية والقانونية فقط، بل وأيضا القوى الخفية التي ترتبط وتحرك هذه الجدلية دون أن تتجلى، فليس معنى أن المركز يمتد الى القاعدة عن طريق الوصاية والاختصاصات القانونية، ولكنه يمتد ويتغلغل في البنيات الشعورية بحيث تتحول تلك البنيات اللامركزية "الجماعات ترابية" الى مراكز صغرى تعيد بدورها إنتاج سلطة المركز حتى يصبح من الصعب التمييز بين ممارسة الجماعة الترابية وممارسة الدولة المركزية، إن القول بأن المخزن قد تخلى عن صلاحياته أو بعضا منها لصالح المصالح للامركزية المنتخبة في إطار تبني الجهوية، لا يترجم بما تم التنصيص عليه في القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية "الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات" وإنما في كون الاختصاصات المخولة لهذه الجماعات لا تواكبها المتطلبات المادية والمهنية الكفيلة لممارسة صلاحياتها، وكذلك تحول السلطات الوصية دون ذلك، وبالتالي فالإستقلال المادي والمعنوي المعبر عنه دستوريا، يبقى بعيدا عن الممكن، فأغلب الجماعات قاصرة على ممارسة اختصاصاتها الذاتية، وتلجأ في ميزانياتها إلى الإعتماد على أموال الدولة، وتزكيات الأحزاب.. بالإضافة إلى تكبيلها بمهام تسييرية تبتلع ميزانياتها وتمنع عنها فرص مهمة في الإستثمار داخل مجالها الترابي، كما أن معظم المستشارين إما يعانون من الامية المباشرة أوالأمية المقنعة، وحتى المتعلمين منهم أغلبهم عاجزين عن بلورة رؤى خلاقة واستشراف أفاق مجالاتهم الترابية ، ويتم تغليب عقلية الطريق والقنطرة والوليمة.. على عقلية التجديد واستعاب متطلبات التنمية الترابية التي تقوم على مركزية الإنسان ومن أجل الانسان، إن إعادة إنتاج سلطة المركز متمثلة أساسا في غياب ((التدافع)) بين المركز واللامركز، فالتنمية ليست هبة تأتي من فوق ولكنها تنتزع، والقبول بالقسمة معناه التخلي عن الأدوار الطلائعية التي ينبغي للجماعات الترابية أن تناط بها، وإذا كانت الدولة قد عولت على جعل الجهوية اطارا للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، فإنها في نفس الوقت تخفي هواجس وتوجسات، في المقابل تريد أن تبقي عليها في حدود امتصاص الصدمات وتشتيت المسؤولية أمام الرآي العام "كما حدث في إختلالات مشروع الحسيمة منارة المتوسط"، يجب إذن إزالة كل اللبس الذي يكتنف أدوار كل من القمة والقاعدة بكل شفافية وموضوعية، كما أن المقاربات التنموية ينبغي أن تكون واضحة المعالم هي الأخرى، صحيح أنه ليس هناك حدود واضحة بين المقاربات القطاعية والمقاربات الترابية، وإن كان ذلك ممكن نظريا، فإن الواقع شيء أخر.. إلا أن الدفع بالفعل التنموي نحو المقاربة الترابية يبقى الحل الأنجع لبلوغ حد من التنسيق والتلقائية.
والسؤال الذي يمكن الخروج به في هذا الأمر هو: إذا كانت الدولة تراهن على الجهوية لتحقيق التنمية، فهل فعلا تشكل الجهوية اطارا مؤهلا وملائما الإضطلاع بالمهام المناطة بها في تحقيق التنمية؟ فهل تمتلك صلاحيات الفعل التنموي وشروطه؟
يبقى النموذج الجهوي المغربي نموذجا إداريا في جوهره مقيد الصلاحيات الإدارية، فالمقصود بالاستقلال الإداري هو الإستقلال المشروط بالقانون الإداري الذي خولته لها السلطات المركزية ومصالحها، بمعنى أدق أن هناك سلطة تراتبية، تزداد غموضا مع غموض النهج الديمقراطي المغربي، وتتحكم فيه الأمزجة الحزبية، لأن القوانين التنظيمية تستآثر على القانون الدستوري، خاصة في الجانب التنفيذي، مما سيعيق التنمية الجهوية، ويخول الإستمرارية لعيوب التخطيط المركزي الذي يتخفى خلف المصالح الجهوية، كما أن تشعب علاقات السلطة بين القاعدة والقمة يحول دون توضيح الرؤى، وتوضيح المصالح.. فليس وجود مجلس منتخب معناه وجود اطار ترابي مستقل، لآن الإستقلال الترابي "المادي والمعنوي" لا يجد ترجمته إلا في الجهوية الموسعة ذات الصلاحيات السياسية والتشريعية، فالتقسيم الترابي ينبغي أن يؤسس للجهوية الموسعة...
- الإختيار الديمقراطي وعلاقاته بالتنمية الترابية، سنكون محقين إذا قلنا لا تنمية بدون ديمقراطية، والتنمية لا تنضج الا في سياق ديمقراطي ومدني، ولنشرح هذه العلاقة بين الديمقراطية والتنمية ينبغي في البداية أن نقف عند نقطتين مفصليتين فيما يخص الديمقراطية، إذ ينبغي التمييز بين الفعل الديمقراطي، الذي لا ينبثق إلا في ظل وجود بنية ديمقراطية رسيخة، والانتقال الديمقراطي الذي يحيل إلى التحول والتبدل، وهو ليس مسارا أحاديا يسير في منحى متصاعد نحو ترسيخ الديمقراطية وإنما يخضع لهزات فقد يعرف نكسات عدة، وهو مفهوم مسيس أكثر مما هو مفهوم سياسي، وعلى الرغم من تعدد نماذج التحول الديمقراطي فإنه من الحري بنا أن نتساءل متى؟ وأين؟
كما أن الديمقراطية يمكن قياسها في كل بلد-بلد، من خلال مدى تحقق الفصل بين السلط وضمان الحقوق والحريات العامة، وشفافية الممارسة السياسية... بينما الإنتقال الديمقراطي يبقى غامضل يصعب قياسه، وغالبا ما يروج هذا المفهوم في الدول النامية لتلبيس البنى السياسية العنيفة والعتيقة وتقنيعها، وعليه فان الإختيار الديمقراطي المسرح به قانونيا لا يعكس في واقع الحال الفعل الديمقراطي، خاصة وأن هذا المفهوم يكون نازلا من القمة، والشعوب لا تختار سوى الديمقراطية وليس غير الديمقراطية، لكن الأنظمة السياسية تريد أن تستنزف قضية الديمقراطية في مسار طويل وغامض يخضع لمزاجها ويديمم مصالحها، وعلاقة الديمقراطية بالتنمية علاقة ثابثة ومتلازمة، فالأولى تعني توسيع حريات الإنسان وإختياراته وضمان حقوقه، مما يسهم في ترسيخ الشعور بالانتماء والمواطنة الصادقة لدى المواطنين ويدفع بهم لمزيد من الرغبة في التقدم والترقي، كما أنها ترسخ الثقة بين المواطن والدولة وهذه الثقة ضرورية، لبناء أي مشروع ترابي كيفما كانت طبيعته، وتتعزز هذه الثقة كذلك بالمشاركة الايجابية والفاعلة، والتنمية لا تنضج الا في مثل هذا الجو المفعم بالثقة وحب الإنتماء والمبادرة، وإلا فإن غياب الثقة يؤدي الى نزيف الكفاءات وتزايد التشنجات، فالدولة تنظر الى المواطن كخطر يهددها، بينما المواطن لا يرى في الدولة سوى مؤسسة معبرة عن قوي سوداء تسعى لمصادرة حقوقه وتهدد رزقه ووجوده، وفي خضم ذلك سيكون مأل المشاريع التنموية الفشل، لأنها ستخضع للمزايادات الضيقة،
لذلك على الفعل التنموي أن ينطلق من هذا الأساس، لإعادة الثقة بين المواطن والدولة وكذا بين مختلف الفاعلين على صعيد كافة المستويات الترابية، والذي لن يتأتى في نظرنا الى من خلال الفعل الديمقراطي الرصين. ولا ينبغي أن تكون هذه الديمقراطية ممثلة في مجرد قوانين ومؤسسات بروقراطية، بل أن تكون ممتدة ومتجذرة في الوعي الجماعي، وأن تتحول إلى شعور وطني، فكل مواطن ينبغي أن يثبت له شعور ممارستها، وذلك حتى يتم إعادة ربط المواطنين بمؤسسات الدولة التي ينبغي أن تكون في نهاية الأمر انعكاسا لإرادتهم وسلطتم.
كما أن بناء المشاريع التنموية ليست مهمة أي مؤسسة أو سلطة، لكنها مهمة الأمة جمعاء، بحيث يجب فتح حوار وطني شامل وتنظيم ندوات ومناظرات وطنية من شأن الكل أن يتباحث حول إيجاد السبل والشروط الموضوعية لتحقيق الإقلاع التنموي، طبعا ذلك في جو ديمقراطي هاديء يعتمد على مبدأ التشارك الشامل والحوار الهادئ.. وذلك حتى لا نعيد أخطاء الماضي، وحتى لا تصبح النماذج التنموية عبارة عن توجهات لمصالح ضيقة، تصبغ تعسفا بالصبغة الترابية، لآن الديمقراطية وحدها الكفيلة يتجاوز كل الأخطاء واعطاء نفس جديد لمسار جديد، وبعبارة أوضح يطرح الإصلاح السياسي كضرورة حتمية لبناء نماذج التنمية الترابية، لذلك لا ضمانة تقدم لمستقبل التنمية في بلادنا في ظل العمل بالمقاربة الأمنية وعسكرة الفضاء العام والتضييق على الحقوق والحريات العامة، واستمرار القوى المعادية للتغيير.. إن التنمية بنت الحرية بالولادة.
- الثقافة المدنية والعنصر البشري المؤهل: هناك مفارقة ضخمة بين الدعوات المستمرة لبناء العنصر البشري المؤهل، وما يبرز في الواقع، حيث أن شرائح واسعة من المغاربة تتفشى بينهم الأمية الأبجدية، ويعيشون أزمة هوية حقيقية، فأغلب الكفاءات والخبرات تتعرض لنزيف الهجرة، بالإضافة إلى سيادة أنماط ثقافية وقيمية من العصور الوسطى تعرقل التنمية مهما كانت طبيعتها، هذا مع ضبابية المنظومة التربوية وغاياتها، مما يطرح اشكالات كبيرة على مستوى بناء وتأهيل العنصر البشري، إن التوجس من إصلاح المدرسة الوطنية نظرا لدورها في الصراع والتغيير الإجتماعي حاضر بقوة في كل التدخلات والتدابير التي تعرفها المدرسة، بحيث يتم تغييب الأولويات والوظائف المرتبطة بالجودة والكفاءة، والتركيز على المعطيات الكمية الفارغة من كل معنى.. ودون أن تصل إلى مستوى تغيير العقليات والقيم بل الحفاظ على السائد واستمراريته، فالعنصر البشري غير المؤهل سلوكيا ومعرفيا يعيش أزمة هوياتية وقيمية وثقافية من خلال الشعور بالدونية وعدم الإكتراث وغياب المشاركة الفعالة... يشكل مشكلة عويصة لتحقيق أي تنمية(5)، ثم الثقافة المدنية، إذ يلاحظ وجود تهميش ممنهج لدور المجتمع المدني في العملية التنموية، والتغاضي عن أهميته البالغة في ضمان نجاعة الفعل التنموي.
والخلاصة المستفادة، فإن تبني التصورات الحديثة للتنمية والترويج لها إعلاميا وقانونيا لا يعني بتاتا إمكانية ممارسة ذلك في الواقع، حيث تتحصن البنى التقليدية والمصالح النخبوية، والتي تتخذ من المعطى التنموي إيديولوجيةً لتلبيس البنى العتيقة والممارسات اللامسؤولة، فعلى الرغم من كل ما يقال فالواقع يثبث أن المغرب يشارف على سكتة قلبية سواء على الصعيد الاقتصادي (تباطؤ وثيرة نمو الاقتصاد الوطني-تزايد ثقل المديونية و كذلك تفشي حدة الريع) أو على الصعيد الاجتماعي (الفقر والحرمان والبطالة...)، فالفعل التنموي في المغرب يوطد التبعية والفوارق الإجتماعية والمجالية، وهي لا تعبر عن فشل المقاربات والتصورات، بقدر ما تعبر عن إفلاس البنية السياسية ذاتها، والتي تخوض اليوم سياسة المعالجة بالصدمة تنفيذا لتوجيهات وتوصيات المؤسسات المالية العالمية، وتعلن بوجهها القبيح عن فشل النموذج التنموي المغربي، وكأن دورها مقتصرا على تقييم النماذج والحكم عليها، على الرغم من أنها هي المسؤولة أولا وأخيرا عن هذا الفشل، أولم يكن مشروعها الذي روجت له من قبل؟

بعض المراجع

(1) دستور سنة 2011
(2) القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية، القانون 111/12 الخاص بالجماعات، والقانون 111/13 الخاص بالعمالات، والقانون 111/14 الخاص بالجهات.
(3) إدالي محسن وأخرون؛ المشروع الترابي وجدلية الممارسة والتنظير، مقاربة سوسيو جغرافية ثقافية انتخابية؛ المشروع الترابي أداة إستراتيجية للتنمية المحلية حالة جماعة إغزرن بصفرو، 2015 صفحة 102
(4) نشوي المصطفى، وحدة الجهوية وحهوية الوحدة بالمغرب: الريادة في الذكاء الترابي الاستراتيجي مطبعة الصباح الجديدة الدار البيضاء (2011)، صفحة 76
(5) نفس المرجع (3)









#عادل_امليلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأستاذ الجامعي بالمغرب، من الوظيفة التربوية إلى الممارسة ال ...
- هل يعاني المغرب من مأزق إجتماعي أم أزمة ضمير سياسي؟
- ما هو التنوير؟
- المرجة والحراث


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل امليلح - التنمية الترابية بالمغرب ملاحظات منهجية