أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الشفرة وأم كريمة














المزيد.....

الشفرة وأم كريمة


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6609 - 2020 / 7 / 3 - 00:40
المحور: الادب والفن
    


المشرط

قبل تعرُّفي على السِّيجارة اِستعملت طريقة الشفرة والمِشْرَط كي أُخشِّن من جسدي ليصير أكثر رجولة، كنت أحفّ بشفرة الحلاقة سطوح أظافر يديّ وقدميّ حتى تصير مُخرّشة قاسية عنيفة، أما جسمي فقد جرَّحته بالمِشْرَط وتركت فيه علامات لا تُمحى، شطّبت ذراعيّ العلويين وساعديّ، ظهر يدي، بطني وصدري من جهة القلب، كان الدم ينز من أنحاء جسدي وأنا أرقب تلك النوافير بحبور وتشف، لم أسعَ إلى تطبيب جروحي أو تطهيرها، كنت أتلذّذ بالدَّم النازّ وبتفتق الأنسجة وتفسُّخ الجلد.
لم أكتفِ بهذا كله بل أبيت في تلك الأيام أن أزور عيادة طبية أو مستشفى للمعالجة فيما إذا اِنكسر إصبع يدي أو قدمي أو سناً من أسناني أو جُرحت شفتي خلال مشاجراتي العنيفة في الشوارع أو أثناء ممارستي لرياضة القتال الفردي.
كنت أفضّل أن تكون تفاصيل جسدي ملتوية مشوَّهة بشعة على أن تكون مستقيمة مستوية ومتناظرة وأنيقة.
كنت منذ طفولتي مؤمناً أنَّ جاذبية الإنسان تكمن في اللاتناظر واللاستقامة واللاأناقة.
ندمت لاحقاً لأنَّ الجروح والكسور أوجعتني، بقيت ترافقني حتى أضحت مع الأيام نَدَبات وتشوهات شاهدة على قبر مراهقتي.
**

رغبات أم كريمة

في ذلك الصباح الباكر حدث أن مرّت أم كريمة بأرضهما لتختصر الدرب الموصل إلى أرضها، لمحته تحت شجرة الزيتون قرب الكوخ الذي بناه في الأرض وقد تكوَّر فوق جسد زوجته جميلة التي طفقت تعوي من السعادة.
لم تشعر أم كريمة بنفسها إلا وقد اختبأت خلف جذع شجرة قريبة لتسترق النظر إليهما أو كي لا تجفل رغبتهما، نهض إبراهيم وشاهدته أم كريمة بأم عينها كيف هزّ غصنه بيده اليسرى، فولّت هاربة كأنَّها لم تر إلا سراباً يحسبه الظمآن ماءً، لمحها إبراهيم وضحك هَازّاً رأسه بمرح وانتشاء.
بعد أن وصلت أم كريمة إلى أرضها وخفّ اضطرابها قليلاً أخذت تمرش حبّات الزيتون بيديها وبالسرعة نفسها تضعها في حرجها وهي تُعيد ترتيب وتركيب المشهد الصباحي كما أراد لها عقلها أن تتصوَّره.
بعد حوالي الساعتين وصل زوجها وابنتها كريمة والأرامل الثلاث اللواتي يساعدن في جني المحصول مقابل حصولهن على بعض مؤونتهن من الزيت، انتهزت أم كريمة فرصة انشغال الجميع وصمتهم فأخذت تروي لهم ما شهدت، فقالت: مررت في غَبَش الصبح بأرض إبراهيم كالعادة والبطيخة على رأسي، رأيت الحَيّة، كانت جالسة مثل عروس تحت شجرة زيتون، لفّت جسمها الطويل الرشيق وشكّلته على هيئة حلقات كثيرة، وذكرها يقبع خلفها وفي رأسه الشامخ قرن يلمع ويتحرك في كل الاتجاهات...
حينها قاطعها الشيخ أبو كريمة قائلاً بقرف واشمئزاز: ما هذا الحديث الفارغ، كلمة من الشرق وكلمة من الغرب، وأنت تظنين أنك تحكين شيئاً مهماً وتسلين به من هم حولك، اغلقي فمك يا بلهاء ودعينا نعمل.
اِحمرّ خدَّا المسكينة أم كريمة وقالت بحنق: وحق المنتقم الجبَّار والشيخ قليعة بالوديان لو صار قرنه بثخانة جذع الشجرة لا طمع لي به، أحبّبت أن أسلّيكم وأقصّ عليكم ما رأت عينايّ لا أقل ولا أكثر.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للكبار فقط
- الاِسْتِئْنَاس
- الرجل الحلبي
- علي الريحان
- قراءة نقدية في حجر الجلخ
- يوميات ملازم -4-
- يوميات ملازم -3-
- يوميات ملازم -2-
- يوميات ملازم -1-
- الحب والغباء
- المُستَبِد اللطيف
- الجَلاَّد الحنون
- هاني أبو المجد
- يا من لم يعرفني قَطّ
- مقتطفات من كتبي
- في المهجع
- فول أخضر
- حصاد الحقل الإلكتروني
- السيدة كورونا
- المثلث


المزيد.....




- مصر.. وفاة الأديب صنع الله إبراهيم عن عمر يناهز 88 عاما
- -وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية-.. وفاة الأديب المصري صنع الله ...
- الحنين والهوية.. لماذا يعود الفيلم السعودي إلى الماضي؟
- -المتمرد- يطوي آخر صفحاته.. رحيل الكاتب صنع الله إبراهيم
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عاما
- وزارة الثقافة المصرية تعلن وفاة -أحد أعمدة السرد العربي المع ...
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- من السجن إلى رفض جائزة الدولة… سيرة الأديب المتمرّد صنع الله ...
- العراق يدرج موقعين في بغداد ضمن لائحة التراث العربي


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الشفرة وأم كريمة