أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - علي الريحان














المزيد.....

علي الريحان


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 02:32
المحور: الادب والفن
    


في زمن مضى كان جدي الأكبر علي الآس مختاراً لقرية الهويّة الواقعة أعلى جبال العلويين تحت مقام النبي يونس والقريبة من بلدة صلنفة، وملّاكاً لقطيع من الأغنام والبقر، كان يقضي جميع مشاويره وتحركاته على فرس أبيض يملكها، في أحد أيام الشتاء هطل الثلج في منطقته حتى أصبح علوه أكثر من متر، كان قطيعه والرعيان المسؤولين عنه خارج القرية، يومها ركب علي الآس فرسه وخرج باتجاه الجبال للبحث عن رزقه وهو ينادي بأعلى صوته "يا سيدي يا نبي الله يونس لك مني سبعة عجول بقر إذا أعدت لي قطيعي سالماً". بعد ساعات قليلة اِنقشعت السّحُب فعلاً، صارت السماء مفتوحة وخفّ تساقط الثلوج، وعاد المختار علي إلى القرية سالماً غانماً مع كامل قطيعه دون خسارات. في اليوم التالي ذبح عجلاً واحداً، وحين سُئل من شيخ القرية وبعض الفضوليين عن السبب الذي منعه من ذبح العجول السبعة كما وعد، ردّ عليهم قائلاً: "أعتقد أن النبي يونس سيكون راضياً بعجل واحد مخصيّ". منذ ذلك الوقت لقبّه أهل القرية باسم علي المخيصي.
**
كانت نجيبة معروفة بإجادتها للغة التَشْبِير وتفوهها العفوي بعبارات لا معنى لها، ذات يوم ذهبت مشياً على قدميها أكثر من ساعة، من بيتها إلى قرية مجاورة، لتقديم التعزية بوفاة أحد الأقارب، بعد مكوث قصير في غرفة العزاء والمواساة قامت نجيبة عن قعدتها على البساط راغبةً بالذهاب، نهضت بقية النسوة معها لوداعها وشكرها على قيامها بالواجب، نظرت إليهن بحرجٍ، رفعت يديها مُلوِّحة في الهواء أمام الوجوه الحزينة وقالت بصوتها القروي: "اِقعدن، اِقعدن، الله لا جعلكن تقمن!". (لعلها ودَّت أن تقول: لا تعذبن أنفسكن بالنهوض لأجلي!). لم تكن عفويتها هذه نادرة الحدوث، فقد حصل أن راحت إلى تعزية أخرى قبل ذلك، وحين شربت القهوة وجدت نفسها تقلب الفنجان لتبصِّر! وآن نهضت لتغادر قالت للنسوة: "عقبى لأولادكم إن شاء الله". (ولعلها أرادت القول: العمر لأولادكم).
**
نعلم أن هناك من يفرح لموت زوجته، لكن هل ثمة من يفرح لموت أمه!؟ من يجرؤ على الاعتراف بأن موت أمه أفرحه أو يفرحه أو سيفرحه؟ حتى في المسلسلات التلفزيونية لا يجرؤ الممثل على تبَنِّي مثل هذا الدور، سيغضب منه المشاهد حتماً وسيلعن السيناريست وكاتب القصة على فكرته الرديئة وقد يمتعض ممتنعاً عن متابعة ما سيأتي لاحقاً، لكن ومع هذا قد يحصل أن يكره الولد أمه وأن يفرح لموتها، حين لا يشعر أنّ حنانها يفيء عليه وحبها وأمانها يظلّلانه أو حين لا يسمع صدى صوتها يرنّ في أذنيه ولا يذكر إن كان ناعماً أو قاسياً أو دافئاً أو شفوقاً عطوفاً.
**
حدث التخريب الثاني عندما اِقتلع صديقي الأشتر شجرة التوت الوارفة من جذورها، بعد أن كان قد ردم بالاتفاق مع أخيه البئر الذي امتلكاه مناصفة، سَقَف باحة الدار التي كانت وحدها مصدراً للتهوية والإنارة، وأشاد فوق السقف غرفة رابعة، كما نصحه المعمرجي، صار بيته مُعتماً لا تدخله أشعة الشمس، صار جافاً لا يتسرب إليه مطر الشتاء، حتى تلك الفتحة التي كان يرى منها المارّة في الشارع أغصان شجرة التوت أغلقها الأشتر بحائط رماديّ دون أن يعي ما صنعت يداه. صار بيته مثله، مثل مُكَعَّب هندسي جميل بعين واحدة.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في حجر الجلخ
- يوميات ملازم -4-
- يوميات ملازم -3-
- يوميات ملازم -2-
- يوميات ملازم -1-
- الحب والغباء
- المُستَبِد اللطيف
- الجَلاَّد الحنون
- هاني أبو المجد
- يا من لم يعرفني قَطّ
- مقتطفات من كتبي
- في المهجع
- فول أخضر
- حصاد الحقل الإلكتروني
- السيدة كورونا
- المثلث
- المنحنى الأُسّيّ
- الكمَّاشة
- شيء أحمر كالقلب
- عن غسيل الزيزفون


المزيد.....




- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - علي الريحان