أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - صورة العائلة














المزيد.....

صورة العائلة


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6472 - 2020 / 1 / 25 - 17:49
المحور: الادب والفن
    


يجلس الأب إبراهيم في الصورة على كرسي لا تظهر معالمه، مازال في بداية عقده الخامس، مشّط شعره بعد أن بلّله بالماء، شيب خفيف يظهر في مقدمة تسريحته، جبهته عريضة خالية من التجاعيد، حاجبه الأيمن أعلى من الأيسر بقليل، أنفه شامخ بفتحتين كبيرتين نسبياً، أذناه كبيرتان رجوليتان، العينان صغيرتان عابستان قليلاً، تجعيدة على شكل قوس تظهر في وجنته اليسرى موحية بقدرته على الغضب، الشارب الأسود مقصوص بعناية، جهتاه غير متناظرتين، شفتاه جادتان مغلقتان كما الزر الآخير في قميصه المُغلق بإحكام، ارتدى فوق قميصه المُقطَّع جاكيت طقمه، يداه الحديديتان مسترخيتان وإن بدا أنَّه يحاول بظهر يده اليمنى حماية طفلته ديمة التي لم تتجاوز عامها الثاني، المولود السادس، من احتمالات اختلال التوازن والميلان إلى جهته والوقوع في حضنه، كانت قد أُجلِست بينه وبين الأم، بنت حلوة راحت تمص أصابع يدها اليسرى بينما استرخت أصابع يدها اليمنى على رجل أمها، عيناها كبيرتان سوداوان، شعرها مُمشط ومقسوم إلى جديلتين مربوطتين بشريطة بيضاء، الأم واسمها جميلة في نهاية عقدها الثالث، حنطية البشرة، معالم وجهها صارمة، أقرب للعبوس، عيناها جميلتان كاسمها، أنفها يشبه أنف زوجها، شفتاها رقيقتان، ترتدي فستاناً مُعرّقاً وإشارباً أبيض اللون بانت منه مقدمة شعرها الأسود، تجلس الأم على كرسي، تحتضن بيدها اليمنى ذراع صغيرها عادل، مولودهما الخامس، وباليسرى تمسك برفق ذراعه العلوي، من أصابع يدها يطل خاتم الزواج عربون حب ووفاء، والطفل عادل يقف بين أمه وأخته، بدا عليه الغموض بنظرته الحزينة التي تخفيها نظارة طبية معتمة كموسيقي أعمى، يرتدي قميصاً بأزرار أربعة بيضاء يشبه صدرية الروضة بلون سماوي، أنفه كأنف أبيه، شفتاه مسترخيتان هازئتان، على يسار الأب تجلس ابنتهما البكر سميرة وعلى يمين الأم تجلس ابنتهما الثانية منى التي جاءت إلى الحياة بعد الأولى، في الفجوة بين الأم والأخت الثانية وخلفهما وقفت الأخت الثالثة رويدا، في الفجوة الكائنة بين الأب والأم وخلفهما وقف صبي أسمر بعينين واسعتين، حسن، مولودهما الرابع.

هجس عادل لنفسه وهو يدخّن سيجاره ويرتشف من كأسه: كنا ستة أولاد وصرنا أحد عشر. الوَقْت يمضي بسرعةٍ عالية لا يتحمَّلها بعض رُكّاب الحياة، أين نحن منهم ذاك الجيل الجميل، كانوا فقراء ويعملون ليلاً نهاراً ومع هذا كانوا كرماء، بنوا أسراً، أنجبوا أطفالاً وعمّروا بيوتاً وهم في عمر الشباب، أما أنا وأمثالي فقد سقطنا في دوّامة الأنانية والبخل الإنساني، حصلنا بجهودنا على العلم والعمل والمال والطمأنينة، لكن حياتنا فارغة، لا معنى للحياة دون أطفال، وشمس العمر تأفل غير راضية عن نشاطنا وإنجازاتنا، يا خسارة كم أتيح لي من الفرص لأبني عائلة ولم أستثمرها. إذا كانت النشوة هي أن تصبح المرأة أماً، فالكرامة هي أن يصبح الرجل أباً.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتطفات
- عشاء رأس السنة
- العباءة السوداء
- فرس النبي
- صوتك
- لا أعرف مدينتي
- عادة عسكرية
- هندسة وصفية
- البيان الطلابيّ
- هكذا يفكر جورج
- برغل ناعم
- تربية سوداء
- حوار قصير عن حجر الجلخ
- اعترافات لم تكتمل
- روائح طيبة
- غسيل زيزفون
- اعتقال الفصول
- عن الرأسمالية الشريفة
- قصيدة أبراهام
- قصيدة إِنْزيغْتن


المزيد.....




- ترامب يدعو في العشاء الملكي إلى الدفاع عن قيم -العالم الناطق ...
- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - صورة العائلة