أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - في المهجع














المزيد.....

في المهجع


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 17:47
المحور: الادب والفن
    


امرأة تندب حظَّها المنكُود

سألْتني اليوم ما هو الخطأ في حياتي، بعد أن فكرت بسؤالكَ هذا كثيراً وجدت أن خطأي الأول هو أنني ظلمت نفسي وأعطيت العمل والدراسة والأصدقاء والناس معظم وقتي ولم أتفرغ أبداً لحياتي الخاصة بل أهملتها إلى أبعد حد ممكن، وخطأي الثاني حدثَ حين قرّرت أن ألتفت إلى حياتي الخاصة فصدّقت من لا أعرفه ووثقت به وبكلامه ونسيت الدنيا لأتذكّره فقط، وها أنا أعيش بسببه حالة عذاب أرهقتني إلى حد كرهت فيه نفسي، همّي الوحيد اليوم أن أنساه وأبتعد عنه.
**

لنناضل من أجل الأجمل

في إحدى المرات كنا نجلس في غرفة صديقنا الحميمة والمتواضعة والمبنية على سطح بيتهم، وكنا كما كانت عادتنا في المراهقة نتكلم في السياسة همساً وسراً، نتكلم عن الاتحاد السوفياتي والصين والأحزاب الشيوعية والأممية والبروليتاريا الرثّة، عن النضال ضد الرأسمالية والديكتاتورية، عن رموز الفساد وعن القمع وسجناء الرأي وظلم السجون ...

المهم، بعد الكأس الثالث فتح صديقنا ومضيفنا عينيه المتأملتين على وسعهما، داعب شاربه الخفيف وقال بهيبة وهدوء وكأنه يُلقي شعراً:
"أحبائي، رفاقي، أحلم أن نستيقظ ذات صباح لنرفض جمال هذا الكون ولنتتطلع ولنناضل من أجل الأجمل."

فتحنا أفواهنا مدهوشين وأخذنا نحدِّق فيه وبكيفية نطقه للكلمات، التي تصلح أن تكون شعاراً سياسياً، كي تسجّلها عقولنا البريئة والمتعطشة للأسرار الثورية. كان تأثرنا بالمقولة التي أحببناها على الفور واضحاً، فقد شربنا كؤوسنا لحظتها كعباً أبيض حتى الثمالة.
وحين سألنا الصديق بفضولنا المعتاد - متمنين في أعماقنا أن تكون هذه الكلمات هي كلمات ذاك السجين السياسي، الرفيق الذي كنا نحبه ونرغب أن نسير على خطاه دون أن نكون قد التقيناه في حياتنا أو سمعنا حديثه - من تراه يكون قائل هذه الكلمات الرنَّانة!

حينها أغمض صديقنا عينيه السوداوتين، صمت لوهلة وكأنه يحتكر سراً سياسياً، هرش ذقنه الغيفارية بوقار راثياً لجهلنا، ثم وبدون أن يفتح عينيه خاطبنا بلغة الإشارة والغمز ما معناه: هو - وكان يقصد بذلك السجين الي أحببناه - من كتبها ونطقها على الملأ، ومن يستطيع غيره أن يفعل!؟
وكأنه أراد أن يشبع فضولنا وحسب.

المهم وإلى الآن لا أعرف قائل هذه الكلمات، لعله محمود درويش أو سميح القاسم!
لكننا كنا مراهقين ونصدّق كل شيء.
**

في المهجع - مقتطف من قصة جديدة


في المهجع نفسه تواجد شاب متدّين طيب نزق سريع الغضب، لم يألفه الآخرون رغم محاولاتهم بالاقتراب منه ولم يألف أحداً بدوره، كان صامتاً صبوراً، يعيش في قوقعته الخاصة، يصلِّي على سريره بعيون مغلقة في وضعية استلقاء واسترخاء، لم يرغب بالتكلم إلى أي شخص كان إلا نادراً.

كان المهندس أبو خالد - القادم من ريف مدينة دير الزور - رجلاً طويل القامة، صغير الرأس، ضيق المنكبين، عريض الحوض، كان عظم حوضه أعرض من كتفيه بشكل واضح، نظارته الطبية السميكة طالما أوحت للآخرين وكأنه وُلد بلا عينين، وكان لديه آلام مزمنة في الركبتين، في الفخذين وفي الظهر، ومع هذا كان يمارس كل أشكال العقوبات الجماعية القاسية مجبراً، يتحملها دون أن يتململ أو يصرخ أو يعترض، ثم يعود إلى سريره في المهجع منهكاً ودون أن يغتسل كأنه يتوسَّل فرشته لتحتضنه من العذاب وآلام العظام ولتسمح له بالنوم فوقها لدقائق.

ذات يوم حدث ما سيندم عليه أحمد لاحقاً، كان دوره في نوبة الحراسة والإشراف على توزيع الطعام وتنظيف الآواني من بقايا الأطعمة وجليها، كان متعباً من السهر والعمل، منزعجاً من خدمته، آن دخل إلى المهجع خلسة ليستريح لوهلة تناهى إلى مسمعه أن أبو خالد يتّهمه بالتهرُّب من مسؤوليته في المطعم وواجبه في جلي الطناجر والقَصْعات.

اقترب أحمد من زميله أبو خالد مستفسراً غاضباً، طالباً منه الاعتذار بالتي هي أحسن، لكنه رفض الاعتذار والسجود والخشوع إلا لله وحده ثم صرخ في وجه أحمد رافعاً يده مهّدداً بالضرب، ردة فعل أحمد كانت أسرع بكثير، لكَمه على وجهه بقبضة يده اليسرى، ضربة واحدة لا غير وخَرَّ أبو خالد على الأرض صعقاً مغشياً عليه.

نهض زكريا، الذي كان يراقب كل حركة وإيماءة ونأمة، من سريره وهو ما يزال مرتدياً بذلته العسكرية كحال جميع الطلاب المجندين، جلجلت ضحكته المرحة في أرجاء المهجع وقال: ما شاء الله يا أحمد، مهارة وبراعة وخِفَّة يد. ثم اقترب من أبو خالد المُسجّى على بلاط المهجع، فتح له فمه فنزّ الدم منه، ثم بَلَّل منشفة بالماء وراح يدلك ويرطِّب له جبينه وعينه التي ازْرَقَّت من اللكمة.

شعر أحمد بتأنيب الضمير والخوف من عقوبة عسكرية قادمة لا محالة، بعد دقائق قليلة أفاق أبو خالد من إغماءته، سارع أحمد إليه محاولاً مساعدته على النهوض، لكن الأخير رفض المساعدة ودمدم بكلمات تهديدية.
كان الوقت بعد الظهر، نهض أبو خالد، سوّى سيدارته فوق رأسه المُدوَّر الصغير ومضى في طريقه إلى مكتب العميد جابر صبحة، رئيس كلية الشؤون الفنية.
**

قاعدة لغوية
أثناء كتابة الخواطر الأدبية يترك بعض الأصدقاء المميزين فراغاً/مسافة بين حرف الواو والكلمة التي تلحقه، وفراغاً آخر بين نهاية الكلمة وعلامة الترقيم التي تأتي بعدها(الفاصلة، النقطة، علامة الاستفهام الخ.).
في الحقيقة يحيرني هذا الفراغ المتروك وأجده من ناحية الشكل والحجم خاطئاً.
أنا لا أتركه في العادة وبهذا أوفر مكاناً في السطر وأجد تنسيق النص أجمل.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فول أخضر
- حصاد الحقل الإلكتروني
- السيدة كورونا
- المثلث
- المنحنى الأُسّيّ
- الكمَّاشة
- شيء أحمر كالقلب
- عن غسيل الزيزفون
- متفرقات
- وباء التاج الذهبي
- الهاربون
- هدية إلكترونية
- أسئلة وأجوبة للكويتية
- لوحده
- الله كبير
- طقوس الكتابة عند علي إبراهيم دريوسي
- ما الذي تفكرُ به أريج؟
- صورة العائلة
- مقتطفات
- عشاء رأس السنة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - في المهجع